كيف تقوم مجموعة دعم "من الأم إلى الأم" في شرق السودان بأخذ زمام الأمور نحو تحسين جودة الحياة

تمكين المرأة وتحسين جودة الحياة: جلسة واحدة وصنف واحد من الخضار، في كلّ لقاء

Reem Abbas
mother-to-mother group
UNICEF
24 كانون الثاني / يناير 2022

عوضيّة عثمان هي أمّ شابة تعيش في حيّ الري في محافظة حلفا الجديدة، في ولاية كسلا. وفي كلّ شهر، تعقد عوضيّة لقاءً في بيتها يضمّ مجموعة من مجموعات "من الأم إلى الأم" لدعم الأمّهات التي تشرف عليها. تضم المجموعات عادة ما بين 10 إلى 15 عضوة، وتضم مجموعة عوضيّة 12 امرأة يعشنَ جميعًا بالقرب من بعضهن البعض.

توجد 314 مجموعة دعم "من الأم إلى الأم" في المحليات الـ 11 الموجودة في ولاية كسلا. بدأت المجموعة الأولى العمل في عام 2015، وتواصل اليونيسف إنشاء وتدريب مجموعات جديدة تقوم بخدمة الأحياء والمجتمعات المحليّة.

في عام 2017، بدأت عوضيّة ونساء أخريات في حضور ورش العمل التي عقدتها اليونيسف حول قضايا رعاية الرُّضع وصغار الأطفال ومواضيع أخرى، مثل الرضاعة الطبيعية وممارسات النظافة والتغذية وغيرها من المجالات الحيوية، وكان ذلك قبل إنشاء هذه المجموعة من النساء. من المتوقع أن تقوم النساء من أعضاء هذه المجموعة بتثقيف ومتابعة 10 نساء من المجتمع المحليّ من خلال مشاركتهنّ ما يتلقّينه من معرفة، والتواصل معهن عبر الرسائل. كما أن مجموعة عوضيّة هي إحدى المجموعات التي تلقّت التدريب على تنوّع النظام الغذائي، وذلك لمساعدة النساء على البدء في إقامة حدائق نباتيّة منزلية تساهم في إنتاج المواد الغذائية المغذية والصحية لهذه المجموعة. 

قالت مرام أحمد، وهي عضو في المجموعة: "لقد استفدت من الرسائل المتعلقة بالرضاعة الطبيعية وتغذية الأطفال، وأعمل الآن على مساعدة النساء الحوامل في رعاية أطفالهن بشكل أفضل".

وقالت إيمان محمد، وهي أيضاً عضو في المجموعة: "لقد تعلمت هنا أن استخدام الماء في الأشهر الستة الأولى من عمر الطفل للشرب، هو أمر ضار جدًا لهم، رغم أن هذه الممارسة كانت شائعة في مجتمعنا. ونحن اليوم نتحدث إلى مجتمعنا المحليّ حول أهمية الرضاعة الطبيعية وتجنّب استخدام الماء في الأشهر الأولى، فذلك يحسّن ويقوّي مناعة الطفل".  

وعلّقت تماضر عبد الحسن، وهي أيضًا عضو في المجموعة، وقالت إنهنّ لاحظنَ انخفاضًا في حالات الإسهال بعد أن توقفت النساء عن إعطاء الأطفال الرضّع الماء للشرب منذ لحظة الولادة.

وأشارت علوية مالك، من محلية حلفا الجديدة وواحدة من شركاء اليونيسف، إلى أن الرسائل التي تمّت مشاركتها حول أهمية الرضاعة الطبيعية أدت إلى تغيّر في ممارسة العادات.

وقالت علوية، التي تشرف على المجموعة: "اعتدنا أن نرى زجاجة الأطفال كعنصر أساسيّ في حقيبة الطفل التي كان يتمّ تحضيرها قبل الولادة، لكننا نادرًا ما نراها حاليًّا، مما يدل على أن النساء يُدركنَ أهمية الرضاعة الطبيعية للأطفال الرُّضع".

في حال واجهت أيّ من النساء في المجتمع المحليّ مشاكل مع الرضاعة الطبيعية، فإنهن يتصلن بأعضاء المجموعة، ويريهنَّ التمارين التي يمارسنها والمواد الغذائية التي يستخدمنها لتحفيز إنتاج الحليب.

يشهد تشويه الأعضاء التناسلية الأنثوية وزواج الأطفال تراجعُا في المجتمع المحليّ الصغير في حلفا الجديدة، لكن جميع النساء ملتزمات مع ذلك بحماية الأطفال من هذه الممارسات الضارة.

وقالت نجوى محمد، وهي عضو في المجموعة: "نشعر أن هناك وعيًا أكبر وأن الناس أكثر تقبّلاً للتوعية بشأن ختان الإناث وتشويه الأعضاء التناسلية الأنثوية. لكن لا تزال هناك حالات قليلة، ونحن نقوم بمراقبتها".

mother-to-mother group
UNICEF
تجتمع الأمهات في منزل عوضيه عثمان في لقاء الأمهات الشهري في محلية حلفا الجديدة.

زواج الأطفال مرتفع للغاية في ولاية كسلا، فقد أظهرت الإحصاءات الحديثة أن 30.8 من النساء قد تزوّجن وهنّ في سن الـ 15 عامًا أو ما دون. وتقوم مجموعة النساء في حلفا الجديدة أن الأسباب وراء ذلك تكون في بعض الأحيان غير متوقعة.

قالت إيناس فاروق، العضو في المجموعة: "المسألة ليست دائمًا مسألة ثقافة. ففي بعض الأحيان يتعلق الأمر بنمط الحياة أو في الطريقة التي يعيشها المجتمع المحليّ، والتي تؤدّي إلى هذه المسألة. يعيش القرويون في بعض المجتمعات المحلية هنا في منازل لا بوابات أو أسوار لها، وهذه هي الطريقة المتبعة، لكن العائلات تشعر بالقلق على أمان وسلامة بناتهن، وتنظر بالتالي إلى الزواج المبكر كشكل من أشكال الحماية".

أصبحت هذه المجموعة أكثر من مجرد مجموعة دعم من أم لأمّ، فقد باتت في الواقع كالعائلة الواحدة. ما جمع هؤلاء النساء معًا هو المعرفة الملحّة والضرورية التي كُنَّ يكتسبنها والتي يمكنها أن تساعدهنّ وأسرهنّ ومجتمعاتهنّ المحليّة على التمتع بحياة أكثر صحة وأمانًا.

هذا وقد وجدت هذه المجموعات على مدار الأشهر القليلة الماضية طرقًا للتواصل حول جائحة "كوفيد-19".

قالت ندى عبد الله: "لقد مارسنا التباعد البدني أثناء الاجتماعات، ووضعنا الكمامات وغطينا وجوهنا وشاركنا الرسائل حول أفضل ممارسات النظافة". 

mother-to-mother group
UNICEF
جزء من الحديقة المنزلية بمنزل عوضيه عثمان

أصبحت المشاركة بين هؤلاء النساء الآن تتضمّن حديقة منزلية تفيد المجموعة بأكملها. تقوم عوضيّة، المشرفة على المجموعة، وامرأة أخرى من أعضاء المجموعة، بزراعة الخضار داخل باحتيّ بيتيهما. وتعتمد الخضروات على الموسم. أما في شهر تشرين الثاني/نوفمبر 2021، فقد قامتا بزراعة الجرجير والخيار والرجلة، وحتى اليقطين.

تتابع أعضاء المجموعة وترعى نمو النباتات، وعندما يحين وقت جنيّ المحصول، تتوزع النساء فيما بينها منتوج الأرض. الحديقة ليست استثمارًا، ولكنها محاولة لتحسين جودة حياة هؤلاء النساء.

قالت علوية مالك من محلية حلفا الجديدة، إحدى شركاء اليونيسف.: "بسبب الوضع الاقتصادي، فإن العديد من العائلات لا تستطيع شراء الخضار. لذا، فإن هذه الحديقة هي نهج رائع لتحسين العادات الغذائية للمجتمع المحليّ، وذلك من خلال إتاحة إمكانية الحصول على سلة مليئة بالخضروات".

إيناس فاروق هي أيضًا عضو في المجموعة، وقد بدأت هي أيضًا في زراعة الخضار في فناء منزلها، وأبدت النساء الأخريات من أعضاء المجموعة اهتمامًا بالموضوع، لكن شكواهنّ انصبّت على عدم توفر المساحة اللازمة لديهن لتحقيق ذلك.

إن النظام الغذائي الصحي أمر بالغ الأهمية في ولاية مثل كسلا، حيث تقدّر اليونيسف أن ما نسبته 43.8 في المائة من الأطفال يعانون من التقزّم بسبب سوء التغذية المزمن. تأمل اليونيسف وشركاؤها في سدّ هذه الفجوة بواسطة العديد من الوسائل المبتكرة، مثل تدريب النساء على أخذ زمام الأمور وإنشاء الحدائق المنزلية في مجتمعاتهن المحليّة.

تقدر اليونيسف أن عدد الأشخاص الذين استفادوا من ممارسات الرعاية الأسرية الرئيسية الثمانية التي تمت مناقشتها خلال مجموعات الدعم، قد وصل إلى 800،000 فرد من أفراد المجتمع المحليّ في جميع أنحاء السودان. وفي ولاية كسلا، تم تدريب 550 أمّ على إعداد وجبات غذائية متنوعة وعلى زراعة الأغذية لزيادة التنوع الغذائي، حيث بدأت 463 أمًا منها في حصاد محاصيلهن المزروعة محليًا.

تقوم بتمويل هذا الجهد الذي يغيّر حياة الناس كلٌّ من "الوكالة السويدية للتعاون الدولي" (SIDA)، ومكتب المساعدة الإنسانية (BHA) التابع للوكالة الأمريكية للتنمية الدولية (USAID).