مراكز الأسرة في غزة

معالجة الضغوط النفسية لدى أطفال غزة

UNICEF - SoP
MHPSS
UNICEF-SoP/2021/Anas ElBaba
08 تشرين الأول / أكتوبر 2021

منذ عام 2009، ومن خلال إثني عشر مركزًا للأسرة موزعين على أنحاء قطاع غزة، تقوم اليونيسف بالتعاون مع شركائها بتقديم خدمات متكاملة للدعم النفسي والاجتماعي، وبتوفير الحماية للأطفال، الفتيان والفتيات الأكثر معاناةً من الضغوط النفسية والاجتماعية في قطاع غزة، بما في ذلك الأطفال المتأثرين بفيروس كورونا. تشمل خدمات الحماية وتعليم المهارات الحياتية التي نقدمها أنشطة آمنة وتفاعلية، مناسبة للفئات العمرية، وملائمة ثقافياً، وتهدف الى مساعدة الأطفال وأسرهم على التعافي من الضغوط والعودة إلى الحياة العادية. ومن أجل ضمان رعاية مستمرة، خاصة بالنسبة للأطفال الأكثر ضعفًا وتضررًا، فقد تم توفير خدمات في مجال إدارة الحالات بإمكانها عرض أي حالة على خدمة دعم الصحة النفسية والعقلية.

إن تعزيز أنظمة حماية الطفل من الأولويات الأساسية بالنسبة لليونيسف، حيث نسعى جاهدين كي يكون عملنا مكملاً لجهود الشركاء، المنخرطين في العمل الإنساني والتنموي. واستجابة منا لأزمة حماية الطفل التي طالت زمنياً، واستجابةً للأحداث الأخيرة، تعمل اليونيسف اليوم على توسيع نطاق دعمها ليشمل مراكز الأسرة في غزة. تقدم هذه المراكز دعماً بالغ الأهمية، على الصعيد النفسي والاجتماعي، للأطفال والعائلات في حالات الطوارئ. والهدف هو مساعدتهم على التغلب على التجارب الصعبة والصدمات التي يتعرضون لها. إلى جانب ذلك، توفر هذه المراكز نقاط تجمع آمنة للعائلات، وتوفر مساحة يستطيع فيها الأطفال وذويهم الحصول معاً على الدعم والرعاية النفسية الاجتماعية. وقد أثبتت هذه المراكز أنها حل فعال ومجدٍ من حيث التكلفة في توفير الحماية والدعم النفسي الاجتماعي. عند أي تصاعد للاشتباكات المسلحة، تجد موظفي مراكز الأسرة في طليعة من يقدمون خدمات حماية الطفل، ومن بينها التأكد من عرض الحالات، عند الحاجة، على الخدمة الصحية الأساسية أو على خدمة التعليم العلاجي. منذ كانون الثاني / يناير2019، تلقى 33600 طفل دعمًا نفسيًا اجتماعيًا أو تمت معالجة حالتهم النفسية الخاصة في أحد مراكز الأسرة في غزة.

يتلقى أفراد الأسرة والمجتمع المساعدة بهدف إعانتهم على توفير دعم أفضل لأطفالهم في حالات الطوارئ. ويشمل ذلك جلسات توعية تضم مقدمي الرعاية للأطفال الضعفاء والذين تم تدريبهم على تدابير حماية الطفل.  ويندرج ضمن هذه التدابير مواضيع مثل التنشئة الإيجابية، والدعم النفسي للأطفال، والتبول في الفراش، والزواج المبكر، وعمالة الأطفال. يتم التطرق الى هذه المواضيع بالدرجة الأولى وفقاً للاحتياجات على أرض الواقع، واستجابة للقضايا التي أثارها مقدمو الرعاية.

MHPSS
UNICEF-SoP/2021/Anas ElBaba

وكما عبر عن ذلك أطفال غزة أنفسهم، فلقد اختبروا خلال الحرب الأخيرة ظروفاً مروعة:

يقول أحمد البالغ من العمر عشر سنوات: " كنت أكره الليل كثيرا لأن القصف يحدث أثناء الليل، وتتساقط القنابل على رؤوس الناس في منازلهم. الطائرات تقصف عشوائيا لأنها لا ترى في الظلام ".

أما سميرة، أحد عشر عاماً، فتقول: "كنت أخاف أن أذهب إلى الحمام لأنني كنت أخاف أن يطلقوا الصواريخ علينا، فكنت أصطحب أمي معي إلى الحمام ".

يقول رامي البالغ من العمر تسع سنوات: "عندما قصفوا الأرض، بدأ جيراننا بالصراخ، وشعرت بالخوف الشديد عندما رأيت الانفجار والنار.  يجعلني هذا أشعر بالذعر".

أميرة، ثماني سنوات، تقول: " نمت بين ذراعي ماما بسبب القصف ولأنني كنت خائفًة من الموت".

سمير، ثلاث عشرة سنة، يقول: "هربت أنا وعائلتي وذهبت إلى المدرسة لأنهم بدأوا في إطلاق النار علينا من الدبابات، هم لا يقصفون المدرسة،  ولكنني كنت خائفا جدا".

محمود، عشر سنوات يقول: " كنت أدعو الله كل يوم أن يوقف القصف ويوقف الحرب. وعندما جاءت الهدنة، كنا سعداء للغاية لأن الحرب انتهت".

رجاء، خمس عشرة سنة: " كلما سمعت صوتًا عاليًا، انتابني الخوف والرعب".

MHPSS
UNICEF-SoP/2021/Anas ElBaba
Mothers and their children during a physiological support session in a UNICEF-supported family center in the Gaza Strip

إن الأثر الإيجابي لمراكز الأسرة ليس فقط التخفيف من الصدمات، ولكنها أيضًا تساعد في تحسين السلوك والمهارات الاجتماعية.

بلغنا مراراً أن الأطفال، قبل مشاركتهم في أنشطة مراكز الأسرة، غالبًا ما كانوا يفقدون أعصابهم أو يستخدمون العنف لحل مشاكلهم أو لإثبات ذاتهم. ولكن، بعد زيارة أحد مراكز الأسرة، غالبًا ما عبر الأطفال عن تحسن في مهاراتهم، ومعرفتهم بحل النزاعات، وإدارة الوقت، والقدرة على تحديد المشاعر والتعبير عنها، وطرق الاسترخاء التي أصبحوا قادرين على الاستفادة منها لتهدئة أنفسهم. أفاد الأطفال أيضًا أن شعورهم بالتوتر والقلق قد خف، وأنهم أصبحوا قادرين على التعامل بشكل أكثر فعالية مع المشاعر الصعبة والمؤلمة. كما أفاد عدد كبير من الأطفال، ومعظمهم من الفتيات، بأنهم أصبحوا أقل خجلًا وعزلة من السابق وقد ازدادت ثقتهم في التعامل مع الآخرين، سواءً من أقرانهم أو الراشدين

MHPSS
UNICEF-SoP/2021/Anas ElBaba

فيما يلي شهادات وردت في تقييم أجرته اليونيسف:

جاء على لسان فتاة في الحادية عشرة من عمرها ما يلي: "كنت أضرب إخوتي وأختي الأصغر إذا لم يطيعوا أوامري، ولم يستمعوا لأمي، ولكن الآن، كل ذلك توقف".

عن صبي يبلغ من العمر ثلاثة عشر عامًا: "تعلمت طوال نشأتي أنه عندما أختلف مع شخص آخر،  فيجب أن أتغلب عليه بالقوة. بهذه الطريقة أفوز. لكن في مركز الأسرة، تعلمت طرقًا أخرى لحل النزاعات".

أما الشهادات التالية فهي لمشاركين في ورشة عمل تهدف إلى زيادة الوعي بمخاطر كوفيد-19 والتوعية بطرق الوقاية المناسبة:

تقول ام ماهر: "لم نكن نعلم أنه بإمكاننا التخفيف من حدة المشاكل النفسية التي عانى بعضنا منها أثناء الحجر الصحي وقت كورونا. لقد قدمت لنا ورشة العمل شرحاً للطرق الصحيحة من أجل التعامل مع مثل هذه الظروف وعلمتنا كيفية التعامل مع أبنائنا".

يقدم المركز علاجاً لتقويم النطق ويساعد هناء البالغة من العمر عشر سنوات على الاندماج مع الفتيات الأخريات من خلال أنشطة المهارات الحياتية، خاصة بعد أن تسبب لها فيروس كورونا باضطرابات نفسية.

تقول والدة هناء: "منذ عامين، بدأت ألاحظ أن ابنتي هناء تواجه صعوبات في نطق بعض الكلمات، مما تسبب في تأخر تحصيلها الدراسي. لم يكن لدي خيار سوى زيارة مركز الأسرة لمتابعة حالتها. لقد تحسنت حالة هناء بنسبة 80 في المئة بفضل العلاج الذي تلقته في المركز على يد المسؤول عن حالتها".

زهير، الذي يرافق شقيقه محمد منذ عامين، ثلاث مرات في الأسبوع، إلى جلسات علاج النطق في مركز الأسرة التابع لليونيسف، يقول: "يسعدني أن أرى تطور أخي محمد البالغ من العمر ثلاثة عشر عامًا. ألقي نظرة خاطفة عليه أثناء الجلسات حتى أتمكن من تطبيق ما يقوم به المدرب في المنزل أيضاً".

MHPSS
UNICEF-SoP/2021/Anas ElBaba
Mothers participating in a physiological support session for children and their families impacted by COVID-19 in a UNICEF supported family center in the Gaza Strip.

بالنسبة لطفل يبلغ من العمر أربعة عشر عامًا أو أكثر، فإن التصعيد الأخير هو الحرب الرابعة التي يشهدها. اليوم، وأكثر من أي وقت مضى، يحتاج أطفال قطاع غزة وعائلاتهم إلى كل الدعم من أجل التعامل مع التوتر والضغوط النفسية. تقوم اليونيسف وشركاؤها، من خلال مراكز الأسرة، بمعالجة بعض الحالات الأكثر خطورة. ولكن في نهاية المطاف، لا يغطي هذا الجهد سوى جزء ضئيل من الأطفال الذين يحتاجون إلى الدعم والمساعدة النفسية والاجتماعية.  المطلوب هو تعزيز شامل لأنظمة حماية الطفل في قطاع غزة، والتي يلعب هذا البرنامج دورًا فيها. يحتاج أطفال غزة إلى الأمل بأن الغد سوف يوفر لهم الفرصة لتحقيق كل إمكاناتهم. لكل طفل الحق في العيش بكرامة، والرعاية الملائمة لمواجهة الضغوط النفسية عنصر بالغ الأهمية في هذا الصدد.