التعافي من خسائر التعلم الناجمة عن جائحة كوفيد-19

جهود المعلمين في المدارس المجتمعية الخاصة بالمهاجرين واللاجئين من جنوب السودان

جوزيف ستراند
Recovering from COVID-19 Learning Losses
جوزيف ستراند
23 حزيران / يونيو 2022

إننا نواجه اليوم أزمة تعلم عالمية. فالأطفال لا ينمون المهارات الأساسية للتعليم والتعلم، والتي يحتاجون إليها للتمكن من إكمال 12 سنة من التعليم وتحقيق كامل إمكاناتهم. قبل وقوع أزمة كوفيد-19، لم يتمكن نحو 60 في المائة من الأطفال الذين يبلغون العاشرة من عمرهم في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا من قراءة النصوص البسيطة أو فهمها. علاوة على ذلك، فإن هناك 10 ملايين طفل ممن يعيشون في مناطق النزاعات في المنطقة، والتي تعاني من ضعف البنى الأساسية والأحوال الاقتصادية المتردية، كانوا على وشك الانقطاع عن التعليم.

وفي مصر، ورغم ما أُحرز من تقدم كبير، لا يزال الأطفال المهمشون - لا سيما الأطفال المهاجرون واللاجئون - دون مستويات التعلم المتوقعة لأعمارهم فيما يتعلق بالإلمام بالقراءة والكتابة والحساب، وذلك استنادًا إلى مشاركة الأطفال في العديد من الدورات التدريبية التعليمية وملاحظات المعلمين. وقد تفاقمت هذه الأزمة التعليمية بسبب الآثار التي خلّفتها جائحة كوفيد-19.

وتشرح مودة، وهي معلمة للصف الثاني في إحدى المدارس المجتمعية للطلاب اللاجئين والمهاجرين من جنوب السودان بالقاهرة، بعضًا من أبعاد المسألة قائلًة: "بسبب بقاء الأطفال في المنزل لفترة طويلة خلال جائحة كوفيد-19، فقدوا الكثير من المعرفة. وقبل أن نتمكن من البدء في المنهج الجديد، كان علينا أن نعود ونكرر المحتوى السابق. ولا يزال الأطفال الملتحقون بالصف الثالث الآن يفتقدون المعارف والمعلومات الخاصة بالسنوات السابقة."

Recovering from COVID-19 Learning Losses
جوزيف ستراند

بالإضافة إلى ذلك، فإن عدم توافر فرص الوصول إلى التعلم عن بعد للأسر المهمشة قد أدى إلى تفاقم الأمر وزاد من إضعاف أي أمل في الحد من آثار الجائحة. وأصبحت هناك حاجة ماسة إلى أن تضطلع الكيانات المعنية بتنظيم الأعمال الحرة والقطاع الخاص بدور في التوصل إلى حلول لملايين الأطفال سواء في الفصول الدراسية أو في المنزل.

لقد كافح الآباء في جميع أنحاء العالم لدعم أطفالهم في المنزل في الوقت الذي كانت فيه المدارس مغلقة. وفي مجتمعات اللاجئين في مصر، لم يكن لدى العديد من الآباء الأدوات اللازمة لتقديم هذا الدعم لأطفالهم حتى لا ينقطعوا عن تعلمهم، هكذا وصف المعلمون في مدرسة المعرفة المجتمعية للاجئين الأمر. لقد تراجع الأطفال كثيرًا من حيث نتائج التعلم ويجتهد المعلمون الآن من أجل دعمهم ومساندتهم.

وتقول أماني، مدرسة بإحدى المدارس الابتدائية للأطفال اللاجئين والمهاجرين من جنوب السودان: "يواجه الأطفال على الصعيد العالمي تحديات نفسية بسبب التغيير في الروتين المعتاد وأسلوب الحياة نتيجة للجائحة. ولنتخيل حال أطفال اللاجئين الذين يعانون بالفعل من اضطرابات نفسية أخرى بسبب النزوح والحرب، وغير ذلك من الصعوبات اليومية؛ لقد أصبح الأطفال أكثر عنفًا وقلقًا."

Teachers’ Efforts in South Sudanese Community Schools
جوزيف ستراند

ويفتقر المعلمون الذين يخدمون المجتمعات الأكثر احتياجًا إلى معظم الموارد المخصصة للتعليم، كما أنهم يعانون من محدودية الفرص والدعم اللازمين لتحسين مهاراتهم التعليمية، الأمر الذي يؤدي إلى استمرار دوامة الفقر في التعلم بما يحمله من أثار وخيمة على الأطفال مدى الحياة. وقد وصفت مودة، مديرة مدرسة المعرفة المجتمعية، جهود المعلمين العاملين بالمدرسة التي تديرها بقولها: "عادةً، إذا قدمنا ٦ دروس في مادة معينة في الاسبوع، يتم تخصيص درس منها لمراجعة الأساسيات التي يتم دراستها في السنوات السابقة لضمان معالجة ما فقده الأطفال من تلك الأساسيات."

لقد هاجر المعلمون والآباء والأطفال الملتحقون بالمدارس المجتمعية الخاصة باللاجئين والمهاجرين من جنوب السودان قسرًا واقتلعوا جذورهم هربًا من حرب أهلية عنيفة أدت إلى نزوح ملايين الأشخاص. وبينما وجد الأطفال اللاجئون ملاذًا أكثر أمانًا في مصر، غير أنهم بحاجة إلى المزيد. إنهم بحاجة إلى الوفاء بحقهم في التعلم.

Teachers’ Efforts in South Sudanese Community Schools
جوزيف ستراند

وتدعم يونيسف المعلمين اللاجئين والمهاجرين حتى يتمكنوا من التعامل مع الآثار المتلاحقة المترتبة على حدوث جائحة كوفيد-19 على عملية التعلم ويصبحوا قادرين على استخدام التقنيات الأكثر فعالية لمساعدة طلابهم على اللحاق بركب التعلم وتعويض الأوقات الدراسية الضائعة.

وعلى الرغم من الصدمة التي عانى منها الأطفال اللاجئون والمهاجرون، إلا أنهم لا يزالون يشعرون بالحماس الذي يتوهج في نظرات أعينهم، ولا يزال لديهم رغبة في النجاح والازدهار، وقدرة لا تفتر على الابتسام تتضح عندما يبذل معلموهم جهدًا للتواصل معهم. صمودهم مذهل، لكن ماذا سيحل بمستقبلهم؟ إنهم في حاجة ماسة لفرص التعلم الجيد.

ومن ثم، تجري يونيسف تقييما لخسائر التعلم من أجل بحث سبل إنعاش العملية التعليمية والتعافي من الخسائر التي حدثت. وسوف يستند هذا التقييم إلى معايير تعليمية وطنية ودولية تقيس نتائج الإلمام بمهارات القراءة والكتابة والحساب للطلاب في مرحلة التعليم الابتدائي. وستقوم يونيسف في نهاية المطاف، بالتعاون مع وزارة التربية والتعليم والتعليم الفني، وDiscovery Education، وجامعة عين شمس، بتوفير الدعم اللازم للطلاب والمعلمين على السواء في ظل الأزمة الحالية للجائحة وأزمة التعليم على الصعيد العالمي. وسيسفر تقييم الاحتياجات عن استخلاص أداة للمعلمين من شأنها أن تساعدهم في تحديد الخسائر في تعلم الأطفال ومعالجتها في إطار الفصل الدراسي. وسوف تعقد اجتماعات تشاورية مع المعلمين والعاملين في المدارس المجتمعية للاجئين والمدارس المجتمعية المصرية والمدارس الحكومية لضمان حصول المدارس على الدعم الأمثل باعتبار ذلك جزء من التزام يونيسف تجاه مساءلة السكان المتضررين.

Thanks to generous contributions from The European Commission's Humanitarian Aid
جوزيف ستراند

وبفضل الإسهامات السخية المقدمة من إدارة المعونة الإنسانية والحماية المدنية التابعة للمفوضية الأوروبية، ومكتب السكان واللاجئين والهجرة بوزارة الخارجية الأمريكية، وصندوق الفرص المقدم من هولندا، تتعاون يونيسف في مصر مع الكيانات الحكومية الوطنية والخبراء الدوليين للوصول إلى ما يقرب من ثلاثين ألف طفل من جنسيات مختلفة في المدارس المجتمعية للاجئين والمدارس الحكومية من خلال برنامج لتدارك وإصلاح الخسائر في التعلم الناجمة عن جائحة كوفيد-19.