أطفال تحت القصف
يتعرض الأطفال للأذى في النزاعات عبر أنحاء العالم. لا يسعنا قبول هذا على أنه "الوضع الطبيعي الجديد".

في جميع أنحاء العالم، تتواصل الهجمات على الأطفال بلا هوادة. وعدد البلدان التي تشهد صراعات عنيفة الآن هو الأعلى منذ 30 عاماً. وقد أدت الصراعات إلى نزوح أكثر من 30 مليون طفل؛ يتعرض كثيرون منهم للاستعباد والاتجار وسوء المعاملة والاستغلال. ويعيش كثيرون منهم منسيين: دون وضع قانوني رسمي في بلدهم الجديد وعاجزين عن الوصول إلى التعليم والرعاية الصحية. من أفغانستان إلى مالي، إلى جنوب السودان واليمن وغيرها الكثير، تغض الأطراف المتحاربة الطرف عن إحدى أهم وأبسط قواعد الحرب: حماية الأطفال.
لقد أصبح الأطفال أهدافًا على الخطوط الأمامية. إنها أزمة أخلاقية في عصرنا: يجب ألا نقبل هذا قط على أنه "الوضع الطبيعي الجديد".
تهدف اليونيسف إلى دعم 191 مليون طفل ممن يعيشون في أوضاع طوارئ في عام 2021
يتعرض الأطفال في أوقات الأزمات لأشد المعاناة، ولم تكن جائحة كوفيد-19 استثناءً، إذ يتصاعد الفقر وسوء التغذية، ويتعاظم انعدام المساواة، كما قَلبتْ الجائحة الخدمات الأساسية التي توفر الصحة والتعليم والحماية لأطفالنا ويافعينا رأساً على عقب.
وحتى قبل وقوع الجائحة، كانت النزاعات وتغيّر المناخ يؤديان إلى تزايد غير مسبوق في عدد الأطفال المحتاجين لمساعدة إنسانية. والآن، تؤدي جائحة كوفيد-19 إلى زيادة الوضع سوءاً، وتهدد بخلق جيل ضائع.
يُحدِّد تقرير العمل الإنساني من أجل الأطفال للعام 2021 الصادر عن اليونيسف جدول أعمال طموح يتناول معظم التحديات التي تواجه الأطفال الذين يعيشون وسط النزاعات والأزمات.
ولكن الأطفال واليافعين الذين يعيشون في أوضاع الأزمات لم يفقدوا الأمل، ولم يتخلوا عن أحلامهم ومستقبلهم. وعلينا مسؤولية جماعية بأن نستجيب إليهم.
العمل الإنساني من أجل الأطفال: أهداف 2021
تسببت جائحة كوفيد-19 بأزمة في التعليم، إذ عطّل إغلاق المدارس تعليم نحو 90 بالمئة من الطلاب في جميع أنحاء العالم. وأدى ذلك إلى زيادة صعوبة التعليم للأطفال المهجّرين أو المتأثرين بأزمات إنسانية. ففي فنزويلا، ترك أكثر من مليون طفل الدراسة، ويواجه ملايين الأطفال الآخرين خطر الوقوع في المسار نفسه.
ويؤدي انعدام الاستقرار الاقتصادي وتعطيل الخدمات إلى تراجع التقدّم الذي تحقّق على امتداد عقود، بما في ذلك الكفاح ضد سوء التغذية — فقد شهد اليمن زيادة بنحو 10 بالمئة في حالات سوء التغذية الحاد.
وفي الوقت نفسه، تؤدي النزاعات وتغيّر المناخ وانعدام الاستقرار الاقتصادي إلى إجبار عدد من الأطفال يفوق أي وقت مضى على ترك منازلهم. ففي منطقة الساحل الوسطى، اضطر أكثر من مليون طفل إلى الفرار من جراء النزاعات المسلحة وانعدام الأمن — بزيادة بلغت 64 بالمئة عن عام 2019.
وباتت إمكانية وصول المنظمات الإنسانية مهددة باطراد، سواءً نتيجة لأعمال متعمدة في النزاعات أو بسبب القيود الجديدة المرتبطة بالجائحة. وباتت الخدمات الأساسية تتحمل ضغوطاً أكبر، وأدت إجراءات ملازمة المنازل إلى تقييد الجهود الرامية إلى الوصول إلى الفئات السكانية الأشد ضعفاً. ورغم هذه التحديات، ستواصل اليونيسف وشركاؤها العمل بلا كلل لدعم الأطفال الأكثر ضعفاً وأسرهم، بما في ذلك النازحون واللاجئون والمهاجرون والأشخاص المتأثرون بالنزاعات أو الكوارث.
تشمل النتائج الإنسانية الرئيسية منذ منتصف عام 2020 ما يلي:
وفي أعقاب انتشار كوفيد-19، عبّأت اليونيسف جهودها فوراً للحد من انتشار الفيروس وضمان استمرارية الخدمات المنقذة للأرواح. وهذا يشمل تزويد العاملين الصحيين بمعدات الحماية الشخصية وأجهزة توليد الأكسجين؛ وإعادة تأهيل المدارس في سوريا؛ وتوفير مياه مأمونة لآلاف الناس المتأثرين بالفيضانات في جنوب السودان؛ ومعالجة أكثر من 350,000 طفل يعانون من سوء التغذية الحاد في منطقة الساحل الوسطى.
وضاعفت اليونيسف جهودها أيضاً لضمان تعليم كل طفل، وتوسيع إمكانية الوصول إلى التعليم للاجئين الروهينغا، والتعاون مع الشركاء لابتكار حلول لتوفير التعلّم عبر الإنترنت والتعلّم عن بُعد لملايين الأطفال غير الملتحقين بالمدارس في جميع أنحاء العالم. اعرف المزيد عن استجابة اليونيسف للتصدي لكوفيد-19 من هذا الرابط.
لقد آن الأوان لنقول "كفى!"
يحتاج الأطفال، في المقام الأول، للسلام كي يزدهروا. ومن المهم، لمصلحة الأطفال، مضاعفة جهود إنهاء النزاعات المسلحة الدائرة حالياً. ولكن ليس بوسع الأطفال انتظار الحصول على الحماية – وفيما تستعر نيران الحروب، يجب ألا نقبل أبداً بالهجمات ضد الأطفال.
بعد مرور ثلاثين سنة على إقرار اتفاقية حقوق الطفل، وسبعين سنة على إبرام اتفاقيات جنيف الأربعة – وهي تمثل الأساس القانوني الدولي لحماية المدنيين في وقت الحرب – آن الأوان لنقول "كفى! أوقفوا الاعتداءات على الأطفال".
ما الذي بوسعنا جميعاً فعله لتحقيق التغيير:
بوسع المواطنين في كل مكان أن يبدأوا بعدم إشاحة أبصارهم عن معاناة الأطفال إذ تبدو بعيدة جداً أو لأن سياسات النزاع معقدة جداً.
يجب أن نصرّ في مطالباتنا للقادة الوطنيين والدوليين على أن حماية الأطفال أثناء النزاعات المسلحة هي حجر الأساس لإنسانيتنا المشتركة.
يجب أن نطالب بقيادة مستعدة للتصرف من أجل منع الاعتداءات والعنف ضد الأطفال العالقين في مناطق الحروب.
يجب على الحكومات وجميع أطراف النزاعات الدائرة أن تعمل على الوفاء بالتزاماتها بحماية الأطفال وتمكينهم من الوصول إلى خدمات الاستجابة المتخصصة للأطفال المتأثرين بالعنف.
يجب أن تحصل المجتمعات المحلية في المناطق المتأثرة بالنزاعات على الدعم لإقامة بيئات قادرة على حماية البنات والأولاد.
يجب على الحكومات التي تدعم الأطراف المتحاربة أو تتمتع بتأثير عليها أن تستخدم كل نفوذها لتصر على حماية الأطفال وفقاً لمتطلبات القانون الدولي.
بوسع المؤسسات الدولية المعنية بالسلام والأمن من قبيل مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة والمنظمات الإقليمية أن تفعل المزيد لإيلاء الأولوية لسلامة الأطفال العالقين في النزاعات المسلحة ورفاههم.
بوسع المجتمع الدولي أن يفعل المزيد لدعم البرامج التي تعمل على حماية الأطفال من العنف وسوء المعاملة والاستغلال وتوفر الخدمات المطلوبة لمساعدة الأطفال على النجاة من النزاعات والتمسك بأمل تحقيق مستقبل أفضل.
ومن خلال حماية الأطفال من الاعتداءات في النزاعات المسلحة، فإننا نحافظ على جذوة الأمل، ونبدأ بإعداد الأطفال ليشكلوا مستقبلاً مسالماً لأنفسهم ولبلدانهم. وإذا ما عملنا معاً، بوسعنا أن نصد هذا ’الوضع العادي الجديد‘ الفتاك الناشئ عن الاعتداءات ضد الأطفال والحفاظ على الإنسانية.
ليس بوسع الأطفال الانتظار. يجب أن نتصرف فوراً.