متطوعات الصحة والتغذية المجتمعية: العمود الفقري للخدمات الصحية في اليمن
النظام الصحي في اليمن على شفير الانهيار بسبب النقص الحاد في الأدوية والمعدات والموظفين وإذا لم بتم توفير الدعم اللازم فسيصبح الأمر كارثياً
- متوفر بـ:
- English
- العربية
سوء التغذية هو حالة مهددة للحياة، سيما بالنسبة للأطفال الصغار، الأمر الذي يتطلب مساعدة طبية من قبل كادر مؤهل ومعالجة شاملة. مالم فقد يؤدي إلى مضاعفات صحية طويلة الأمد.
تشير التوقعات إلى أن يعاني قرابة 2.7 مليون طفل في اليمن في اليمن من سوء التغذية الحاد، بينهم نحو600,000 طفل مصاب بسوء التغذية الحاد الوخيم. معظم هؤلاء الأطفال في يعيشون في المناطق الريفية النائية ومخيمات النزوح.
ولمعالجة هذا الوضع، تلعب المتطوعات ومنهن أرزاق دوراً حيوياً في إنقاذ الأرواح داخل المجتمعات المحلية. وفي كثير من الأحيان، هن الوسيلة الوحيدة بالنسبة للأسر اليمنية التي تعيش في المناطق النائية لطلب المساعدة الطبية المؤهلة والحصول عليها.
بدأت أرزاق العمل كمتطوعة في مجال التغذية الصحية المجتمعية حين كان عمرها 18 عاماً فقط. واليوم، تشكل متطوعات الصحة والتغذية المجتمعية أمثالها رافداً قيماً للنظام الصحي في اليمن. تخضع هؤلاء المتطوعات للتدريب على أيدي اليونيسف ومكاتب الصحة والسكان المحلية في مختلف المحافظات. وبنفس القدر من الأهمية تحتفظ هؤلاء المتطوعات بعلاقات متينة مع المجتمعات التي يعملن فيها. هذا الدور جعل المتطوعات المجتمعيات كأرزاق كحلقة الوصل بين المجتمعات والنظام الصحي، من ناحية كسب ثقة الناس ورفع مستوى الوعي لديهم وتشجيعهم ومساعدتهم في طلب العون الطبي من قبل كادر مؤهل حال اكتشاف أي حالات سوء تغذية أوغيرها من الحالات الخطرة أثناء تقديم خدماتهن.
تقول أرزاق:"مهمتنا الأساسية تتمثل في القضاء على سوء التغذية بين الأطفال الصغار وزيادة الوعي بين أوساط المجتمعات المحلية... كما نعمل على الاكتشاف المبكر لحالات سوء التغذية ونساعد الأمهات على الوصول إلى العيادات المتنقلة والمراكز الصحية حيث يمكن للأطفال الذين يعانون من سوء التغذية الحصول على المساعدة اللازمة على أيدي طواقم ماهرة ومؤهلة."
لا تزال معدلات سوء التغذية بين النساء والأطفال في اليمن من بين الأعلى على مستوى العالم.
تقول أم عبد الكريم محمد، التي تعيش في منطقة يريم مع زوجها وابنها: "ولد ابني ناقص الوزن وكان يعاني من سوء التغذية لأنه لم يأكل بشكل سليم على الإطلاق" وتضيف مبتسمة: "لكن تحسن ابني بشكل كبير بعد تناول المكملات الغذائية ومتابعة العلاج . حيث تزورنا أرزاق في منزلنا بانتظام، حيث تقوم بوزن طفلي والتقاط صور له وتقديم المشورة بشأن ضرورة رفع مستوى التغذية والنظافة للطفل وإكمال جرعات التطعيم المقررة. نحن ممتنون لها للغاية على كل الرعاية واللطف الذي تحفنا به."
بدعم من اليونيسف والجهات المانحة لها، مثل وزارة الشؤون الخارجية الفيدرالية الألمانية، تساهم متطوعات الصحة المتفانين مثل أرزاق بنشر الوعي في مجتمعاتهن المحلية حول سوء التغذية وكذلك أهمية التطعيم والنظافة.
تضيف أرزاق:"نعمل على تثقيف الأمهات الصغار حول كيفية رعاية أطفالهن بشكل صحيح، والحفاظ على نظافتهم وصحتهم، مع توضيح أهمية شرب الماء المفلتر أو المغلي، ومتابعة صحة الأطفال الذين تم تشخيص إصابتهم بسوء التغذية"، وتردف قائلة: " يظل سوء التغذية هو بالطبع التحدي الرئيسي"، وتستشهد بحالة عبد الكريم، وهو طفل يبلغ من العمر 7 أشهر، حيث قامت بإحالته إلى أحد المراكز الصحية لأنه كان يعاني من سوء التغذية الحاد. بعد تلقي العلاج تابعت أرزاق الطفل لعدة أشهر للتأكد من استمرار حالته في التحسن. فهذا هو الجزء الأهم من عملي هنا"، حسب وصفها.
بدورها تشرح باسمة، وهي متطوعة مجتمعية أخرى في مجال الصحة والتغذية من قرية سنفان في مديرية يريم وتقول: "التثقيف الصحي للأمهات هو المفتاح لمساعدة الأطفال... حيثلا تعي الأمهات الشابات في كثير من الأحيان أن حليب الأم هو الأفضل لأطفالهن أو يعتقدن أن إمدادات الحليب لديهن ليست كافية. إلى جانب زيادة الوعي بأهمية الرضاعة الطبيعية، أساعد سكان قريتي أيضاً على معرفة طرق الوقاية من الأمراض، حيث اشرح لهم ما أهمية طلب العلاج من كادر طبي مؤهل وأساعدهم على القيام بذلك.
النظام الصحي في اليمن على شفير الانهيار بسبب النقص الحاد في الأدوية والمعدات والموظفين وإذا لم بتم توفير الدعم اللازم فسيصبح الأمر كارثياً. كما أن مرتبات العاملين في المجال الصحي متوقفة ولم تعد تدفع بشكل منتظم منذ عام 2016 تقريباً، سيما في المحافظات الشمالية. ووفقاً لمنظمة الصحة العالمية، فإن حوالي ثلث الأطفال اليمنيين لم يتم تحصينهم بشكل كامل ضد الأمراض الفتاكة الرئيسية التي يمكن الوقاية منها باللقاحات كالحصبة والحصبة الألمانية. وهذا أدى بالجمل إلى حقيقة أن اليمن يعاني من أحد أعلى معدلات وفيات الأطفال في العالم.
توضح باسمة وتقول:"الأمر لا يعدو في بعض الأحيان عن كونه اعتقادات مغلوطة لدى الآباء بأن اللقاحات يمكن أن تسبب الأذى لأطفالهم أو عدم معرفتهم بما يتوجب عليهم فعله عند ملاحظة أعراض المرض على أطفالهم."مع ذلك، ترى أن عملها يحدث فرقاً كبيراً لدى السكان في قريتها والذين أصبحوا الآن أكثر وعياً بأمور صحة أطفالهم، حيث يقومون بتطعيم أطفالهم ويدركون أهمية النظافة والتغذية السليمة. كما باتوا على دراية بماذا عليهم فعله حال ظهرت أعراض الحصبة والأمراض الأخرى على الأطفال وإلى من يلجؤون لطلب المساعدة."
من جانبها تقول رفيقة مهدي صالح إحدى سكان عزلة الرعين: "ما يميز باسمة هو أنها تعامل الجميع بلطف، كما لا تتوانى في نصح وإرشاد الأمهات بشأن أهمية التطعيم والنظافة والرضاعة الطبيعية. وعندما علمت بإصابة طفل بسوء التغذية، سارعت بتقديم كافة المكملات الغذائية والعلاج اللازم له. أيضاً، تعمل باسمة جاهدةً لجذب المنظمات التي تقدم المساعدة والتغذية لأطفالنا. إنني أدعوا لها باستمرار وأتمنى لها الخير من كل قلبي!"
منذ سنوات عديدة، وبدعم من الجهات المانحة ، قامت اليونيسف بتنظيم سلسلة من الدورات التدريبة التي تستهدف متطوعات الصحة والتغذية المجتمعية في جميع أنحاء اليمن. ما من شك بأن كل متطوعة جديدة تنضم إلى البرنامج لديها قصتها أو تجربتها الشخصية، غيرأن جميعهن يتشاركن نفس الرغبة والدافع ألا وهو مساعدة الأسر والأصدقاء والجيران داخل مجتمعاتهن المترابطة.
التدريب والدعم الذي تقدمه اليونيسف يمكنهن من اكتساب المهارات اللازمة والمؤهلات الأساسية للتعامل مع حالات سوء التغذية الحاد، واكتشاف عوامل الخطر لدى النساء الحوامل والأطفال وتقديم جرعات اللقاح، ناهيك عن التواصل مع السكان وإقناعهم بأهمية التطعيم والأدوية الوقائية وضرورة الحصول على الرعاية الطبية والعلاجية.