مواجهة الحياة في قطاع غزة بإعاقة جديدة
غزل، مثلها مثل الآلاف من الأطفال في قطاع غزة، فقدوا أطرافهم, ومعها فقدوا أحلامهم. والأسوأ من ذلك، فهم يواجهون الآن مستقبلاً غير معروف.
- متوفر بـ:
- English
- العربية
يمكن أن تنقلب حياة أي طفل في قطاع غزة إلى كابوس بمعنى الكلمة في غمضة عين.
تعاني الأُسر في غزة الأمَرين في محاولتهم للحفاظ على سلامة أطفالهم. إلا أن هذا الأمر يزداد صعوبة يوماً بعد يوم مع ارتفاع واشتداد وتيرة القصف. العديد من البيوت دُمرت، وانتهى المطاف بالكثير من الأطفال تحت الأنقاض. أكثر من 9,000 طفل جرحوا في قطاع غزة، حيث ترك العديد منهم ليصارعوا آلام فقدهم لذراعٍ أو ساق.
هذه قصة عن الطفولة التي فُقدت تحت الأنقاض، كيف تحولت أحلام الأطفال إلى كوابيس، وعن الرحلة الشاقة على درب التعافي المُضني. غزل طفلة عمرها 4 سنوات من قطاع غزة، تحمل وزر تأثيرات الحرب المباشرة على جسدها الصغير.
في 12 أكتوبر/تشرين الأول، تعرض بيت غزل للقصف. كانت مرتبكة ومصدومة وكانت تعاني من ألم شديد في ساقها اليسرى.
أُصيبت غزل إصابةً خطرة في قدمها مسحت الابتسامة عن وجهها. ونظراً لحجم الدمار والمخاوف الأمنية، لم يتمكن الفريق الطبي من الوصول إليها، فقام طبيب يعيش في حيها بإجراء عملية جراحية مُرتجلة لوقف النزيف في قدمها.
وكما هو الحال في الكثير من الحالات الأخرى في قطاع غزة، اضطر الطبيب إلى إجراء الجراحة في ظروف غير ملائمة، وبدون تخدير بسبب نقص اللوازم والمعدات الطبية. تمكن الطبيب من وقف النزيف، إلا أن قدمها كانت قد تلوثت والتهبت. وأخيراً، وبعد عدة أيام، تمكنت غزل من الوصول إلى مٌجمع ناصر لطبي في خان يونس. هناك، واجه الفريق الطبي قراراً صعباً ومروعاً: قرار أنه لا مناص عن بتر قدم غزل.
كانت أُسرة غزل برفقتها طوال هذه الفترة. وبينما كانت تستعد لعملية البتر، كان يقف والدها إلى جانبها، يضمها إليه، غامراً إياها بعطفه وحنانه. قدم والد غزل لها كل الدعم والحنان الممكن لمساعدتها على تحمل هذه العملية التي لا يجب على أي طفل، في أي مكان، أن يختبر مثلها.
بعد العملية، أمضت غزل عدة أيام للتعافي في المستشفى. وبينما كانت تستلقي في سريرها في أحد أروقة المستشفى في صراع مع الألم الشديد، بقيت أُسرتها إلى جانبها على الدوام.
جميع العاملين في المجال الصحي في قطاع يعملون بموارد محدودة للغاية. في كثير من الأحيان يضطرون لإجراء العمليات في غياب الكهرباء، وبدون وجود مياه جارية، وفي ظروف صحية بالغة السوء. ورغم ذلك، فهذه الظروف الفظيعة والبالغة الصعوبة تسلط الضوء على التفاني والصمود المذهلين لمقدمي الخدمات الصحية، والذين يعملون لساعات طويلة وبدون انقطاع.
أشارت الإحصاءات من قبل الحرب إلى أن 12٪ من الأطفال الفلسطينيين ممن تتراوح أعمارهم بين 2 و 17 عاماً يواجهون صعوبة وظيفية واحدة أو أكثر، في حين أن 21٪ من الأسر المعيشية في غزة تضم فرداً واحداً على الأقل يعاني من إعاقات جسدية أو ذهنية. وعلى الرغم من شُح البيانات المتاحة في الوقت الحالي، إلا أن التقديرات تشير إلى ارتفاع كبير في الإعاقات بين الأطفال.
إن صوت غزل هو صوت يمثل محنة الآلاف من الأطفال في قطاع غزة. نحن بحاجة إلى وقف إطلاق نار إنساني فوري ومستدام، ونحن بحاجة إليه الآن.