البرنامج التدريبي في القبالة ... جيل جديد من القابلات المؤهلات
بفضل تمويل مركز الملك سلمان للإغاثة والعمل الإنساني، تم تدريب 20 شابة في مأرب على القبالة لمدة ثلاث سنوات
- متوفر بـ:
- English
- العربية
أثّر النزاع الذي طال أمده في اليمن تأثيراً شديداً على النظام الصحي الهش في اليمن، والذي يُصنف بين أقل البلدان نمواً في العالم. ولا تزال المناطق الريفية ذات الطبيعة مترامية الأطراف والتضاريس الوعرة عقبات رئيسية أمام الأطفال والنساء أمام وصولهن إلى الخدمات الصحية، حيث تواجه العديد من النساء في اليمن مخاطر عالية للوفاة أثناء الولادة بسبب الافتقار إلى رعاية الأمومة الكافية وعدم توافرها في الوقت المناسب. استجابة لهذه الأزمة ولتوسيع نطاق تغطية خدمات الأمومة للأمهات والأطفال حديثي الولادة المحتاجين، دربت اليونيسف – بتمويل من مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية – 20 شابة في مأرب حول القبالة لمدة ثلاث سنوات.
بدأت قصة نجلاء السعيدي في أن تصبح قابلة بعد أن شهدت معاناة العديد من النساء في قريتها على مر السنين، حيث تواجه النساء الحوامل، في قرية الخليلة السفلة النائية في مديرية العبدية، شبح الموت عند كل ولادة. تتذكر نجلاء اللحظات المدمرة للأعصاب قبل ورود الأخبار السارة عن نجاة المرأة ومولودها الجديد أو وفاتهم المأساوية. يعتبر نقل الحوامل رحلة محفوفة بالمخاطر، فالقرية على بعد أكثر من 6 ساعات من أقرب مستشفى ومعظم سكان القرية لا يستطيعون تحمل رسوم المواصلات.
في ديسمبر 2017، وصلت لجنة من مكتب الصحة والسكان إلى القرية لاختيار بعض الفتيات لتدريبهن على القبالة. "هذه فرصتي! وينبغي أن أحقق أقصى استفادة منها" كانت هذه هي الفكرة الأولى التي خطرت في ذهن نجلاء. تتذكر الآن تلك اللحظة وهي على وشك التخرج من المعهد الصحي الذي أقامت فيه منظمة اليونيسف التدريب حول القبالة. تشرح نجلاء قائلة: "لا توجد مرافق صحية في قريتي، وكانت النساء يلدن في منازلهن".
يقول الدكتور ناصر السعيدي، نائب مدير مكتب الصحة والسكان في مأرب، وعضو اللجنة التي اختارت متدربي القبالة في عام 2017: "إن ما يميز تدخلات اليونيسف في هذا المجال هو أنها ركزت على استهداف المناطق التي تعاني من فجوات صحية كبيرة ونقص واضح في الخدمات الأساسية".
وأضاف الدكتور ناصر: "لقد زرنا قرى نائية في مديريتي المحلية والعبدية وكذلك الجناح في حريب وجبل السهل في الجوبة، وواجهنا بعض التحديات مع السكان، حيث كانت هناك مخاوف عامة بشأن إرسال الفتيات للدراسة بعيداً عن أسرهن. وافق بعض الآباء ولكنهم تراجعوا عن موافقتهم، فقمنا على الفور بتهدئة هذه المخاوف من خلال شرح كيف ستُحدث مشاركة بناتهم فرقًا في مجتمعهم. تم تدريب هؤلاء الشابات وتوفير بدلًا شهرياً وسكناً لهن".

أنهى المتدربون الـ 24 عامهم الأول من التدريب أثناء فاشية وباء فيروس كورونا، مما أجبرهم جميعًا على العودة إلى قراهم. تتذكر نجلاء قائلة: "كان هناك طلب كبير على القابلات في قرانا"، وأضافت موضحة بأن "النساء الحوامل رفضن الذهاب إلى المدن التي تم فيها فرض الحجر الصحي لفيروس كورونا والأخبار التي يتلقونها عن وفاة العديد من الأشخاص بعد إصابتهم بالفيروس".
لا يزال بإمكان نجلاء أن تتخيل أول مرة تساعد فيها امرأة تلد أثناء الوباء. فأضافت قائلة: "لقد اعتنيت بتلك الأم حتى ولدت. وعلى الرغم من أنني كنت متوترة في ذلك الوقت، إلا أن كل شيء سار على ما يرام. أخبرت تلك المرأة الجميع عن تجربتها، وانتشرت الأقاويل عن وجود قابلة مختصة في القرية. في الماضي، اعتادت النساء الاعتماد على نساء غير مؤهلات لولادة أطفالهن".
تقول فاطمة صالح، إحدى المتدربات: "كان الوصول إلى قانية في منطقة المحلية شبه مستحيل، فالقرية تقع في منطقة جبلية لا تستطيع حتى السيارات ذات الدفع الرباعي الوصول إليها بسهولة. في البداية، رفض أخي السماح لي بالانضمام إلى البرنامج التدريبي حول القبالة، لكنه غير رأيه بعد أن لاحظ الفرق الذي أحدثه في حياة الأمهات. والآن هو أكبر داعم لي".

تتذكر فاطمة بوضوح إحدى الحالات الحرجة التي كان عليها التعامل معها قبل تخرجها من هذا البرنامج. قالت فاطمة وهي تتذكر الموقف: "كانت هذه هي المرة الأولى التي تلد فيها تلك الأم في المنزل. فقد اعتادت أن تذهب إلى المستشفيات، لكنها دخلت مرحلة المخاض في منتصف الليل، فاتصلت بي عائلتها لأنها كانت تنزف بشدة، ولكني تمكنت من إحضار طفلها بأمان إلى العالم وإنقاذ حياتها، وكنت حريصة على اتباع كل المعرفة التي اكتسبتها خلال دراستي للتأكد من بقاء الأم وطفلها على قيد الحياة".
قال الدكتور محمد مفتاح، مدير المعهد العالي للعلوم الصحية في مأرب: "تدريب القبالة على وشك الانتهاء، وستعود جميع القابلات إلى قراهن ويبدأن في خدمة مجتمعاتهن، لقد تعلمن العديد من المهارات خلال هذا التدريب، وآمل أن تستمر اليونيسف في دعم هؤلاء الشابات اللواتي سيخدمن جميع الأمهات في مناطقهن".
هؤلاء الشابات عبرن عن امتنانهن لهذة الجهود التي ساعدتهن على أن يصبحن قابلات قادرات على خدمة مجتمعاتهن. وعلى الرغم من كل التحديات خلال جائحة فيروس كورونا، وطبيعة المجتمع المحافظة، أظهرت هؤلاء الفتيات الجسورات التزاماً غير اعتيادي تجاه مجتمعاتهن وسعين إلى تحقيق أحلامهم في أن يصبحن قابلات. مُنحت جميع المتدربات دبلومات في القبالة لتقديم خدمات صحة الأم والوليد للمستفيدين المستهدفين بما في ذلك الولادة الآمنة للنساء الحوامل.
بفضل تمويل مركز الملك سلمان للإغاثة والعمل الإنساني، تواصل اليونيسف دعم توسيع نطاق خدمات الرعاية الصحية الأساسية للأطفال والنساء من خلال تقديم الخدمات في المرافق الصحية، والتوعية المجتمعية المنتظمة من المرافق الصحية إلى المجتمعات النائية والتوعية المتكاملة والفرق المتنقلة. هذا ممكن بتمويل من شريكنا الجيد في القطاع الصحي، مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية.