تعليم المهارات الحياتية: نحو رؤية تجديدية للتعليم
أداة تعليم المهارات الحياتية والمواطنة

- متوفر بـ:
- English
- العربية
في ظل البيئة المعقدة التي نعيشها اليوم والتي تتميز بكونها سريعة التغير ومليئة بالتحديات اليومية، خاصة خلال جائحة كوفيد-19، سؤال بارز يفرض نفسه: هل نقوم بتجهيز الجيل القادم - من الأطفال والشباب - بالمهارات الحياتية المناسبة للتكيف مع العالم من حولهم؟
يجب أن تقابل طبيعة هذا العصر الرقمي المتغيرة برؤية تجديدية وشاملة ومستمرة للتعليم. لذلك فإن تعليم المهارات الحياتية وتعلمها - وتسمى أيضًا مهارات القرن الحادي والعشرين - مهم للغاية لتمكين الأطفال والشباب من تحقيق النجاح في التعليم والتوظيف والأهداف الشخصية. ورغم ذلك، فإن القليل من الأنظمة التعليمية قد دمجت المهارات الحياتية في مناهجها التعليمية. أحد أسباب ذلك هو التحديات المتعلقة بنقص المعرفة حول كيفية قياس المهارات الحياتية وتقييمها.
وبناءً على إطار العمل الإقليمي لتعليم المهارات الحياتية والمواطنة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، فإن منظمة اليونيسف والبنك الدولي قد طورا أداة قياس المهارات الحياتية والمواطنة. تم إطلاق الأداة عام 2017 من أجل تجهيز الأطفال والشباب بشكل أفضل لإنتاج المعرفة ولمواجهة التحولات من مرحلة الطفولة للبلوغ، ومن مرحلة التعليم للعمل، ومن التنمية غير المدروسة للمواطنة المسؤولة والفعالة. خلال السنوات الثلاث الماضية تم تطوير أداة تعليم المهارات الحياتية والمواطنة بغية إطلاع وزارات التربية والتعليم على تصور لنظام وطني موثوق به يقربها من درجات طلاب الصف السابع، اعتمادا على المهارات الحياتية الثمانية، وتحديد مجموعات فرعية من الطلاب الذين يحتاجون إلى مزيد من الدعم.
"أداة تعليم المهارات الحياتية والمواطنة هي نقطة بداية صوب مراجعة السياسات التعليمية وتغيير المناهج الدراسية ومضامينها. هذا الأمر سيمكن طلابنا من تعزيز تفكيرهم النقدي وإبداعهم والتعود على محتويات متنوعة منذ سن مبكرة.".
رحلة منسقي البحوث الوطنية الثلاث
سعاد هي واحدة من منسقي البحوث الوطنية (NRC) الذين شاركوا وساهموا في تطوير أداة تعليم المهارات الحياتية والمواطنة وتعقبها ميدانيًا. تشرف سعاد على تنفيذ التجربة الميدانية للأداة في تونس، مع الحرص على ملائمة الأداة وتكييفها مع سياق بلادها. كما لعب عبد الله بشارات في دولة فلسطين وخالد السيد في مصر، دورا مشابها، حيث قاما بدعم وتطوير التجربة الميدانية لأداة تعليم المهارات الحياتية والمواطنة داخل بلدانهم.
تم اختيار هذه البلدان الثلاثة - مصر ودولة فلسطين وتونس - للتجربة الميدانية لأداة تعليم المهارات الحياتية والمواطنة، من أجل تمثيل التنوع المهم في جميع أنحاء منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، بحيث يمكن استخدام الأداة النهائية على نطاق واسع في جميع بلدان المنطقة.
"لقد شاركت في عدة اجتماعات في الأردن لمراجعة هذه الأداة، جنبًا إلى جنب مع منسقي البحوث الوطنية من تونس ومصر. في البداية، قمنا بمراجعة الأداة بشكل كامل ودقيق، وتم الاتفاق على محتواها بعد التأكد من قابليتها للتكيف مع السياق الفلسطيني والتونسي والمصري، وسنظل نتابع عن كثب سير العملية ونتائجها." يؤكد عبد الله بشارات، منسق البحوث الوطنية لدولة فلسطين.
لقد تم تصميم واختبار أداة تعليم المهارات الحياتية والمواطنة من أجل تقييم المهارات الحياتية الثمانية التالية: الابتكار، حل المشكلات، والتفاوض، واتخاذ القرارات، والإدارة الذاتية، واحترام التنوع، والتعاطف والمشاركة. أما بالنسبة لأدوات القياس الخاصة بالمهارات الحياتية الأربعة المتبقية - التفكير النقدي، والتعاون، والمرونة، والاتصال- فهي حاليًا قيد التطوير.
"إن هذه المهارات الحياتية ضرورية لجيل اليوم" يقول خالد السيد، منسق البحوث الوطنية لمصر. ويضيف "نحتاج إلى استخدام هذه الأداة لأنها مبنية على أساس علمي، وستكون نتائجها مفيدة جدًا من أجل تحسين النظام التعليمي وصياغة مناهج دراسية أفضل تحترم احتياجات وآمال هذا الجيل".
إن الخطوة الأولى نحو تطوير هذه الأداة كانت هي البحث الدقيق عن التعريفات القابلة للقياس للمهارات الحياتية، من خلال الوقوف على النُهج والأدوات المستعملة حاليا في قياس المهارات الحياتية.
إن لتطبيق أداة تعليم المهارات الحياتية والمواطنة عدة مميزات أو أهداف، لعل أهمها:
- تحسين النتائج الحياتية من خلال السياسات التعليمية والتدخلات المحددة الأهداف والتي تحتاج إلى فهم نتائج المهارات الحياتية وتوزيعها على طلاب المدارس.
- دمج المهارات الحياتية في أنظمة التعليم الوطنية والتدخلات المستهدفة من خلال محتوى التدريس وعملية التعليم والتعلم يتطلب الاتساق مع نتائج المهارات الحياتية.
- مراقبة اكتساب المهارات الحياتية، ومن ثم فعالية سياسات التعلم والتدخلات المستهدفة والتي تتطلب التقييم المنتظم لنتائج المهارات الحياتية والاتجاهات على مدار الوقت.
"أعتقد أنه من الخطأ التركيز فقط على المهارات العلمية، لأن طلاب اليوم ومواطني الغد يحتاجون إلى التفكير النقدي والإبداع ومهارات التفاوض وحل المشكلات والتواصل، بالإضافة إلى حاجتهم إلى تعلم الرياضيات والعلوم والمهارات الأكاديمية الأخرى ". تؤكد سعاد.
تجربة فريدة مع فريق عمل متنوع
تطلب تطوير أداة تعليم المهارات الحياتية والمواطنة عملًا جماعيًا مهمًا - على المستوى الإقليمي وكذلك على مستوى الوطني - مما يجعلها تجربة مهنية فريدة و"ثرية" بالنسبة لمنسقي البحوث الوطنية الثلاث. "نحن نعمل مع فريق كبير ونتفاعل مع أشخاص من بلدان مختلفة لتطوير هذه الأداة وتحسينها، ولهذا السبب كانت تجربة مثمرة." يقول خالد.
في نفس السياق، يضيف عبد الله: "من هذه التجربة الرائعة ، قمت بتطوير نظرة عامة حول مستوى معرفة الطلاب من حيث المهارات الحياتية وتعليم المواطنة في دولة فلسطين، وتعرفت أيضًا على السياقات الثقافية والاجتماعية لـ دول مختلفة وخاصة مصر وتونس. اكتسبت أيضًا فهمًا لكيفية إجراء مسح كبير جدًا وكيفية إدخال البيانات وإدارتها".
تطبيق أداة تعليم المهارات الحياتية والمواطنة
إن تقييم وضع نتائج المهارات الحياتية وتعلمها وفهمها في أي دولة هو الخطوة الأولى نحو إدراك الإمكانات الكاملة لنظام التعليم لتحسين تجربة التعليم للأطفال والشباب. فإذا تقدمت إحدى الدول بطلب الحصول على أداة تعليم المهارات الحياتية والمواطنة، فإن النتائج ستوضح لصناع السياسة والمعلمين معلومات متعلقة بما يلي:
- فهم مستويات المهارات الحياتية وتوزيعها على طلاب المدارس،
- توضيح طبيعة التدخلات اللازمة ونطاقها لتعزيز تعليم المهارات الحياتية وتعلمها،
- تتبع تقدم السياسات والتدخلات المصممة لتحسين المهارات الحياتية.
يمكن تطبيق الأداة في كل دولة في المنطقة. لا تعتمد الأداة المطورة على أي مناهج وطنية لأنها تركز على قياس درجات المهارات الحياتية بغض النظر عن المحتوى التأديبي.
فى حال رغبت الدولة فى تنفيذ الدراسة الخاصة بقياس المهارات الحياتية والمواطنة عن طريق تطبيق أداة تعليم المهارات الحياتية والمواطنة يمكن الاتصال بمكاتب منظمة اليونيسف والبنك الدولي في كل دولة معنية أو الاتصال بالمكتب الإقليمي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا التابع لمنظمة اليونيسف من خلال البريد الإلكتروني التالي: lsce-m@unicef.org.
"أعتقد أنه من المهم قياس المهارات الحياتية، وسيكون من الرائع استخدام هذه الأداة من أجل النهوض بالمناهج التعليمية في مصر." يقول خالد. في نفس السياق، يؤكد عبد الله: "من المهم بالنسبة لنا كفلسطينيين إدراج المهارات الحياتية والمواطنة في المناهج الدراسية إذا أردنا تربية جيل قادر على الخلق والإبداع ومواجهة تحديات العصر."
يعد تطوير أداة تعليم المهارات الحياتية والمواطنة لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا مبادرة مشتركة بين اليونيسف والبنك الدولي بدعم من جامعة روهامبتون، والرابطة الدولية لتقييم التحصيل التربوي (IEA) والمؤسسة الوطنية للبحوث التربوية (NFER).

حول المُحَاور/المُحاوَرين:
ياسمين وباهي هي مسؤولة عن إدارة وسائل التواصل الاجتماعي في مكتب اليونيسف الإقليمي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
عبد الله بشارات هو حاصل على دكتوراه في تعليم العلوم والبيئة وتصميم البحوث والأدوات البحثية والتحليل الكمي والكيفي بجامعة بيرزيت بفلسطين.
سعاد عبد الواحد هي خبيرة في مجال التقييم ومعالجة البيانات و أستاذة باحثة بجامعة تونس المنار.
خالد محمد سيد هو دكتور باحث بقسم تطوير الامتحانات - المركز القومى للامتحانات والتقويم التربوى