الأبطال المجهولون أثناء الجائحة
أشخاص رائعون يبذلون أقصى ما في وسعهم لخدمة مجتمعاتهم المحلية
بالنسبة للبعض، ينبع الأمر من حس بالواجب، بينما يعتبره آخرون التزاماً، ثم هناك من يعتبرونه ضرورة.
قبل سنتين، أعلنت منظمة الصحة العالمية بأن انتشار فيروس الكورونا أصبح جائحة عالمية. وفي تلك اللحظة، ما كان أحد يعلم ما الذي يخبئه المستقبل. ولكن على امتداد الأشهر الـ 24 الماضية، نهض رجال ونساء رائعون إلى مستوى المهمة، وخدموا مجتمعاتهم المحلية بإيثار.
وليست أسماؤهم معروفة بالضرورة، ولكن ما من شك أن أفعال هؤلاء الأبطال جعلت عالمنا أكثر أماناً، ومكاناً أفضل. ونريد أن نعرّفكم على عدد قليل من هؤلاء الأفراد الرائعين.
ممرضة من أوغندا تستخدم مكبر صوت لتشجيع مجتمعها المحلي على تلقي اللقاح
كانت «جوديث كانديرو» في صغرها معجبة دائماً بالأردية البيضاء التي ترتديها الممرضات، فقد مثّلت لها رمزاً للرعاية التي يقدمنها. وقد باتت الآن واحدة منهن، وهي تفتخر بارتداء ذلك الرداء الأنيق الذي يكتمل بحزام أصفر.
لقد كانت جائحة كوفيد-19 أمراً شخصياً بالنسبة إلى «جوديث»، فقد أصيبت بالفيروس في مرحلة ما، وتتذكر الوصم الذي تعرضت له هي وأسرتها آنذاك.
"لقد كانت تلك اللحظة هي الأشد بؤساً في مسيرتي المهنية، فقد تعرضتُ وأسرتي للنبذ من المجتمع المحلي".
لكن ذلك لم يوقفها، فقد تعافت وعادت إلى العمل. وتخدم «جوديث» بشغف الناس في منطقة «يومبي» في شمال أوغندا، والتي تمتد على جانبي الحدود مع جنوب السودان.
وتنطلق «جوديث» في الصباح إلى قسم الولادة حيث تعتني بالأطفال المبتسرين. ومن خلال تدريب دعمته اليونيسف، بوسعها دعم الأطفال المرضى وضمان تمكّنهم من الازدهار.
وما ذلك سوى جزء من يومها في العمل، فأثناء الجائحة، وبعد تقديم استشارات وإنهاء جولاتها في قسم الولادة، تتوجه إلى المجتمع المحلي إما على دراجة نارية أو سيراً على الأقدام.
وظلت «جوديث» تحمل مكبر صوت لإعلان رسائل بأن لقاحات كوفيد-19 آمنة ومهمة. وقد ترددت أصداء رسالتها، فأعضاء مجتمعها المحلي يثقون بها، وقد اتضح ذلك إذ توافدوا واحداً إثر الآخر ليجلسوا ويتلقوا اللقاح من «جوديث».
ممرضة تتسلّق الجبال وتعبُر الأودية في نيبال حاملةً على ظهرها صندوق لقاحات
ظلت «بيرما كونوار» ومنذ سنوات تشق طريقها إذ تصعد الجبال وتعبر جسوراً معلقة للمشاة. وتصعد الدروب الجبلية في مناطق نائية في أقصى غرب نيبال حاملةً على ظهرها صندوق لقاحات.
وحتى قبل جائحة كوفيد-19، كانت «بيرما» تجلب اللقاحات المنقذة للأرواح من بلدة خالانجا، وهي مركز منطقة دارتشولا. وكانت تلك اللقاحات مخصصة بصفة أساسية للتحصين الروتيني للأطفال الذين يعيشون في قرى تقع على سفوح الجبال التي تصعدها «بيرما».
تسببت الجائحة بتحديات جديد، وأبرزت فرصاً جديدة. وتقول «بيرما»، "لطالما سرتُ على هذه الدروب نفسها ولكني أسير الآن حاملةً لقاحات جديدة".
وكانت الجهة التي تقصدها في هذه الرحلة هي مركزاً صحياً في قرية دوهون التي لا يمكن الوصول إليها في هذا الوقت من السنة إلا سيراً على الأقدام.
وتقول «بيرما» بينما تشرح المخاطر التي تشكلها الانزلاقات الأرضية، "تظل الطرق هنا غير مأمونة لعدة أشهر من السنة، خصوصاً خلال موسم الأمطار، فالرحلة حافلة بالأخطار".
وبما أن «بيرما» تحمل على عاتقها صحة المجتمع المحلي، فعادة ما تقطع الرحلة بأكملها سيراً على الأقدام، وهي تستغرق ما بين ثلاث إلى أربع ساعات. وهي تعتبر أن الرحلة تستحق العناء، فهي لا تنظر إلى تقديم اللقاحات الضرورية لهذه المجتمعات المحلية بوصفه مجرد عمل تؤديه، بل واجباً.
"ينتظر الناس اللقاحات بحماس، ويسألونني باستمرار متى ستصل، ومتى سيتمكنون من الحصول عليها، ومتى سيحين دورهم. ودائماً يسألون عن ذلك".
مراهق مبتكِر يجعل غسل الأيدي أكثر أماناً
«إيمانويل كوزموس مسوكا» هو مبتكِر وناشط. وليس من المصادفة أن هذا الشاب التانزاني البالغ من العمر 18 سنة ابتكر أداة ضرورية تعتمد على المياه للنظافة الصحية أثناء الجائحة.
ويقول، "ولدتُ على سفح أعلى قمة في أفريقيا، جبل كليمنجارو، وهو المكان الوحيد في بلدي الذي يتحول فيه الماء إلى ثلج وجليد".

كان «إيمانويل» يرغب منذ صغره بتغيير الطريقة التي تسير فيها الأمور للمساعدة في حل المشكلات الاجتماعية، وقد حقق ذلك. فعندما وصلت جائحة كوفيد-19 إلى تنزانيا وكافح مجتمعه المحلي للتصدي للمرض، نهض «إيمانويل» للمساهمة في ذلك.
وكانت فكرته هي آلة لغسل الأيدي يتم تشغيلها بدواسات للقدم، مما يقلص فرصة انتشار الفيروس. ومنذ تطوير هذه التقنية، تمكن من توفير أكثر من 400 محطة لغسل الأيدي في جميع أنحاء شمال تنزانيا.
وبسبب هذا العمل، عُيّن «إيمانويل» كمناصر شاب لليونيسف، ورُشِّح لنيل جائزة السلام الدولية للأطفال، والتي تُمنح سنوياً لطفل حقق مساهمة كبيرة في الدفع بحقوق الأطفال.
فتاة ترعى شقيقتيها بينما تدرس للتعويض عما خسرته من تعليم
تبلغ «كيشا» من العمر 14 سنة، إلا أن حكمتها ومراعاتها للآخرين تفوق سنوات عمرها، إذ اضطرت لأن تكبر بسرعة. فوالدتها كانت تعمل في مطعم، ولكنها توفيت بعد إصابتها بكوفيد-19.
وتقول «كيشا»، "عملَتْ والدتنا 12 ساعة يومياً في المطعم عندما أعاد فتح أبوابه، وكان جهاز المناعة لديها ضعيفاً، وربما كان ذلك هو سبب إصابتها بكوفيد".

اضطرت «كيشا» للنهوض بمزيد من المسؤوليات ورعاية شقيقتيها. وظلت تعتني بشقيقتها «أفيقا»، 7 سنوات، التي تأثرت بصفة خاصة. وعند عودة «أفيقا» من المدرسة، غالباً ما تتوجه إلى غرفتها وتمضي ساعات في مشاهدة أفلام فيديو عائلية والاستماع إلى صوت أمها.
وإضافة إلى الدور الذي تؤديه «كيشا» في تقديم الرعاية، فإنها مدركة للصعوبات المالية التي يواجهها والدها بوصفه المعيل الوحيد للأسرة. فهو يعمل في مرآب سيارات تابع للمطعم الذي كانت تعمل فيه زوجته المتوفاة. ولتتمكن «كيشا» من تقديم المساعدة، فإنها تخطط للالتحاق بمدرسة مهنية ستتيح لها الحصول على عمل على نحو أسرع لتساند والدها.
"يمكنني تحقيق أي شيء — وربما الالتحاق بالجامعة في يوم ما".

إن «كيشا» وشقيقتيها هن من ضمن عشرات آلاف الأطفال الذين خسروا أحد الوالدين أو مقدّم رعاية بسبب كوفيد-19 في إندونيسيا. ويتلقى هؤلاء الأطفال مساعدة من برامج الصحة العقلية والدعم النفسي التي تديرها اليونيسف بمساعدة من الحكومات المحلية.