أختي بطلتي
تحمل ياسمين لأختها آية جميلًا لا يُنسى لإنقاذها من جريمة ختان الإناث

- متوفر بـ:
- English
- العربية
في الماضي، كانت هناك صورة نمطية في قصص الأطفال للفتاة الجميلة التي تتعرض لخطر لا يستطيع إنقاذها منه سوى الأمير الوسيم. وكان ذلك انعكاسًا لواقع لم تكن النساء والفتيات لديهن الفرصة الكافية للتعبير عن أنفسهن، واستكشاف قدراتهن وقوتهن، والاستقلال وأخذ القرارات المتعلقة بالحياة والمستقبل بأنفسهن.
تغير ذلك في الحاضر، وانعكس ذلك حتى على أفلام الكارتون التي أصبحت تستعرض بطلات خارقات ينقذن أنفسهن ومن يحبون.
يُعتبر تمكين الفتيات وحمايتهن من العنف من القضايا الأساسية التي تهتم بيها يونيسف. ومن ضمن صور العنف الأكثر انتشارًا في الصعيد ختان الإناث. وفي إطار ذلك، تدعم يونيسف الجهود الوطنية لمحاربة ختان الإناث منذ عام 2003 بالتعاون مع صندوق الأمم المتحدة للسكان عبر "البرنامج المشترك للقضاء على تشويه الأعضاء التناسلية للإناث". تشمل قائمة الداعمين لهذا البرنامج حاليًا الاتحاد الأوروبي وحكومات النمسا وآيسلندا وإيطاليا ولوكسمبورغ والنرويج وإسبانيا والسويد والمملكة المتحدة.
بالإضافة إلى ذلك ، تدعم الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية يونيسف من خلال مشروع "تهيئة بيئة داعمة للنشء في مصر" من 2018 إلى 2021، والذي يتناول القضايا المتعلقة بختان الإناث وتمكين الفتيات المعرضات للخطر.
نستعرض في هذا المقال المصور قصة لبطلة من قلب الصعيد حمت أختها الأصغر واحدة من أسوأ صور العنف المبني على النوع، وتساهم في توعية أهالي وحماية الفتيات في قريتها.

تذهب ياسمين إلى المدرسة في الصباح، وفي طريق العودة تمر على الأرض التي تمتلكها عائلتها، حيث تقوم بإطعام الحيوانات وجبة "الغداء" كما تحب أن تسميها. بعدها تعود للبيت للراحة والمذاكرة، وإذا تبقى لديها بعض الوقت تعود مرة أخرى بعد العصر لمساعدة أخيها في بعض الأعمال الزراعية التي تعلمتها منذ أن كانت طفلة من أبيها الراحل، وهي تفضل زراعة الذرة تحديدًا لأن "شكلها حلو وشغلها خفيف" على حد تعبيرها.
ربما لا يعكر صفو هذه الحياة الهادئة سوى ذكرى مخيفة محفورة في ذهنها منذ أن كانت طفلة في السابعة. ذكرى اليوم الذي تم فيه ختان أختها الكبرى آية.

آية – 22 سنة - فتاة هادئة الطباع مثل أختها، لكنها أكثر جرأة وقوة في التعبير عن آرائها وتجاوز صدماتها الشخصية من أجل هدف أكبر.
أصرت والدة آية على ختانها عندما كان عمرها عشر سنوات فقط، وتم ختانها في المنزل على يد داية. عندما يتم ختان إحدى فتيات البيت، يحاول الأهل إبقاء أخواتها الأصغر سنًا في حجرة أخرى حتى لا يشاهدن ما يحدث لأختهن الكبرى، لكن ذلك لا يمنع عادة وصول صوت الصراخ إلى الحجرة الأخرى. تقول آية:"ياسمين كانت صغيرة وقتها، بس فاكرة اللي أنا مريت بيه من صوت صريخي وقلق أهلي بعدها من النزيف اللي حصل لي."
تُظهر البيانات التي تجمع بين تقديرات المسح السكاني الصحي – مصر 2014 والجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء أنه من بين 8.5 مليون فتاة تتراوح أعمارهن بين 5 و 14 عامًا ، خضعت 1.6 مليون فتاة لختان الإناث و 3.1 مليون فتاة قد تكون في خطر بسبب نية أمهاتهن أن يقمن بختانهن في المستقبل.

مثل الكثير من الفتيات اللاتي يخضعن لعملية جراحية بلا قواعد طبية مثل ختان الإناث، تعرضت آية لنزيف كاد يودي بحياتها. لكنها استطاعت أن تستغل تلك المعاناة في إقناع أهلها بالعدول عن قرار ختان أختها الأصغر ياسمين. لكنها لم تكن معركة سهلة كما تحكي قائلة: "لما ياسمين جه عليها الدور، أنا وقفت لماما وفكرتها باللي شفناه فيا، وقلتلها إن ياسمين ضعيفة عني وممكن تموت فيها، وسمعت كلامي لمدة سنتين لحد ما الستات التانية بدأت تلومها إنها ماختنتهاش لحد دلوقتي، فماما رجعت تفكر تاني، ووقفتلها مرة تانية وشرحتلها الجانب الديني كمان اللي بيقول إن ده مش من الإسلام، مش علشان ياسمين بس، لكن علشان أي بنت تانية."
أثناء عملها بالصيدلية، تقابل آية الكثير من حالات النزيف بسبب ختان الإناث، وتحاول توعية الأهالي الذين يأتون لشراء الأدوية والمستلزمات الطبية بالامتناع عن تكرار هذه الفعلة الشنيعة مع بناتهم الأخريات. تقول: "فيه أهالي بتتعلم من اللي بتشوفه في بنتها الأولانية ومش بتختن التانية."

ياسمين ليست متأكدة بعد كيف ستسير حياتها في المستقبل، لكنها تفضل لو ظلت تلك الأرض التي ترتبط بها وبحيواناتها جزءً من حياتها أيًا كان المسار. كذلك، تتطلع بكثير من الإعجاب إلى أختها الكبرى التي حصلت على حقها في التعليم والعمل وما منحها ذلك من قوة في التعبير عن الرأي وحماية الآخرين. تقول: "أنا حابة أطلع زي أختي، أكمل ثانوي وأشتغل، وحتى بعد ما أتجوز وأخلف أشتغل برضه."
تحضر آية وياسمين ندوات تقيمها جمعية الطفولة والتنمية بأسيوط، والتي تتعاون مع يونيسف منذ سنوات في مكافحة ختان الإناث في 76 قرية في 6 مناطق في محافظة أسيوط. هذه الشراكة كانت حجر الأساس لتعبئة المجتمع ودعم التغيير الاجتماعي لمناهضة ختان الإناث، ويتمثل ذلك في الأعداد المتزايدة للعائلات التي تعلن صراحة عن تخليها عن ختان بناتها.
وللاستفادة من شجاعة الفتيات مثل آية وياسمين في الإعلان عن رفضهن لختان الإناث، تعمل الجمعية مع مجموعات الشباب المؤثرين لتدريبهم على التواصل مع الأسر في قراهم وتوعيتهم وتقديم الدعم للفتيات المعرضات للخطر.