تجربتي مع "كوفيد-19"

محاربة العدوى، التعامل مع الحجر الصحي وأهمية اللقاحات

ماهر غفري
Maher Ghafari, WASH officer with UNICEF in Aleppo receives his second dose of COVID-19 vaccine in Aleppo, Syria.
يونيسف/سوريا/ 2021/انطوان شنقدجي
19 أيلول / سبتمبر 2021

أعتقد أن حصولي على اللقاح سيزيد من فرصة عدم إصابتي بالعدوى ثانية وسيساعد في حماية عائلتي الحبيبة

ماهر غفري

حلب، سوريا، 22 آب/أغسطس 2021 - تلقّيت اليوم الجرعة الثانية من لقاح "كوفيد-19" لأننا جميعًا مسؤولون عن مكافحة هذه الجائحة. أعتقد أن التلقيح سيزيد من فرصة عدم إصابتي مرة أخرى وسيساعد في حماية عائلتي الحبيبة وزملائي في المكتب وأصدقائي.

  أُصبنا أنا وزوجتي في العام الماضي بـ "كوفيد-19". وعلى الرغم من أننا لم نشعر بالذعر، إلا أننا شعرنا باليقظة وكنا على أهبة الاستعداد لمثل هذا السيناريو. شملت الأعراض في الأيام القليلة الأولى فقدان حاسة التذوق والشم وكذلك آلام العضلات، فاستخدمنا الأدوية المُسكّنة لتخفيف حدتها. لحسن الحظ، لم تظهر لدينا أي أعراض تنفّسية.

شعرنا بالذهول للوهلة الأولى عندما حصلنا على نتائج الفحص، كما أن حقيقة عدم القدرة على التنبؤ بالتدهور المحتمل لصحتنا أقلقتنا. كانت المعلومات حول الفيروس تتدفّق بشكل مستمر، وكلما ازدادت مشاهدتنا لما يظهر على وسائل الإعلام والمنصات الرقمية كلما أصبحنا أكثر ارتباكًا. وبالتالي، قررنا التوجّه فقط إلى المصادر الموثوقة للحصول على المعلومات. لم نشعر طيلة فترة الحجر بالوحدة بسبب الدعم الذي تلقيناه من عائلتنا وزملائنا يوميًا عبر مكالمات الفيديو وتطبيقات الدردشة والرسائل النصية الهاتفية.

ما كنا نخشاه هو ظهور أعراض تنفسية يمكن أن تعقّد حالتنا الصحية، وتجعلنا غير قادرين على حماية ابنتنا لورا، ابنة الأربع سنوات. عندما بدأت حدة الألم والإرهاق تخفّ بعد الأيام القليلة الأولى، اطمأنينا من أنه من غير المرجح أن تظهر علينا أعراض تنفسية. وعندها، أصبح التحدي هو كيفية التعامل مع العزلة الذاتية والحجر الصحي لمدة 15 يومًا على الأقل، والتركيز على تحسّن صحتنا في الوقت نفسه.

Maher’s daughter Laura, 4, dressed up as a doctor at home during her parents’ quarantine following their infection with COVID-19 last year.
اليونيسف/ سوريا/ 2020
اليونيسف/ سوريا/ 2020 ابنة ماهر، لورا، 4 أعوام، ترتدي زي الطبيبة في البيت أثناء الحجر الصحي لوالديها بعد إصابتهما بـ "كوفيد-19" في العام الماضي.

كان من المهم لنا أن نشرح لابنتنا الصغيرة، لورا، أننا لن نتمكن من تبادل العناق والقُبَل. بكت في البداية وتساءلت عما إذا كان ذلك يعني أننا لم نعُد نحبّها.

لورا، 4 أعوام.

كان من المهم لنا أن نشرح لابنتنا الصغيرة لورا أننا لن نتمكن من تبادل العناق والقُبَل. بكت لورا في البداية وتساءلت عما إذا كان ذلك يعني أننا لم نعُد نحبّها، لكن حين شرحنا لها أن الأمر مؤقت وأننا مضطرين لأن نفعله لأننا نحبها حبًّا جمًّا، تقبلت الأمر.

أثّر الحجر الصحي الذي أبقانا في البيت لمدة 20 يومًا على روتين حياتنا اليومية وأجبرنا على إيجاد طرق جديدة لأداء المهام المختلفة. حين شعرتُ بأني أصبحت مستعدًّا للعمل، اضطررت إلى حضور جميع الاجتماعات عن بُعد، سواء عبر الإنترنت أو الهاتف. كان من الصعب عليّ أن أشرح للورا أنني أمارس عملي وأن وجودي في البيت لا يعني أن بإمكاني قضاء كل وقتي معها. أما بالنسبة لها، فقد شعرت أننا كنا في عطلة نهاية أسبوع مستمرة دون أن يتمكن أي منا من الخروج من البيت. سمحتُ لها أحيانًا المشاركة خلال بعض اجتماعات الفيديو لمساعدتها على استيعاب فكرة قيامي بعملي من البيت.

تعلمنا كعائلة كيف نستفيد من فترة الحجر الصحي لتقوية العلاقة بين أفراد عائلتنا الصغيرة، بعيدًا عن الإنترنت والهواتف المحمولة. صرنا نخترع لصغيرتنا لورا ألعابَا جديدة، وكانت لعبتها المفضلة هي ارتداء زيّ طبيبة تقوم بمعالجتنا، حتى أنها تحمست وصارت تلقي علينا رسائل توعية حول "كوفيد-19" وإجراءات الوقاية. علمنا بعد فترة أنها تشرح لأصدقائها في الحضانة ما حفظته عن الجائحة وطرق الوقاية منها، وما تعلمته عن فترة الحجر الصحي التي مررنا بها.

بصفتي مسؤولًا عن المياه والصرف الصحي والنظافة ضمن المكتب الميداني لليونيسف في حلب، فإن عملي يقوم على ضمان تزويد المساعدة المنقذة للحياة للأشخاص المحتاجين، بالإضافة إلى الدعم بالمياه والصرف الصحي والنظافة بشكل دائم وطويل الأمد. أتت جائحة "كوفيد-19" لتفرض خطرًا كبيرًا على الصحة والنظافة ضمن مجتمعات محلية كاملة في وقت قصير. في حلب، كان علينا منذ شهر حزيران/يونيو السنة الماضية أن نركّز على دعم الأشخاص الأكثر هشاشة، وخاصة أولئك الذين نزحوا إلى المخيمات، وذلك بزيادة كمية المياه التي تصلهم يوميًا وبالتالي تمكين تعزيز ممارسات غسل اليدين والنظافة. بالإضافة إلى ذلك، قدمت اليونيسف جلسات توعية عن بعد حول الجائحة وإجراءات الوقاية منها، وذلك باستخدام مكبرات الصوت المثبتة على السيارات المتنقلة لتجنب ازدحام الناس في المخيمات.

كذلك، شكّل التحضير لإعادة فتح المدارس في العام الماضي بعد فترة من الانقطاع الناجم عن الموجة الأولى من انتشار "كوفيد-19" والقيود المفروضة، تحديًا حقيقيًا. اضطررنا إلى إطلاق حملة ضخمة بين الشركاء في قطاع المياه والصرف الصحي والنظافة لإعادة تأهيل مرافق المياه والصرف الصحي والنظافة في المدارس لضمان صلاحية عمل مرافق غسل اليدين. كما قدمنا للطلاب مستلزمات مكافحة العدوى والتعقيم وذلك جنبًا إلى جنب مع حملة توعية بالنظافة.

* ماهر غفري هو مسؤول المياه والصرف الصحي والنظافة ويعمل مع اليونيسف في حلب، سوريا.