العمل الجماعي في السودان جعل المجتمعات المحليّة أكثر أمانًا خلال موجات جائحة "كوفيد-19"
وضعت المجتمعات المحليّة في السودان أعينها على تحقيق هدف واحد، وهو التصدي لـ "كوفيد-19"

- متوفر بـ:
- English
- العربية
حين وصلت جائحة "كوفيد-19" إلى السودان قبل عامين تقريبًا، كان من الواضح أن على المجتمع المحليّ برُمّته العمل معًا لمكافحة الجائحة وحفاظ الجميع على سلامة بعضهم البعض.
انقلبت الحياة رأساً على عقب مع إغلاق المدارس وتنفيذ عمليات الإغلاق وحظر التجول وتعطيل العديد من جوانب الحياة وسبل العيش.
لم يكن التعلّم عن بعد خيارًا مطروحًا لمعظم الطلاب في السودان الذين ينتمون إلى أسر فقيرة ولم يتمكنوا من مواصلة التعلم أثناء إغلاق المدارس في العامين 2020 و2021. ونتيجة لذلك، واجه معظم الأطفال واليافعين السودانيين أزمة في التعلّم، وقد أثّر استمرار جائحة "كوفيد-19" على 8.1 مليون طالب في جميع أنحاء السودان.
كان على اليونيسف أن تتكيّف بسرعة مع هذه البيئة المتغيرة وأن يكون التدخل شاملاً. كان برنامج "كوفيد-19"قد بدأ، مع تخصيص جزء من الجهد لصالح وِحدة التغيير الاجتماعي والسلوكي (SBC) في اليونيسف، وذلك لتطوير حملة التواصل المباشر مع المجتمع المحليّ لزيادة الوعي بين أفراده وتزويدهم بأدوات للحفاظ على سلامتهم.
لتحقيق ذلك، تم تدريب 800 فرد من أبناء المجتمع المحليّ؛ وهم 526 أنثى و272 ذكرًا في عشر ولايات، على الممارسات الرئيسية التي تحافظ على مجتمعهم المحليّ في مأمن من "كوفيد-19". تمحور التدريب حول فهم طبيعة الجائحة وآثارها وطرق التخفيف من الإصابة بها، مثل غسل اليدين وارتداء الكمامات. ومن هنا أتت أهمية حصول أبناء و بنات المجتمع المحليّ على تدريب عمليّ يتعلمون من خلاله كيفية صنع كمامات من القماش.
تركزت حملة "كوفيد-19" على المدارس والمجتمعات المحلية المحيطة بها، لأن إعادة فتح المدارس ترافقت مع الحاجة إلى بذل الكثير من الجهود لضمان عودة الطلاب بأمان. وهكذا، تم استهداف 250 مدرسة في أرجاء هذه الولايات العشر.
هناك خطوتان مهمتان للحفاظ على أمان المجتمعات المحلية من "كوفيد-19"، وهما الحفاظ على التباعد الجسدي وارتداء الكمامات.

ومع أخذ الظروف السيئة للمدارس في عين الاعتبار، فإن أهمية الكمامات تصبح أكثر من ضرورية.
كانت الخرطوم، عاصمة السودان، قد سجّلت أكبر عدد من حالات الإصابة المؤكدة بـ "كوفيد-19"، بينما سجلت كل من ولاية الجزيرة والنيل الأبيض والبحر الأحمر أرقامًا مرتفعة، مقارنة بالولايات الأخرى.
حقّقت ولاية النيل الأبيض إحدى قصص النجاح في الحملة المذكورة. فقد تمّ في شهر آب/أغسطس 2021 تدريب المعلمين في ولاية النيل الأبيض على طرق الوقاية من "كوفيد-19" والتوعية من الجائحة، وعلى كيفية خياطة كمامات من القماش.
شاركت نادية محمد، وهي معلمة من كوستي في ولاية النيل الأبيض، في فريق التدريب على الخياطة.
قالت نادية: "كنت دائمًا مهتمّة بالحياكة والخياطة، وعندما تفشّت الجائحة، رأيت أنه من واجبي خياطة الكمامات لحماية الطلاب والمعلمين والمجتمع المحليّ. وقد قمتُ، بمعيّة معلمين آخرين بخياطة 800 كمامة رمادية اللون ووزعتها على جميع الطلاب".
طلب مكتب التربية والتعليم التابع للمحلية تجهيز مائتي كمامة لموظفيها بعد أن لاحظوا تأثيرها على المدرسة

كانت هدى عبد المجيد، وهي معلمة من مدرسة بحي الصافية بمدينة كوستي في ولاية النيل الأبيض، من بين المشاركين في المشروع.
بدأت هدى تستخدم ماكينة الخياطة وتدرّب نساء من الحي على صنع الكمامات للطلاب ولأفراد المجتمع المحليّ.
قالت هدى: "تمكنت من صنع 900 كمامة وبدأت في توزيعها على كبار السن والأشخاص المصابين بأمراض مزمنة والقطاعات الهشّة في المجتمع المحليّ، كما صنعت 400 كمامة لسدّ حاجة جميع طلاب المدرسة".
قامت هدى أيضًا بنشر الوعي في مجتمعها المحليّ من خلال الرسائل الرئيسية التي تدربت عليها حول "كوفيد-19".
قالت هدى: "استهدفتُ النساء في جلسات تناول القهوة وبدأتُ أتبادل معهنَّ الرسائل للحفاظ على سلامتهنّ، ولأن التدريب أعطانا فهمًا لما علينا أن نتوقعه من الرسائل المضادة، فقد تمكنت من الإجابة على جميع الأسئلة التي طرحتها النساء بكل سلاسة".

لضمان توزيع الكمامات على الأطفال والمعلمين، تم تزويد 200 مدرسة في ثماني ولايات بماكينات الخياطة. قام أفراد المجتمع المحلي باستخدام هذه الماكينات لصنع كمامات لطلاب المدارس، وبعد ذلك تم انتاج المزيد من الكمامات لأفراد المجتمع المحليّ المحيط بالمدرسة. كما تمّ أيضًا تزويد المدارس بـ 250 ميكروفونًا و280 جهاز لاسلكي لتمكين المدارس من الاستمرار في تبادل المعلومات.
مع انتهاء البرنامج، سوف يستمر شركاء اليونيسف بمراقبة أعضاء المجتمع المحليّ الذين تلقّوا التدريب لبضعة أشهر. وتمّ علاوة على ذلك تسليم ماكينات الخياطة للمدارس وستعتبر موردًا للمجتمعات المحليّة.
بعد مرور بضعة أشهر على انتشار الجائحة، كانت المجتمعات المحليّة قد أدركت أهمية الجهود الجماعية، وترسّخت لديها الفكرة القائلة بأن لكلّ منا دورًا يلعبه في حماية بعضنا البعض من خلال قصص النجاح التي تمّ تحقيقها في المجتمعات المحليّة والمدارس المختلفة.
تعلمت المجتمعات المحلية في كوستي في ولاية النيل الأبيض، وفي شرق النيل في الخرطوم، كيفية العمل معًا لمحاربة "كوفيد-19". ستقوم اليونيسف، من خلال شركائها، بمواصلة تمكين المجتمعات المحلية من إبقاء الأطفال في المدارس والحفاظ على أمان المجتمعات المحلية.