قطرة لقاح تلو الأخرى: حملات التحصين تحمي الأطفال من شلل الأطفال في اليمن

تشير التقديرات في اليمن إلى وفاة طفل كل 10 دقائق بسبب الأمراض التي يمكن الوقاية منها بالتطعيم، على الرغم من أن التطعيم يعتبر من بين التدخلات الصحية الأكثر أماناً والأكثر فعالية من حيث التكلفة لحماية الأطفال من أمراض مثل فيروس شلل الأطفال.

سعياً منها للحفاظ على جعل اليمن خاليةً من شلل الأطفال، أطلقت اليونيسف بالشراكة مع منظمة الصحة العالمية وبدعم من البنك الدولي حملة التحصين من منزل إلى منزل في 14 محافظة يمنية خلال شهر مايو2021، تم من خلالها تطعيم الملايين من الأطفال وكذلك تزويدهم بمكملات فيتامين (أ).

تم في الفترة من 29 إلى 31 مايو حشد ما يقرب من 15,000 فريق تطعيم يتكون كلٌ منها من فردين من قبل اليونيسيف و منظمة الصحة العالمية، والذين قاموا بتطعيم 3,791,511 طفلاً دون الخامسة على مدار ثلاثة أيام، وهو رقم ملفت للنظر حيث يغطي 89 في المائة من مجموع المستهدفين في الحملة.  20 في المائة من هؤلاء الأطفال كانوا دون الواحدة من العمر (725,908 طفل).

كما تلقى ما يربو قليلاً عن ثلاثة ملايين طفل دون الخامسة مكملات فيتامين (أ) (79 في المائة من مجموع المستهدفين). وتزامناً مع إعطاء ملايين اللقاحات المضادة لشلل الأطفال، تم تطعيم 11,607 طفل ضد الحصبة.

اللقاحات آمنة والإشاعات سلاح مدمر

يقول الدكتور أمين حبيش، مدير مكتب الصحة بمحافظة المحويت، "تواجه اليمن جملة من التحديات في آن واحد والمتمثلة بالفقر والنزاع وموقعها الجغرافي الذي جعل منها بوابة عبور للمهاجرين صوب دول الخليج الأخرى مثل المملكة العربية السعودية، وهو ما يجعل هذا البلد عرضة بشكل خاص لانتشار بعض الأمراض المعدية".  ويشير إلى أن الحملة التكميلية للتحصين ضد شلل الأطفال نُفذت بناءً على توصية مجموعة من الخبراء بعد انتشار شلل الأطفال في بعض الدول المجاورة.

ويضيف: "نظراً للوضع الراهن في اليمن، هناك احتمال كبير أن ينتشر شلل الأطفال بسبب انتقال المهاجرين الأفارقة الذين يعبرون اليمن أثناء سفرهم نحو دول الخليج، وهذا يجعل اليمن أكثر عرضة لانتقال فيروس شلل الأطفال."

هذه الحملة هي جزء من الإجراءات الوقائية والاحترازية لتعزيز مناعة الأطفال.

ويشدد قائلاً: "بدأ التطعيم في اليمن منذ عقود، وكل من تم تطعيمهم اكتسبوا مناعة ضد عدد من الأمراض. وهذا دليلٌ على أن اللقاحات آمنة وبالتالي لا حاجة للقلق بشأن تطعيم الأطفال ضد الأمراض التي تهدد حياتهم."

كما حذر الدكتور أمين الآباء من الاستماع إلى الشائعات التي تشكك في سلامة اللقاحات. وفي هذا الصدد يقول: "الشائعات سلاحٌ مدمر ويجعل الأطفال اليمنيين عرضة للأمراض الخطيرة والإعاقة مدى الحياة أو الوفاة".

 "من خلال التطعيم والرعاية الجيدة فقط يمكننا الوقاية من الأمراض وضمان سلامة ورعاية أطفالنا والأجيال القادمة. لا تستند هذه الشائعات السلبية إلى أي دليل حقيقي أو دليل علمي، بل إنها مجرد أكاذيب."

أهمية التوعية حول التطعيم

يمثل الوعي المجتمعي وتعاون المواطنين حجر الزاوية في الحملة التكميلية للتحصين ضد شلل الأطفال. وعلى الرغم من تردد بعض الأسر، إلا أن الغالبية العظمى من الأسر أبدت الرغبة لتطعيم أطفالها أثناء زيارة فرق التطعيم للمنازل.  في الواقع، لم تمتنع سوى 21,894 أسرة من تطعيم أطفالها وذلك من بين 2,891,470 منزلاً تم الوصول اليه.

وفي هذا الصدد يقول الدكتور أمين: "الناس يتعاونون معنا ويدركون أهمية تطعيم أطفالهم، حيث لا يرغب الآباء ولا الأمهات برؤية أطفالهم معاقين أو فقدان حياتهم بسبب أمراض يمكن الوقاية منها بالتطعيم".

لا يمكن تحقيق الوقاية من شلل الأطفال إلا من خلال التطعيم، وقد أثبتت برامج التحصين فعاليتها في الحد من أمراض الطفولة الخطيرة مثل شلل الأطفال.

يقول عثمان النزيلي، أحد سكان مدينة المحويت وهو أبٌ لطفلين: "علينا تطعيم أطفالنا لأننا مسؤولون عنهم. التحصين ضروري للوقاية من الأمراض القاتلة. بعد أن حصل أطفالي على اللقاح، لم أعد أشعر بالقلق على صحتهم ".

ويضيف أنه يثق في اللقاحات وقد تم تطعيمه عندما كان طفلاً. "والآن، وبدون خوف، أحرص على تطعيم أطفالي لأنني لا أؤمن بالشائعات المنتشرة التي لا أساس لها من الصحة".

ويضيف: "أنا مسرورٌ لأن فريق التحصين قام بتطعيم أطفالي ضد شلل الأطفال من أجل تعزيز مناعتهم ضد الفيروس".

تطعيم الأطفال دون تردد

يشكل فيروس شلل الأطفال تهديداً خطيراً للأطفال دون سن الخامسة إذا لم يتم تطعيمهم. على الرغم أن حملات التحصين التكميلية توفر الحماية للأطفال ضد أمراض معينة، إلا أن ذلك لا يعني أنها تحل محل اللقاحات الروتينية التي تقدمها المرافق الصحية.  

يقول وائل على الشويع: "يكتسب التطعيم ضد شلل الأطفال أهمية قصوى، وقد قام الفريق الصحي بتطعيم أطفالي." ويرى الشويع الذي لديه أربعة من الأبناء أن التطعيم "واجبٌ ديني وأخلاقي وإنساني يقع على عاتق الآباء لضمان تحصين الأطفال كما ينبغي".

ويضيف الشويع أنه بالإضافة إلى تطعيم أطفاله ضد شلل الأطفال أثناء تنفيذ الحملة التكميلية، إلا أنه يستمر في أخذ أطفاله إلى المرفق الصحي لاستكمال إعطائهم جرعات اللقاح الروتينية التي تضمن حمايتهم من أمراض الطفولة الأخرى.

وهنا يشير بقوله: "يجب اتخاذ قرار تطعيم الأطفال دون تردد. لقد أثبت العلم فاعلية اللقاحات.  يجدر بالآباء والأمهات ألا يتقاعسوا عن تطعيم أطفالهم ".

تعد برامج وحملات التحصين جزءاً هاماً لإنقاذ حياة الأطفال. خلال الفترة ما بين يناير وفبراير 2021، تم تطعيم 133,215 طفل دون السنة الواحدة من العمر ضد 11 نوعاً من الأمراض التي يمكن الوقاية منها بالتطعيم في اليمن، بينما تم تطعيم 114,156 طفل دون السنة الواحدة من العمر ضد الحصبة والحصبة الألمانية. وبحسب اليونيسف، بلغ إجمالي عدد اللقاحات التي تم إعطاؤها للأطفال 19,992,050 جرعة خلال عامي 2020 و2021.