ولادة في زمن الحرب
أم تصف كيف أنجبت ابنتها في مكان غير مألوف بعد أن أجبرها القتال على الهرب من الخرطوم

- متوفر بـ:
- English
- العربية
تصوّري أنك أجبرت على هجر بيتك وأنت في فترة حملك الأخيرة هربًا من القتال الذي اشتعل حولك! حواء عبد الله غير مجبرة على تصوُّر ذلك بتاتا فقد مرّت بتلك التجربة المريرة.
قبل بضعة أسابيع كانت حواء تجهّز نفسها للترحيب بابنتها في مستشفى من مستشفيات الخرطوم. العائلة كلها كانت متحمسة وخاصة أطفالها الآخرين الذين كانوا يتوقون للقاء شقيقتهم الجديدة.
حين اشتعل القتال في المدينة، ظنّت حواء أنه سوف يتوقف بعد يوم أو يومين. لكن القتال استمر واشتد. وكان على حواء أن تتخذ أصعب قرار اتخذته في حياتها: مغادرة الخرطوم بحثًا عن مكان آمن تستطيع أن تُنجِب فيه طفلتها.
"كنا مرهقين وخائفين من إطلاق النار والأحوال القاسية،" تقول حواء.
لكن حتى وهي تتخذ هذا القرار لحماية عائلتها وطفلتها التي لم تكن قد وُلدت بعد، كان النزوح خطوة صعبة ومخيفة وهي تسير نحو المجهول.
وتقول حواء: "قررنا أن نغادر دون أن نعرف ما نتوقعه."
مطبات على الطريق
مصطحبة أطفالها الثلاث، وشقيقتها، ووالدتها أخذت حواء تبحث عن أسرع وسيلة مواصلات متاحة لإبعاد العائلة عن القتال. لكن كل ما استطاعوا العثور عليه كان الركوب في صندوق شاحنة، لم تكن الشاحنة مريحة لكنها كانت أفضل من البقاء في بيتها.
وحتى بعد أن وجدت سائقًا وافق على نقل عائلتها، برزت مشكلة جديدة: كان السائق قلقا من نقل حواء لأنها كانت في فترة حملها الأخيرة.
وتضيف حواء: "لم يكن سائق الشاحنة راغبًا في نقلي بسبب وضعي. لكننا استطعنا إقناعه في النهاية."
التَمَّت العائلة على بعضها في صندوق الشاحنة. وبينما كانت الشاحنة تناور عابرة طرقًا وعرة لتفادي نقاط التفتيش، تحمّل الركاب عناء رحلة طويلة مغبرّة تحت أشعة الشمس الحارقة.
"كانت رحلة مرهقة جدًا. لقد كانت مليئة بالمطبات وغير مريحة،" تقول حواء.
بعد قضاء ساعات على الطريق، وصلت العائلة إلى مدينة مدني.


ولادة جوهرة
قبل أسبوع وبمساعدة أمهات أخريات، وضعت حواء طفلة سمتها ريماس، أي جوهرة.
وتقول حواء وهي تحتضن قطعة البهجة القادمة حديثًا أنها تشعر بالراحة حين تفكر بما كان يمكن أن يحدث لها ولطفلتها الصغيرة لو بقيت في الخرطوم.
اليوم، تحتضن حواء طفلتها في ملجأ يسكنه مئات الأطفال والعائلات النازحة في مدني، والبسمة على ثغرها تظهر الأمل الذي ما زال يختزنه صدرها تجاه المستقبل رغم المعاناة التي تحاول التغلب عليها في الوقت الراهن.
محاطة بأطفالها وأمّها وحب العائلات الأخرى المحيطة بها، تقول حواء أنها ما زالت متفائلة بأن الغد سيكون أفضل لأطفالها في السودان رغم عدم اليقين الذي تواجهه هي وغيرها من العائلات.
وتتعاون النساء في المأوى مع بعضهن البعض لتربية أطفالهن، ويتشاطرن عملية طبخ الوجبات – فهذه مهمة الجميع في هذه الأوقات الصعبة.
"لا مكان مثل المنزل"
لتقديم الدعم للعائلات النازحة، تقوم اليونيسف وشركاها تقوم بتقييم للاحتياجات في الملاجئ التي تأوي النازحين للمساعدة في تقديم المعلومات اللازمة للاستجابة الطارئة. ونتيجة لذلك، وصلت إمدادات المياه، والصرف الصحي والنظافة مثل خزانات المياه

في هذه اللحظة، بدأت حواء تشعر بأن هذا المأوى في مدني بمثابة منزلها. لكنها ما زالت تردّد أنها تحنُّ للعودة للأوضاع الطبيعية.
"أطفالي يسألونني عن مدرستهم ومنزلهم،" تقول حواء. "إنني أصلّي كي يعود الوضع إلى طبيعته ونستطيع العودة إلى منزلنا فلا مكان مثل المنزل."