بعينيّ طفل
علي، 11 عامًا، يشرح لنا كيف قلب النزاع في السودان حياته رأسًا على عقب

- متوفر بـ:
- English
- العربية
يتذكر علي، 11 سنة، ذلك اليوم في منتصف نيسان/ إبريل الذي بدأ فيه العالم حوله بالتغير. بدأ اليوم كأي يوم عادي آخر في منزله في العاصمة السودانية، الخرطوم. يقول علي: "استيقظت وأخذت أشاهد التلفزيون"، لكن بعيدًا خارج المنزل كان عليٌّ قد بدأ يسمع صخب المواجهات العنيفة وهي تشتعل.
مرت الأيام وأخذت أصوات تلك الانفجارات التي بدت بعيدة تقترب بشكل مخيف، وسرعان ما وصلت إلى عتبة منزل عائلته.
"وصل القتال إلى شارعنا، وسمعت دوي أصوات عالية،" يقول علي
كان الصخب مرعبًا لا يهدأ لعائلة علي. "مرت من فوق رؤوسنا،" يقول الفاتح، والد علي "جميع أنواع الأسلحة. الطائرات الصغيرة والمتوسطة والكبيرة. وصلنا لمرحلة كنا فيها على الأرض نختبئ تحت أسرّتنا لثلاثة أو أربع ساعات في اليوم."
وتقول أريج، شقيقة علي، أن العائلة بدأت تنام على الأرض، بعيدًا عن النوافذ حين اقترب القتال منهم. "أصوات الانفجارات هزت منزلنا. لقد كانت قريبة جدًا."
في النهاية، انقطعت المياه والكهرباء عن المنزل. "لم يعد أمامنا إلا الخروج،" تضيف أريج.
في البداية، لجأت العائلة إلى منزل أحد الأقارب في منطقة الكدرو، في مدينة بحري. لكن سرعان ما وصل القتال إليها أيضًا ما أجبر العائلة على الهروب ثانية.
يقول علي: "لقد تركت مدرستي ومنزلي وأصدقائي. تركت الكثير من الأشياء خلفي."

قصة مألوفة إلى حد مأساوي
علي ليس وحده فهناك آلاف الأطفال وعائلاتهم الذين يروون قصصًا مماثلة في وقت أجبرهم فيه العنف القائم حاليًا على البحث عن الأمن داخل السودان وخارجه. منذ تفجر النزاع في نيسان/ إبريل الماضي، حُرِمت أعداد لا تحصى من الأطفال من المساحات الآمنة التي استمتعوا بها ذات يوم – مدارسهم، مجتمعاتهم المحلية، ومنازلهم
خلال هذه الأوقات المرعبة تضطلع شبكات الدعم المكوّنة من الأصدقاء والعائلة بدور أكثر أهمية من السابق. حتى الآن، انفصل علي عن أصدقائه ويصيبه القلق نحوهم، لكنه يضيف أنه مسرور لأنه استطاع أن يبقى على اتصال بهم، ولو قليلًا.
"اتصلت بأحد أصدقائي الذي قال لي أنه زار منزلنا ليتمنى لي عيدًا سعيدًا لكنه لم يجدني. أخبرته أنني في مدني الآن،" يقول علي.
رحلة شاقة
مدني، إحدى مدن ولاية الجزيرة الواقعة في الوسط-الشرقي للسودان، بقيت هادئة وآمنة للذين هربوا من النزاع في الخرطوم وغيرها من المناطق، ونتيجة لذلك أصبحت المدينة سكنا لآلاف النازحين داخليًا. لكن الرحلة إلى المدينة كانت مرعبة بالنسبة لعلي وعائلته إذ مرّوا بسيارات وبنايات محترقة، بل حتى جثث أناس سقطوا ضحايا للعنف.
كانت الرحلة صعبة. وكان علينا أيضًا المرور ببعض حواجز التفتيش،" يقول علي."
اليوم، علي وعائلته آمنون وقد استقروا في منزلهم الجديد.
يونيسف موجودة على الأرض في أماكن مثل مدني لتلبية الاحتياجات الطارئة للأشخاص النازحين، بما في ذلك توفير الدعم النفسي – الاجتماعي للأطفال وضمان توصيل الخدمات الحيوية التي تُفيد المجتمعات المحلية.
لكن بينما تمتد الأيام لتصبح أسابيعًا، ويتواصل القتال فإن مستقبلهم لم يعد واضحًا. ويصيب الفاتح القلق من أن الوضع في البلاد لن يعود إلى ما كان عليه سابقًا حتى لو توقف القتال.
يقول الفاتح: "أرى المستقبل قاتمًا جدًا بعد هذه الأحداث. ليس هذا ما كنت أتوقعه لأطفالي."
مع ذلك يبقى علي متفائلًا بأن الأمور ستتحسن إن استطاعت البلاد الصمود في وجه الصعوبات الراهنة. "أريد أن أقول لأبناء الشعب السوداني أن يصبروا،" يقول علي.