فرصة ذهبية للتعلم
يحصل الأطفال غير الملتحقين بالمدرسة على التعليم في مركز التعلّم الإلكتروني الذي تدعمه اليونيسف
- متوفر بـ:
- English
- العربية
يجلس حوالي ثلاثين فتاة وفتى داخل هيكل مؤقت تمّ تشييده جزئيًّا من الطوب وقطع الخشب، وقد التصق جميعهم بشاشات كمبيوتر صغيرة. يستخدم الأطفال الأقلام الذهبية للتنقل عبر المحتوى الموجود أمامهم على الأجهزة اللوحية، والسماعات موضوعة على رؤوسهم. بالنسبة لهؤلاء الأطفال غير الملتحقين بالمدرسة الذين تتراوح أعمارهم بين 6 و14 عامًا، فإن هذه هي فرصتهم الذهبية للحصول على التعليم. وغالبية هؤلاء الأطفال يحضرون إلى المدرسة للمرة الأولى على الإطلاق.
يقوم طاهر أنور علي، مُدرّس هؤلاء الطلاب المتحمسين للتنقل عبر الدروس الإلكترونية، بتوجيههم من مركز التعليم الإلكتروني البعيد الواقع في قرية أروما في ولاية كسلا. إن مواد التعلم الذاتي عبر الأجهزة اللوحية هي مواد على شكل رسوم متحركة وملائمة للأطفال لدعم التعلم السريع لأساسيات الرياضيات ومحو الأمية والحساب واللغة العربية وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات والعلوم واللغة الإنجليزية والثقافة.

تجلس عائشة حدب أحمد، البالغة من العمر 14 عامًا، في مؤخرة الصف الدراسي، وهي متحمسة لخوض رحلة التعلم. تحضر عائشة الصفوف الدراسية يوميًا، وهي تلميذة نشطة. المرة الأولى التي جلست فيها عائشة في صفّ دراسيّ كانت يوم التحقت بالمركز في عام 2021.
"أتيت إلى هنا لأنني أريد أن أتعلم. أريد أن أصبح معلّمة في المستقبل، وأن أعلّم فتيات مثلي اللغة العربية والرياضيات – فهي مادتي المفضلة"
تحضر عائشة الآن الفصل الثاني من دراستها وقد أصبحت تستوعب العديد من مفاهيم الرياضيات، وتأمل في أن تساعدها المعرفة التي حصلت عليها في تحقيق حلمها في المستقبل. تؤكّد عائشة قائلة: "أحب الأجهزة اللوحية لأن الدروس الإلكترونية ساعدتني على فهم الأشياء بشكل أسرع".
عائشة هي واحدة من بين 60 تلميذًا مسجلين حاليًا في مركز بدرير للتعليم الإلكتروني الذي تمّ إنشاؤه قبل ثلاث سنوات.
لماذا يُستخدم التعلم الإلكتروني في المناطق النائية؟
أكثر من 6.9 مليون طفل في سن الدراسة في السودان لا يذهبون إلى المدرسة. وفي ولاية كسلا، لا يذهب حوالي 40 في المئة من الأطفال من نفس الفئة العمرية إلى المدرسة. تفتقر المناطق النائية مثل قرية أروما إلى المدارس الرسمية، إذ أن أقرب هذه المدارس يقع على بعد 7 كيلومترات من القرية ولا يمكن للأطفال الوصول إليها بسبب المسافات الطويلة من وإلى المدرسة.
قامت اليونيسف وشركاؤها في عام 2020 بتطوير برنامج التعلم الإلكتروني لتزويد الأطفال الذين لا يذهبون إلى المدرسة في المجتمعات النائية بفرصة تعلم مهارات القراءة والكتابة والحساب الأساسية. وتمّ حتى الآن إنشاء 91 مركزًا في شرق دارفور، جنوب دارفور، ولاية كسلا، ولاية النيل الأبيض، ولاية النيل الأزرق وولاية البحر الأحمر، وذلك لتوفير فرص التعلم للأطفال المهمشين.
يعمل المركز خمسة أيام في الأسبوع، ويفتح أبوابه من الساعة 7:00 صباحًا حتى الساعة 1:00 ظهرًا ويعمل بنظام نوبتين في اليوم. يحصل الأطفال المسجلين في البرنامج على شهادات بعد دورة تعليمية تمتدّ لعامين.
يكتسب الأطفال أيضًا مهارات اجتماعية في المراكز، ويتم تدريبهم على ممارسات أخرى مثل غسل اليدين واستخدام الصرف الصحي المناسب وحقوق الطفل.
هذا ولا تزال ولاية كسلا إحدى المناطق التي تضم أعدادًا كبيرة من الأطفال غير الملتحقين بالمدارس. لذلك، يُعَدُّ برنامج التعلم الإلكتروني فرصة ثمينة، خاصة للأشخاص الأكثر تهميشًا. يقول جابر منصور أدوما، مسؤول التعليم في اليونيسف: "تعمل اليونيسف على ضمان عدم تخلّف هؤلاء الأطفال من خلال إنشاء مراكز التعلم الإلكتروني لكي يحصلوا على فرص التعلم الأساسية".
ملكية المجتمع المحليّ ودعم التعليم
بينما توفر اليونيسف أجهزة لوحية وحوامل خشبية ومحتوى تعليمي ونظام شمسي يُشغّل المركز، يستمر المجتمع المحليّ في لعب دور رئيسي في ضمان استمرارية الخدمات المقدمة للأطفال.
تم تشكيل لجنة من اثني عشر عضوا (ذكورا وإناثا) للإشراف على تسيير المركز وتسجيل الأطفال وتتبع المتسربين من المدرسة وتثقيف الوالدين وأولياء الأمور حول فوائد التعليم. الأهم من ذلك هو أن المجتمع المحليّ مسؤول عن بناء وصيانة المأوى الذي يضم المركز وكذلك توفير المياه للأطفال أثناء التعلم.
بينما يسعى الآباء جاهدين لدعم أطفالهم للحصول على التعليم، فإنهم متفائلون بإن أطفالهم سيخدمون مجتمعهم المحليّ ويغيرونه بمساعدة المهارات التي اكتسبوها.
شاهد المُيَسِّر طاهر أنور علي، ولا يزال يشاهد تأثير البرنامج على تلاميذه. يقول طاهر بفخر: "بالكاد يعرف الكثيرون منهم خلال الأيام الأولى كيف يمسكون بالقلم. لكن بعد عامين، يغادرون المركز وقد حصلوا على مهارات أساسية في مختلف المواد والكثير من المعرفة".
عند انتهاء الدوام الصباحي، يكون الأطفال الذين ينتظرون الدوام الثاني قد وقفوا في الخارج ينتظرون دورهم بصبر. لا يزال طلب الحصول على فرصة التعلم الذهبية مرتفعا. تعمل اليونيسف مع الشركاء لطرح البرنامج لإفادة المزيد من الأطفال الذين ليست لديهم الفرص لحضور التعليم الرسمي.