بارقة أمل من رحم المعاناة
تعمل اليونيسف من خلال مشروع العاملات الصحيات المجتمعية للحفاظ على النظام الصحي في البلاد لضمان تقديم رعاية صحية أفضل لكل طفل
- متوفر بـ:
- English
- العربية
تصلنا أخبار النزاع العسكري كل يوم. نناقشها في نشرات الأخبار ووسائل التواصل الاجتماعي، ونضع الحلول والتوقعات حول تطور الأحداث. لكن يظل السؤال، هل نعرف فعلا ماذا يدور من حولنا؟
على الرغم من معرفة غالبية الناس بالحرب التي أرهقت اليمن منذ عدة سنوات، إلا أن القليلين سمعوا عن حجه، تلك البلدة الصغيرة الواقعة في قلب النزاع. لا يزال الاقتراب من هذه المنطقة من الأمور المتعذرة حتى على أكثر المراسلين الحربيين شجاعة، غير أن بعض الأخبار الواردة قد وجدت طريقها للعلن من هذه المنطقة الصغيرة.
ملاك الرحمة من قرية الجرف
أشواق محمود عبده قبول، امرأة شجاعة تبلغ من العمر 23 عاما وتعيش في الجرف، إحدى القرى الصغيرة في محافظة حجة، مع عائلتها المكونة من عشرة أفراد. كانت أشواق من ضمن العاملين الصحيين المجتمعيين الذين استلموا حوافز مالية عبر اليونيسف بتمويل من الاتحاد الأوروبي. وبدلا من استخدام المبلغ المالي لتغطية احتياجاتها الشخصية إلا أنها قررت انفاقه في سبيل هدف أسمى.
تمثلت فكرتها في بناء موقع لتقديم خدمات الرعاية الصحية الأولية في القرية. كان الناس من حولها غير مؤمنين بإمكانية نجاح الفكرة.
لم يحصل الناس في قرية الجرف وفي العديد من القرى الأخرى في البلاد على خدمات طبية ملائمة طيلة سنوات عدة، حيث اعتاد معظمهم على مجريات الأحداث ووقوع الإصابات والأمراض والارتفاع المأساوي لمعدل وفيات الأطفال.
تعاملت أشواق مع مبلغ الحوافز المالية بحكمة حيث استخدمته لإنشاء مركز طبي في القرية. وبقدر ما قد تبدو هذه الغرفة متواضعة، إلا أنها تعد مرفق الرعاية الصحية الوحيد المتوفر على مسافة أميال والفرصة التي يمكن للسكان المحليين من خلالها الحصول على رعاية طبية أولية مؤهلة.
تقول أشواق: "المستشفى بعيد للغاية بحيث لا يمكن للناس الذهاب إليه نظرا لظروفهم. آمل من اليونيسف أن تساعدنا في تقديم العلاج المناسب للأطفال والأمهات".
بدايات متواضعة وطموح عالي
تتذكر أشواق الشكوك التي ارتادت الناس من حولها وتعرضها حتى للانتقادات بقسوة عندما بدأت تنفيذ مشروعها. عندما قامت بإجراء الزيارات المنزلية من منزل لآخر في محاولة منها لرفع مستوى الوعي لدى الناس حول الرعاية الصحية والتطعيم قوبلت أحيانا بالتشكيك وطُلب منها المغادرة أحيانا أخرى.
أما اليوم، فإن الناس تعبر لها عن الامتنان نظير حياة الأطفال الذين تنقذهم كل يوم، والمساعدة التي تقدمها للحوامل وصغار السن من الأمهات، وكذلك مقابل منحهم فرصة الحصول على الخدمات الطبية في القرية في حالة وقوع الإصابات أو تعرض أحدهم للمرض.
في الواقع، يعتبر معظم الأطفال في القرية مرضى بسبب معاناتهم من سوء التغذية أو بسبب إصابتهم بأمراض كان من الممكن الوقاية منها لو حصلوا على الرعاية الطبية في الوقت المناسب. تتذكر أشواق فتاة عمرها ثمانية أشهر كانت على وشك الموت بسبب تعرضها لسوء التغذية الحاد. أقنعت الممرضة الشابة والدة الطفلة بأن ابنتها بحاجة إلى عناية خاصة، كما شرحت لها ممارسات التغذية والعناية السليمة بالطفلة. بقيت الفتاة على قيد الحياة وتتمتع اليوم بصحة جيدة، كما قدمت والدتها مؤخرا لتشكر أشواق على مثابرتها وتفانيها.
عندما جاء شيخ القرية إلى منزل أشواق لسؤالها عما إذا كانت على استعداد للحصول على تدريب طبي من أجل أطفال المنطقة، وافقت المرأة الشابة على ذلك.
اليوم، تشعر بالامتنان لكل الدعم الذي تلقته لتحقيق طموحها.
تمثل هذه المحطة الطبية الصغيرة مثالا على ما يمكن تحقيقه من خلال الحوافز المالية، إلى جانب العمل الدؤوب والتفاني في ذلك.