تكافح الطفلة الصغيرة محراب للتغلب على سوء التغذية

"كانت محراب ضعيفة للغاية وعيناها غائرتان ولم تكُن تقوى على الابتسامة التي تراها على وجهها اليوم. "

بروسكوفيا ناكيبوكا
malnu
UNICEF Sudan/2022/Abdalrasol
18 آب / أغسطس 2022

بإمكان الطفلة الصغيرة محراب عبد الله البالغة من العمر سنة واحدة، أن تبتسم اليوم، إذ أنها ستنتصر قريبًا في المعركة الكبيرة جدًا بالنسبة لطفلة صغيرة مثلها.

حين أُدخلت قبل أسبوعين إلى مركز الفاشر لتحقيق الاستقرار كانت حالة محراب الصحية مختلفة تمامًا. يومها، كان جسمها كله منتفخًا وشعرها مُصفَرُّ، وكانت تعاني من الحمى الشديدة والإسهال ونوبات القيء.

تقول محاسن أبو بكر سليمان التي تبلغ من العمر 20 عامًا وأم لطفلين: "كانت محراب ضعيفة للغاية وعيناها غائرتان ولم تكُن تقوى على الابتسامة التي تراها على وجهها اليوم. وبالكاد بقي في معدتها شيء من الطعام ولم تكُن تقوى على الرضاعة الطبيعية".

شعرت محاسن بالقلق على ابنتها مخافة إلا تتمكّن الطفلة من البقاء على قيد الحياة.

لم تعرف الوالدة سبب مرض طفلتها، فنُقلت محراب إلى مستشفى الفاشر حيث أكّد العاملون في مجال الصحة أن الطفلة تعاني من سوء التغذية الحاد الوخيم (SAM) ومضاعفات طبية أخرى، وهي حالة لم يسبق لمحاسن أن واجهتها مع طفلها الأول.

malnutrition, nutrition, infant nutrition, UNICEF, plumpy nut, ready to use therapeutic food, RUTF, SAM, severe acute malnutrition, severely malnourished, wasting, stunting
UNICEF Sudan/2022/Abdalrasol

أُدخِلت محراب إلى مركز الاستقرار، حيث لا تزال تتعافى. وهناك، تلقت العلاج والتغذية بالحليب العلاجي المغذي للغاية، وصار الآن بإمكانها أن تبتسم وهي تجلس في حضن والدتها وتعانقها، وأن ترتسم الابتسامة على وجهها وتُسعد الآخرين.

في هذا المركز الذي تدعمه اليونيسف بدعم ماليّ من صندوق الأمم المتحدة المركزي لمواجهة الطوارئ (CERF)  ومكتب المساعدة الإنساني (BHA)، تكافح محراب والعديد من الأطفال الآخرين دون سن الخمس سنوات الذين يعانون من سوء التغذية الحاد الشديد. وبينما يتعافى الكثيرون بسرعة كبيرة، إلا أن البعض الآخر لا يزال في حالة حرجة.

حسب ما تقوله هويدا عمر، مسئولة التغذية، فإن علاج الأطفال يتم على مرحلتين عندما يتم إدخالهم إلى المركز. يُدخل الأطفال وهم لا يزالون مرضى وضعفاء، ويُغذّون في المرحلة الأولى بالحليب العلاجي ذي التغذية العالية (F75) ، ويُزوّدون بعلاج الحالات الطبية الذي يشمل معالجة محلول معالجة الجفاف عن طريق الفم (ReSoMal). وفي المرحلة الثانية يستمر الأطفال بتناول نوع آخر من الحليب العلاجي (F100) – و إذا اجتازوا اختبار الشهية يُزوّدون بالأغذية العلاجية الجاهزة للاستخدام. وتقوم اليونيسف بتوفير كل الأغذية العلاجية والرعاية في المركز.

يتمّ علاج محراب في المرحلة الأولى حاليًا. ومع استمرارها في تناول الحليب العلاجي المغذي إضافة إلى الرضاعة الطبيعية، فإن محراب ستنتقل قريبًا إلى المرحلة الثانية، فهي تتعافى بسرعة كبيرة.

إن محراب والأطفال الموجودين في القسم هم مجرد جزء بسيط ممن يعانون من سوء التغذية الحاد والوخيم. لسوء الحظ، هناك حوالي 650 ألف طفل يعانون من سوء التغذية الحاد الوخيم في السودان، ومن المتوقع أن ترتفع الأرقام نظرًا إلى الوضع الاقتصادي الحالي وارتفاع مستويات الفقر وموجات الجفاف الطويلة التي تؤدي إلى ضعف المحاصيل.

الإحصائيات الحالية تشهد على الأزمة الراهنة. وأعداد الأطفال الذين يعانون من سوء التغذية الحاد الشديد والمضاعفات الطبية أعلى بكثير من مثيلتها خلال نفس الفترة من العام الماضي.

يعطي خبراء التغذية في المركز الأولوية أثناء علاج الأطفال لجلسات الإرشاد التغذوي الخاص بالأمهات وأولياء الأمور حول تغذية الرضع وصغار الأطفال. ويؤكدون على مخاطر سوء التغذية وكيفية منع حدوثها، وعلى فوائد الرضاعة الطبيعية، ومخاطر الفطام المفاجئ للأطفال - والذي لا يزال شائعًا- وعلى التغذية التكميلية، والنظافة، والتنوع الغذائي، من بين مواضيع أخرى.

يتم أيضًا ترتيب جلسات الاستشارة الفردية في رُكن/غرفة للرضاعة الطبيعية تم إنشاؤها حديثًا، خاصة للأمهات اللواتي يعانين من تحديات في الرضاعة الطبيعية.

"تتعلم الأمهات الكثير ويُطبِّقن ما تعلمنه. إن التغيير في السلوك أمر بالغ الأهمية لإيجاد حلول مستدامة 

عفاف محمد بريمة، أخصائية الصحة والتغذية في اليونيسف
malnutrition, nutrition, infant nutrition, UNICEF, plumpy nut, ready to use therapeutic food, RUTF, SAM, severe acute malnutrition, severely malnourished, wasting, stunting
UNICEF Sudan/2022/Abdalrasol

يؤكد عمال التغذية أنّ محراب تستجيب للعلاج بشكل إيجابي. وفي الوقت الذي تستعد فيه محراب لمغادرة المرفق الصحي في غضون أسابيع قليلة، فإن والدتها، محاسن، مصممة على تطبيق ما تعلمته في المركز لضمان تعافي ابنتها التامّ. تقول محاسن والابتسامة ترتسم على وجهها: "سأستمر في إرضاع طفلتي رضاعة طبيعية حتى تبلغ العامين. أخبرني الأطباء أن هذا سيساعدها على التعافي بشكل أسرع وأن حليب الأم يحتوي على العديد من العناصر الغذائية. وقد وعدت محاسن بمشاركة زميلاتها من الأمهات في مجتمعها المحليّ، بالمعرفة التي اكتسبتها، لكي لا يتعرّض أطفالهن للتجربة التي عانت منها طفلتها.