توطين الحلول من خلال دمج المجتمعات

أخصائيية الشراكات الخاصة في اليونيسف تعكس تجارب في إضفاء الطابع المحلي على الحلول من خلال إشراك المجتمعات والقطاع الخاص.

عبير ابراهيم
Partnership
UNICEF
28 شباط / فبراير 2022

كانت الأغذية العلاجية الجاهزة للاستخدام (RUTF) تُستورد من الخارج، رغم أنّ السودان هو أحد أكبر خمسة منتجين للفول السوداني على مستوى العالم، إذ أن السودان ينتج ما نسبته 14 في المائة من إنتاج الفول السوداني في العالم. ألهمنا هذا الوضع لأن نطرح السؤال التالي: لماذا لا نعمل مع  مزارعي الفول السوداني المحليين في السودان  لمكافحة سوء التغذية، مما يمكننا في نفس الوقت من تحفيز الاقتصاد المحلي وخلق فرص عمل؟ وهذا بالضبط ما فعلناه في عام 2012. مع ارتفاع معدلات سوء التغذية بين الأطفال دون سن الخمس سنوات في السودان، استُخدمت الأغذية العلاجية التي تحتوي على الفول السوداني المنتج محليًا والغني بالمغذيات في علاج الأطفال المصابين بسوء التغذية الحاد، بالإضافة إلى الأغذية العلاجية المستوردة.

إنه مجرد مثالٍ واحد على كيفية استمرار اليونيسف بالابتكار لإيجاد الطرق الجديدة والمحسنة لمساعدة الأطفال المحتاجين، من خلال الاستفادة من الخبرات والموارد المتوفرة على المستوى القطري.

إن اليونيسف في السودان، تبحث دائمًا عن طرق فعالة للتعاون مع القطاع الخاص- والعمل معًا كفريق واحد، سواء مع المؤسسات، والشركات مثل "شركة الشامل للأعمال المتقدمة" و"شركة حجّار المحدودة" و"زين السودان" و شركة مركز التدريب لمعرفة ما يطورونه لديهم، حتى نتمكن من الملائمة لتلبية احتياجات الأطفال في أماكن مثل السودان.

Partnership
UNICEF
عملت اليونيسف عن كثب مع سلام ، وهي مؤسسة اجتماعية تقودها النساء لتصنيع وتوزيع ما يقرب من مليون قناع وجه قابل لإعادة الاستخدام.

عندما نتواصل مع هؤلاء الشركاء المحتملين، أو عندما يأتي إلينا شريك محتمل، فإننا نجلس معًا ونتحادث عن بعض التحديات التي نحاول معالجتها في السودان. نبحث عن نوع الخبرة التي يمكن تقديمها إلى طاولة المفاوضات، وما يمكن أن نتعلمه من بعضنا البعض للمساعدة في تسريع النتائج بأفضل وأسرع شكل ممكن.

فعلى سبيل المثال، تعاونت اليونيسف في السودان ومجموعة حجّار مع الطلاب في إقامة "سباق برمجة ذكية" (هاكاثون) يهدف إلى تطوير حل حقيقيّ يمكنه أن يسدّ الفجوات من أجل توسيع نطاق حصول المناطق التي يصعب الوصول إليها والمهمشة، على المياه النظيفة. خرج الطلاب بتصميم لدلو، وقد فاز هذا التصميم وتمّ بالفعل تصنيعه محليًا بواسطة شركة "كولدير" الهندسية، وهي شركة تابعة لشركة حجّار. يساعد هذا الحل الذي تمّ التوصل إليه محليًّا في تحسين صحة ورفاهية الأطفال في مجتمعاتهم المحليّة ومدارسهم، وكذلك في المرافق الصحية.

كما أن يونيسف السودان تستشير الشباب الذين يقودون التغيير التحوّلي في مجتمعاتهم المحليّة في جميع أنحاء السودان. ففي العام الماضي، واستجابة لنقص الوقود في البلاد، قام المخترعون الشباب ببناء سيّارة تعمل بالطاقة الشمسية  لمساعدة الذين نزحوا بسبب النزاع في ولاية النيل الأزرق على الوصول إلى المدرسة. إنهم شباب ويعملون على إنشاء حلول مبتكرة لمواجهة التحديات اليومية، مع خلق الفرص الاقتصادية في المجتمعات المحليّة الأكثر عرضة للخطر. قام مكتب اليونيسف في السودان، بتوفير المهارات التقنية الإضافية والتدريب والتمويل، وتعاونت مع حكومة الولاية والقطاع الخاص، للمساعدة في توسيع نطاق ابتكارات هؤلاء الشباب. من المهم الربط بين جميع الجهات الفاعلة، بما في ذلك الحكومة والمنظمات متعدّدة الأطراف والمجتمع المدني والقطاع الخاص، لتسريع الاستثمارات والتعاون نحو التنمية المستدامة.

كان السودان في الواقع، ومنذ بداية الاستجابة لجائحة "كوفيد-19"، قد أخذ يخفف من هشاشة نظام الرعاية الصحية والوضع الاقتصادي.

تلعب النساء في السودان أيضًا دورًا مهمًا في الاستجابة للحالات الطارئة كما هو الحال مع جائحة "كوفيد-19". وقد عملت اليونيسف عن كثب مع "سلام"، وهي مؤسسة اجتماعية تقودها النساء، تُنتج وتوزّع ما يقرب من مليون كمامة قابل لإعادة الاستخدام. لقد قُمنا الآن بتوسيع نطاق هذه الشراكة، وتعاوننا مع المجتمعات المحلية والمدارس والحكومات لإجراء البحوث وتقديم المعلومات حول الدورة الشهرية، وتعزيز النظافة الذاتية الإيجابية، وكسر المحظورات وتسهيل الإنتاج المحلي للفوط الصحيّة القابلة لإعادة الاستخدام في السودان.

 

Partnership
UNICEF
منذر محمد ، سفير اليونيسف للشباب ، هو أحد المخترعين وراء السيارة التي تعمل بالطاقة الشمسية

تواصل اليونيسف في عام 2022، العمل بناءً على الابتكارات الحالية، ونواصل أيضًا البحث عن ابتكارات جديدة. كما تعمل اليونيسف من خلال مبادرة  الأعمال من أجل النتائج، على دفع الأعمال والأسواق من أجل الأطفال بأقصى قوة ممكنة، بدءًا من بناء قدرات الإنتاج المحلي، مثل صنع أوعية حفظ المياه والفوط الصحية، إلى تطوير أدوات الذكاء الاصطناعي والعديد من المبادرات الأخرى.

لا توجد فكرة بعيدة المنال ما دامت اليونيسف في السودان، ومن خلال شراكات تقوم على القيم المشتركة والابتكار والتعاون الهادف مع القطاع الخاص في البلاد، تعمل على تطوير طرق فعالة لدفع الابتكار، مثل أداة "معلومات الوقت الحقيقي RapidPro، وأداة الرسائل الاجتماعية ونظام البيانات U-Report، واستكشاف الكيفية التي يمكن للاستراتيجية الوطنية للتكنولوجيا من أجل التنمية أن تسرع في تحقيق النتائج لكل طفل في السودان. إن هذه هي أوقات مثيرة للابتكار بالنسبة لليونيسف، وأنا متحمّسة بشأن المستقبل وما يحمله معه للسودان في العديد من مشاريع الابتكار والاستثمارات التي ستتطلب شراكات قوية ومتعدّدة القطاعات، وتنسيقًا بين الأمم المتحدة والجهات الفاعلة في القطاعين العام والخاص، والأهم من ذلك، الشباب. إنهم الأشخاص الذين يجب أن يكونوا محور هذا التحوّل.