تستخدم اليونيسف في لبنان وسكان حيّ المساكن المسرح التفاعلي لتمكين التسهيل الإجتماعي

كيف مكّن مشروع يونيسف لبنان/ والجمعيات الخيرية المسيحية الأرثوذكسية الدولية أعضاء لجنة المساكن الصغار من التعبير عن آرائهم والدفاع عن حقوقهم

سيمون بالسوم
In the interactive theater event, eight 10- to 16-year-old junior committee members from Al-Masaken in El-Mina, Tripoli, played roles that raise awareness and promote positive change among the community.
Rana Hage/IOCC
15 أيار / مايو 2019

شكّل المسرح الحيّ قوة جليّة في تحفيز النقاش كما حصل مع ثمانية مشاركين من الأطفال، تتراوح أعمارهم بين عشر سنوات و16 سنة، من حيّ المساكن، المجاور لمنطقة الميناء في طرابلس. صُممت أدوارهم لتشجيع التغيير الإيجابي والوعي المجتمعي والسلوكيات التي تحمي حقوق الطفل- مشروع التنمية الإجتماعية هذا دعمته اليونيسف ومولته حكومة الولايات المتحدة الأميركية، ما سهّل الحوار بين السكان المحليين وبلدية المينا. تنفذ المشروع الجمعيات الخيرية المسيحية الأرثوذكسية الدولية.

عُرضت المشاهد المرتبطة بحياة الأشخاص الموجودين في المجتمع- في مجتمع المساكن- على المسرح، حُددت من خلالها الأدوار التي يمكن للوالدين والمعلمين والأقران لعبها في سبيل التصدي للعنف المنزلي والتسرب المدرسي وإدمان المخدرات بين الأطفال.

"إن الرسائل الأساسية التي نحاول إيصالها تتعلق بسلوكيات الأهالي، التي من شأنها منع الأطفال، في نهاية المطاف، من اللجوء الى تعاطي المخدرات، وذلك من خلال الإعتناء بأطفالهم جيدا وعدم السماح لهم بالتسرب من المدرسة تحت أيّ ظرف من الظروف".

تقول سالي، المنسقة الميدانية في اللجنة الأولمبية الدولية: "أن أداة المسرح التفاعلي تستخدم أسلوب لعب أدوار مسرحية، تُشجّع الأطفال على التعبير عن آرائهم، وجعل الجمهور يُشارك في إجراء تغييرات في السيناريو للوصول الى نهاية سعيدة. يجعلنا هذا الأسلوب نفهم كيف يمكننا أن نُكيّف قصص حياتنا من خلال تغيير سلوكياتنا ومواقفنا. تتصّل الرسائل الأساسية التي نسعى الى إيصالها بمواقف الوالدين التي من شأنها أن تمنع الأطفال، في نهاية المطاف، من اللجوء الى تعاطي المخدرات الذي ينتشر، على نطاق واسع، في الحيّ. ويتحقق ذلك من خلال رعاية أطفالهم في شكلٍ جيّد وعدم السماح لهم بالتسرب من المدرسة تحت أيّ ظروف".   

جلس 380 مشاهدا، من جيران الأهالي والأولاد ومعارفهم، على منصات المشاهدة، وراحوا يتابعون المشاهد بنهم، فكلّ واحد منها مستوحى من تجارب الشباب من داخل مجتمعهم، وهي تُصوّر العنف والمعاملة غير العادلة والإهمال.

الى تقديمه مستوى فريد من المشاركة، أتاح هذا المسرح التفاعلي الفرصة أمام الجمهور للتدخل طوال الأمسية، وهذا التدخل ساهم في تغيير السيناريوهات مرارا في سبيل تسليط الضوء على السلوكيات البديلة والأكثر إيجابية التي يفترذ أن ينتهجها الآباء والمعلمين والأصدقاء. وهذه الطبيعة التفاعلية أبقت المشاهدين متنبهين  وجذبت الإنتباه الكامل للجميع.

قضى مؤمن، مدرّس الدراما، ثمانية أيام في إعداد الأطفال لأداء المسرحية. وهو لفت الى أن النصّ الأصلي يُصوّر النسخة السلبية للقصة، ما يستفزّ الجمهور للإنخراط وتغيير سلوك الجهات الفاعلة، في سبيل تجنب الآثار السلبية على الأطفال- بما في ذلك إدمان المخدرات أو التسرب المدرسي بسبب المصاعب المالية لعائلاتهم.

يقول مؤمن: "نريد إيصال الرسائل المهمة، التي هي وراء تعاطي المخدرات وإساءة إستعمالها، و(التواصل) بحيث يتاح للناس طلب المساعدة من المراكز الإجتماعية، لمنع تلك العواقب السلبية قبل بلوغ المشكلة".

تعكس القصص الواردة في المسرحية وضع المساكن الحالي. خلال الأداء، تعلّم الأطفال والجمهور أنه يمكنهم تحسين حياتهم من خلال إتخاذ قرارات أكثر حكمة وتغيير مواقفهم وسلوكياتهم.

عبير، إختصاصية البرنامج في يونيسف، رأت أن مجموعة السلوكيات أظهرت حقيقة حزينة للغاية تتطلب تلاقي كلّ الجهود وقالت: "دلّت كثير من المشاهد على  دور الأهالي والمعلمين ومعتقداتهم وتوقعاتهم". يعتبر الترويج للسلوك الإيجابي على مستوى الطفل فعالا، لكنه يتطلب وعيا كبيرا من المجتمع، من أجل الإعتراف بالسلوكيات السلبية وإعتماد مسارات جديدة لحماية أطفالهم ودعمهم للتطور.

During the play, Rimas,10, plays a teacher who yells at a student who arrived late to class due to family issues, demonstrating careless negative behavior of teachers toward children.
Rana Hage/IOCC

أدّت ريماس (10 سنوات) دورا في المسرحية. وتقول أن دورها كمعلمة علّمها أن إهمال المعلمين والمعلمات للأطفال الذين يعانون من مشاكل عائلية يدفعهم نحو الشوارع. من جهته، تولى عمر (14 عاما) دور فتى مهذب يتأثر سلبا بتصرفات صديق، وأمل أن يُمكنه دوره من التأثير على الآخرين، لوضعِ حدّ لتعاطي المخدرات في الشوارع المحيطة بمنزله. لعب صديقه، واسمه أيضا عمر (14 عاما) دور الصديق الذي ساهم في تغييره وقال أنه من خلال دوره، حاول تشجيع الأطفال الآخرين على أن يكونوا أقوياء بما يكفي لدفعِ الفتيات السلبيين وتجنب تأثيرهم السلبي على أقرانهم.

"أنصح أصدقائي بالإستماع دائما الى نصائح الوالدين". نور الدين، 16 عاما.

لعب نور الدين (16 عاما) دور الأب العدواني في المسرحية، الذي بدأ يفهم معنى الأبوّة الحقيقي من خلال دوره. يقول نور الدين: "يفترض أن يتحلى الأب بالصبر مع أطفاله. يجب أن يحوط الأب أطفاله تحت جناحيه، ويدرك أن غضبه قد يؤدي الى عواقب وخيمة بين أطفاله. أعرف الكثير من الأطفال الذين عانوا من مشاكل مع آبائهم، ما أدى بهم الى التسكع في الشوارع. أنصح أصدقائي بالإستماع دائما، وبعناية شديدة، الى نصائح أهاليهم".

تمّ إنتاج هذا العرض المسرحي التفاعلي من قِبل لجنة المساكن، بدعم من اليونيسف في لبنان، وجرى تمويله من قِبل حكومة الولايات المتحدة الأميركية. تتكوّن اللجنة من 15 طفلا يُمثلون أطفال الحيّ الواحد ويدافعون عن حقوقهم. أثناء التحضير للمسرحية، حضر الأعضاء سلسلة من ورش العمل حول حقوق الطفل، وجلسات التوعية حول مهارات التواصل والتفاعل بين الأشخاص.