التمكين الإجتماعي للمهمشين

تأتي هذه المشاريع ضمن إطار مبادرة أوسع تقوم بها اليونيسف وهي النموذج المتكامل للدعم والتمكين الاجتماعي والاقتصادي (IMSEA)

يونيسف اليمن
صورة لطفل من المهمشين في منطقة دار سلم، محافظة صنعاء – اليمن.
اليونيسف/2020/اليمن
21 كانون الثاني / يناير 2021

تتسبب الأحوال المعيشية للمهمشين الذين يسكنون الأحياء العشوائية (المحاوي) في منطقة دار سلم، والواقعة في نطاق محافظة صنعاء، في حرمانهم من فرص الحصول على التعليم نظرا لافتقارهم للإمكانيات المالية. يعمل أفراد اللجان المجتمعية والمتطوعون المنتمون لهذه الفئة السكانية، والذين استفادوا من "أنشطة التدريب الشاملة لليونيسف حول المشاركة المجتمعية"، على تحفيز وتشجيع الأطفال للالتحاق بالفصول الدراسية من خلال مبادرة الحق في التعليم. يتم تنفيذ هذه المبادرة تحت إشراف صندوق الرعاية الاجتماعية بصنعاء وبدعم من اليونيسف. كما تعمل اللجان المجتمعية والمتطوعون على توعية أولياء الأمور بأهمية ادخار المال، وممارسات الأمومة الآمنة، والوقاية من فيروس كورونا، وضرورة تطعيم الأطفال، إلى جانب أهمية النظافة بوجه عام.

يعمل أحمد منصور عضوا في إحدى اللجان المجتمعية، حيث ساهم في العديد من الأنشطة المقامة ضمن الحملات الأسبوعية الهادفة لرفع مستوى الوعي لدى أولياء الأمور حول أهمية النظافة، وأهمية تعليم الأطفال، والرعاية الصحية، ورعاية الحوامل، والحاجة إلى وجود مدخرات أسرية، وأهمية العمل المجتمعي.

أحمد منصور من دار سلم، محافظة صنعاء – اليمن.

يقول أحمد منصور: "لقد تعلمنا الكثير من عملنا في اللجان المجتمعية، وقد شجعنا صندوق الرعاية الاجتماعية وحفزنا على التوصل إلى الخطوات التي اتخذناها. استجاب الآباء بشكل إيجابي كما أدى عملنا المجتمعي والهادف إلى إشراك العمال إلى تحقيق نتائج إيجابية. على سبيل المثال، ساهم نشاط الادخار الذي نعمل على الترويج له في رفع وعي الأسر بأهمية ادخار المال لأن بعض الآباء كانوا يتعرضون لظروف طارئة من دون وجود أي مدخرات لديهم للتغلب على مثل هذه الظروف. سيمكن هذا النشاط المدخرين من التعامل مع الحالات الطارئة".

يتطلب الالتحاق بعضوية اللجان المجتمعية ومتطوعي التوعية أن يجيد المتقدمين القراءة والكتابة وأن يحضروا الدورات التدريبية التي تقدمها اليونيسف وصندوق الرعاية الاجتماعية بدعم فني من مؤسسة حماية الأطفال والشباب.

وبالحديث عن فيروس كورونا، يضيف أحمد منصور: "فيروس كورونا فيروس قاتل، لذلك نقوم بتوعية أولياء الأمور حول طرق الوقاية منه من خلال تجنب المصافحة والاختلاط بالآخرين. كما نشدد على أهمية تعقيم وغسل اليدين بالماء والصابون وكذلك ارتداء الكمامات. لم تواجهنا أية عقبات لأن المتطوعين واللجان المجتمعية يعملون بشكل وثيق مع أولياء الأمور ويتحدثون معهم بطريقة تهدف إلى توعيتهم وحثهم على تبني تغييرات إيجابية. كما لديهم أيضا أهدافا مشتركة لأنهم يأملون في إرسال أبنائهم إلى المدرسة وتحسين حياة أفراد المجتمع".

يأمل أحمد منصور أن تنجو فئة المهمشين من الحياة المظلمة والجائرة التي تعيشها وأن تُحترم حقوق أفرادها مثل بقية المواطنين الآخرين.

نسيم أحمد محمد تكروري، 21 عاما، من مديرية آنس، يعمل كمتطوع مجتمعي لدى صندوق الرعاية الاجتماعية

وُلد نسيم محمد أحمد تكروري، 21 عاما، في مديرية آنس، جبل الشرق. يعيش في منطقة دار سلم، التابعة لمديرية سنحان في محافظة صنعاء. يعمل نسيم كعاقل للحارة، ويعيش في منزل صغير يضم أربعة عشر فردا. كما يعمل لدى صندوق الرعاية الاجتماعية ومبادرة التمكين الاجتماعي كمتطوع للتوعية المجتمعية. التحق بالدورات التدريبية التي تزوده بالمعرفة والمهارات اللازمة ذات الصلة بمشاريع المشاركة المجتمعية، والتعامل مع الأهالي، وكيفية رفع الوعي بطريقة مؤثرة.

يقول نسيم: "لقد تعلمت من الدورات التدريبية كيفية التواصل مع الناس في المكان الذي أعيش فيه، وكيفية إرشادهم لحل المشاكل التي تعترضهم". "كما أقوم بتوعيتهم حول مخاطر الأمراض والأوبئة وطرق الوقاية منها، بالإضافة إلى كيفية التعامل مع حالات الحمل بشكل آمن لضمان صحة الأم والطفل. لقد شهدنا بسبب ذلك تحسنا كبيرا لأن هذه المعلومات لم تكن موجودة من قبل. على سبيل المثال، كان تراكم القمامة في الحي يعتبر أمراً طبيعياً".

أدرك نسيم بعد حضور الاجتماعات والدورات التدريبية مدى المعاناة التي يتحملها أفراد مجتمعه، مدركا بذلك الآثار الضارة للتلوث البيئي الشديد ولانعدام المساواة المرتبط بالوضع الاقتصادي والاجتماعي لافراد مجتمعه المحلي. بعد التحاقه بالتدريب تبدلت مفاهيمه الخاطئة والتي يشاركها الآن مع الآخرين بدءًا بأفراد منزله ومجتمعه.

وعن مساهمته في رفع الوعي والمبادرات المجتمعية في محيطه المجتمعي، يقول نسيم: "تطوعت للعمل مع علوي وحميد، وقمنا بإنشاء فصل صغير في الحي لتحفيز الأطفال على التعلم. يستوعب الفصل 110 طالباً من كلا الجنسين لأنهم يتوقون للتعلم والدراسة. كان العديد من هؤلاء الأطفال يقضون يومهم في الشوارع في البحث عن علب بلاستيكية وألومنيوم فارغة لبيعها كخردة لأن آباءهم لم يتمكنوا من تحمل تكاليف الدراسة. بفضل أنشطة التوعية التي قمنا بها التحق حتى الآن حوالي 341 طفلاً بالدراسة، بما في ذلك عنان، الذي لم يتمكن من الالتحاق بالمدرسة إلا في سن العاشرة حيث كان يعمل في الشوارع لدعم والديه المسنين".

عنان صالح محمد يحيى الوصابي، 12 عاما، أحد الأطفال المهمشين الذين يعيشون في دار سلم.
عنان صالح محمد يحيى الوصابي، 12 عاما، أحد الأطفال المهمشين الذين يعيشون في دار سلم.

اشترى عنان دفترا وقلما وانضم إلى الفصل الدراسي وكان أذكى طالب في الصف. على الرغم من رفض بعض المدارس له بسبب كبر سنه، إلا أن تصميمه على الالتحاق بالدراسة سمح له اللحاق بما فاته في زمن قياسي. يوضح نسيم أن عنان الآن في الصف الثاني بعد أن استفاد من مبادرة دمج الأطفال المهمشين في المدارس والتي نفذها متطوعون وبدعم من اليونيسف بالتنسيق مع صندوق الرعاية الاجتماعية.

متطوعون مجتمعيون أثناء العمل مع المواطنين في تنظيف الأحياء
Community volunteers cleaning neighborhoods with citizens.

استمر نسيم في توعية أولياء الأمور بمخاطر فيروس كورونا واحترازات الوقاية منه، بما في ذلك البقاء في المنزل، وتجنب الأماكن المزدحمة، وغسل وتعقيم اليدين جيدا، وضمان الحفاظ على نظافة الحي. من خلال تثقيف المجتمع حول أهمية العيش في حي نظيف عملت اللجان المجتمعية على تشجيع الأهالي على اتخاذ الإجراءات اللازمة بصورة منتظمة والحفاظ على نظافة منطقتهم. كل ما يأمله نسيم في المستقبل هو أن يكون هناك جيل متعلم من فئة المهمشين. لقد عانى بنفسه من الحرمان من التعليم ولا يريد أن يعيش الجيل الشاب نفس التجربة. يرغب الأطفال الذين يتحدث إليهم في أن يصبحوا مهندسين ووزراء وأطباء ومعلمين. كما يدعو إلى استمرار عملية دمج المهمشين في الفصول الدراسية في جميع أنحاء البلاد.

يبلغ عنان صالح محمد يحيى الوصابي 12 عاما، وهو واحد من عشرة أخوة يعيشون في دار سلم بمديرية سنحان.

Annan Saleh Mohammed Yahia Al-Wasabi, 12, one of the marginalized children who lives in Dar-Salm.
Annan Saleh Mohammed Yahia Al-Wasabi, 12, one of the marginalized children who lives in Dar-Salm.

يقوم عنان بالبحث في الشوارع عن قوارير بلاستيكية فارغة لبيعها بسعر 5 سنتات للكيلو ليتمكن من مساعدة أسرته ووالده المسن الذي يحثه على الدراسة.

يقول عنان: "كنت أذهب مع أخي للبحث عن قوارير مياه فارغة وعلب البيبسي من أجل توفير قيمة وجبة الغداء. غير أن اللجان المجتمعية والمتطوعين المجتمعيين قاموا بتشجيعنا أنا وثلاثة من إخوتي على الالتحاق بالمدارس حتى أتمكن من تعلم القراءة والكتابة في سن العاشرة. طلبت منا المدرسة دفع 1,000 ريال شهريا، لذلك أذهب للبحث عن القوارير الفارغة بعد المدرسة حتى أتمكن من دفع الرسوم ومواصلة الدراسة حتى أصبح طبيبا. أشكر صندوق الرعاية الاجتماعية واليونيسيف على تقديم الحافز الشهري ومساعدتنا على التسجيل في المدرسة".

يقول عنان "أود أن أشكر اليونيسف لمساعدتي في الوصول إلى حلمي والذهاب إلى المدرسة".
اليونيسف/2020/اليمن
يقول عنان "أود أن أشكر اليونيسف لمساعدتي في الوصول إلى حلمي والذهاب إلى المدرسة".
يقول عنان "أود أن أشكر اليونيسف لمساعدتي في الوصول إلى حلمي والذهاب إلى المدرسة".
اليونيسف/2020/اليمن
يقول عنان "أود أن أشكر اليونيسف لمساعدتي في الوصول إلى حلمي والذهاب إلى المدرسة".

يعيش علوي محمود الدشيش، البالغ من العمر 21 عاما، في أحد الأحياء الفقيرة في دار سلم مع أفراد عائلته العشرة، ويعمل مزارعا ولديه بعض الماشية. يعمل أيضا ضمن فريق متطوعي التوعية المجتمعية التابع لصندوق الرعاية الاجتماعية.

قال علوي "اعتاد نسيم، عاقل الحي، المرور على المنازل للتوعية بمخاطر الأمراض وأهمية التعليم". "كان هو من عرض فكرة افتتاح فصل دراسي لتشجيع الأطفال للحصول على التعليم حتى لا يضيعوا مستقبلهم مثلنا لأننا حرمنا من التعليم وأهدرنا حياتنا في البحث عن قوارير المياه الفارغة. أصبحتُ في الآونة الأخيرة ملما بالقراءة والكتابة. كنت أبكي عند رؤيتي للأطفال وهم يذهبون إلى المدرسة ويحملون حقائبهم المدرسية على ظهورهم بينما كنت أحمل كيسا لجمع العلب من الشوارع. تمنيت أن أكون طبيبا أو مهندسا. لا أريد أن يعاني الأطفال في مجتمعي من الأمية والجهل اللذين عايشناهما".

علوي محمود الدشيش، 21 عامًا، أحد أفراد فئة المهمشين في منطقة دار سلم، يعمل مزارعا ومتطوعا مجتمعيا مع صندوق الرعاية الاجتماعية - صنعاء.
اليونيسف/2020/اليمن
علوي محمود الدشيش، 21 عامًا، أحد أفراد فئة المهمشين في منطقة دار سلم، يعمل مزارعا ومتطوعا مجتمعيا مع صندوق الرعاية الاجتماعية - صنعاء.

يشعر علوي أنه فقد فرصته في التعليم وبالتالي لا يريد تكرار هذه التجربة مع الأجيال اللاحقة. يتمنى علوي لو كانت لديه إرادة عنان الذي التحق بالمدرسة رغم كبر سنه.

يقول علوي: "عنان طفل ذكي. على الرغم من فقر عائلته ومواجهة والديه صعوبة في تسجيله بالمدرسة بسبب عمره، إلا أنه كان طموحا". "كان نسيم هو من شجع أسرة عنان، ولأن عنان ذكي فسيحقق أحلامه ويحقق ما لا نستطيع القيام به لأن التعليم يمكّن الإنسان من الاندماج في المجتمع بدلا من الانعزال في الأحياء الفقيرة. سيتلقى عنان الشهادات التي لم نتمكن الحصول عليها وسيصبح شخصا بإمكانيات كبيرة في المستقبل".

المتطوع المجتمعي علوي محمود الدشيش أثناء تشجيع الأهالي على تنظيف أحيائهم.
اليونيسف/2020/اليمن
المتطوع المجتمعي علوي محمود الدشيش أثناء تشجيع الأهالي على تنظيف أحيائهم.
Community volunteer Alawi Mahmoud Al-Dashish encourages citizens to clean their neighborhoods.
UNICEF/2020/Yemen
Community volunteer Alawi Mahmoud Al-Dashish encourages citizens to clean their neighborhoods.

تقول فاطمة: "ينزل المتطوعون إلى الميدان لنقل رسائل المشروع التي قمنا بتدريبهم عليها. وتتعلق هذه الرسائل بالصحة والأمومة الآمنة والوقاية من فيروس كورونا ونظافة البيئة وادخار المال وأهمية التعليم. هدفنا هو تثقيف المجتمع المحلي والفئات المستهدفة في المجتمعات المتأخرة تنمويا مثل الأحياء الفقيرة حتى يتم تمكينهم لتغيير السلوكيات الخاطئة والسلبية وتفعيل المبادرات المجتمعية التي تساعد أبناء المجتمع على إدراك المشاكل التي يواجهونها والبدء في إيجاد حلول لها. كانت مبادرة حملات التنظيف الأسبوعية إحدى هذه الأنشطة التي أجريت تحت إشراف صندوق الرعاية الاجتماعية واليونيسيف، بالإضافة إلى الأنشطة التي تم تنفيذها مثل إدارة الحالات والحوالات النقدية الإنسانية وتنفيذ المبادرات".

تتوجه فاطمة بالشكر لصندوق الرعاية الاجتماعية على تقديم الرعاية لهذه الفئة السكانية والتنسيق مع المكاتب التنفيذية لمساعدة المهمشين في كافة المناطق ضمن إطار هذا النهج الشامل لتحسين حياة الأهالي في المجتمعات المحلية المتأخرة تنمويا.

تأتي هذه المشاريع ضمن إطار مبادرة أوسع تقوم بها اليونيسف وهي النموذج المتكامل للدعم والتمكين الاجتماعي والاقتصادي (IMSEA)، والذي يعد نهجا متعدد القطاعات يرمي الى تجميع المنافع والمدخلات/التدخلات الخاصة بالخدمات الاجتماعية والاقتصادية الأخرى وضمها معاً لتحقيق نتائج ومخرجات محسّنة لصالح أشد الناس فقرا وانكشافا وتعزيز قدرة هذه الفئات والأفراد على الصمود إزاء الصدمات والضغوط وتعزيز قدر أكبر من التعاون بين مختلف القطاعات الاقتصادية. غالبا ما تكون هذه الإجراءات جزءا لا يتجزأ من المجتمعات المحلية، حيث تساهم في إخراج الفئات المحرومة من حلقات الأمية والفقر المتوارثة بين الأجيال، مما يؤدي إلى تحقيق النمو الاقتصادي وتنمية السكان.

فاطمة الكيال، مسؤولة المشاركة المجتمعية لدى صندوق الرعاية الاجتماعية - اليونيسف، محافظة صنعاء، اليمن.
اليونيسف/2020/اليمن
فاطمة الكيال، مسؤولة المشاركة المجتمعية لدى صندوق الرعاية الاجتماعية - اليونيسف، محافظة صنعاء، اليمن.