تكنولوجيا المعلومات تكسر الحواجز بين الشباب الفلسطينيين

بالنسبة إلى نوال البالغة من العمر خمسة عشر عاماً، والتي تعيش في القدس الشرقية، فإن المشاركة والتفاعل مع أقرانها في قطاع غزة كانت مهمة مستحيلة.

اليونيسف في دولة فلسطين
Girl writing on a board
UINCEF SOP
12 كانون الأول / ديسمبر 2016

القدس الشرقية، دولة فلسطين - كانون أول / ديسمبر ٢٠١٦- بالنسبة إلى نوال البالغة من العمر ١٥خمسة عشر عاماً، والتي تعيش في القدس الشرقية، فإن المشاركة والتفاعل مع أقرانها في قطاع غزة كانت مهمة مستحيلة.

وتقول: "بسبب الحصار، لم أتخيل أبداً أنّ بمقدوري أن أقابل فتيات في عمري من غزة".

وإن الحصار المفروض على غزة، والذي سيصل إلى عامه العاشر في حزيران / يونيو، يجعل من المستحيل على الفلسطينيين الذين يعيشون هناك التواصل مع الفلسطينيين في بقية الأرض الفلسطينية (الضفة الغربية والقدس الشرقية).

وتغير الأمر عندما سمعت نوال عن "المجلس الافتراضي"، وهو منبر للتبادل تديره اليونيسف؛ من أجل وصل الطلاب في غزة بالطلاب في الضفة الغربية والقدس الشرقية.

ويستعمل الطلاب أنظمة الاتصال عبر الفيديو من أجل التواصل مع بعضهم البعض والتغلب على المسافة والقيود المفروضة على إتاحة الوصول، فأنشأ الفاخورة، وهو أحد برامج مؤسسة "التعليم فوق الجميع" الممول من صندوق قطر للتنمية، هذه المنصة بهدف تمكين المراهقين من الحوار والتفاوض والتواصل.

ففي المرحلة الأولى من المشروع، وظفت اليونيسف "المجلس الافتراضي" كحلقة وصل بين الطلاب في غزة وأقرانهم في قطر، قاهرةً بذلك المسافة بينهم التي تزيد عن ألفي كيلومتر. وفي المرحلة الثانية، ستربط اليونيسف الطلاب في غزة مع الطلاب في الضفة الغربية والقدس الشرقية، وتقهر بذلك القيود المفروضة على الوصول والتشرذم المستمر للأراضي الفلسطينية، وعلى الرغم من أن مدينة غزة تبعد ما يقل عن مائة ١٠٠ كيلومتر عن القدس الشرقية إلا أن سكان المدينتين غير قادرين على زيارة بعضهم البعض.

تنفذ اليونيسف هذا البرنامج بدعم من خمسة "مشاريع مساعدة"من فلسطينيين؛ هم شباب تخرجوا في  برنامج الفاخورة للمنح الدراسية في غزة. وتدعم شريكة اليونيسف النيزك المشروع في القدس الشرقية، وهي مؤسسة للتعليم المساند والإبداع العلمي.

 

التغلب الصور النمطية والتحديات المشتركة

ومن خلال عقد اجتماعات بشكل منتظم، يناقش الأطفال في سن الشباب موضوعات ذات صلة باهتماماتهم، كالمعالم التاريخية والدينية، والقضايا الثقافية، ونماذج المثل الأعلى والقادة الملهمين؛ وبذلك، يتعلمون عن حياة بعضهم البعض، ويستمعون إلى التحديات والتطلعات عن طريق الانخراط في التفكير الإبداعي والنقدي، وتطوير فهم أعمق للآخرين ليصبحوا قادرين على تحدي الصور النمطية والدعوة إلى التغيير.

"ناقش الطلاب من الجانبين الكثير عن طفولتهم المبكرة، وأوجه التشابه بينهم. تقول ليلى برهوم، منسقة الإسناد والمناصرة في اليونيسف: "لقد كانت مفاجأة رائعة لكلا الجانبين أن يكتشفوا مدى التشابه بينهما."

فعلى سبيل المثال، أدرك الطلاب أنهم لعبوا نفس الألعاب حتى لو حملت أسماء مختلفة في غزة عنها في الضفة الغربية. كما ناقشوا بعض القضايا التي تؤثر على مجتمعاتهم، وكيفية حلها، وعلى وجه الخصوص، تحدثوا عن الزواج المبكر وعمالة الأطفال."

واتفق الطلبة من كلا الجانبين على أن الزواج المبكر يحرم الفتيات من حقهن في التعليم، وغالباً ما ينتهي بالطلاق.

"الفتاة التي تتزوج قبل إكمال تعليمها لن تكون قادرة على إعالة أطفالها؛ فهي نفسها طفلة،" قالت منتهى من غزة.

وقالت آلاء /  ثم قال علاء  من القدس الشرقية: "يمكننا أن نقود أنشطة توعية للعائلات حول العمر المناسب للزواج، والذي من المفترض أن يكون ١٨ثماني عشرة سنة، أي  بعد أن تنهي الفتاة تعليمها في المرحلة الثانوية".

واختلف الطلبة في غزة، قائلين إن سن ١٨الثامنة عشر هو سن مبكر، وإن الحد الأدنى لسن الزواج يجب أن يكون ٢١ واحدا وعشرين عاماً، حتى تتمكن الفتيات أيضاً من إتمام تعليمهن الجامعي.

.

تكوين صداقات جديدة

 ساعد المشروع أيضاً على تكوين العديد من الصداقات؛ حيث تعرفت نوال، إحدى سكان القدس الشرقية، على عشر ١٠ فتيات بعمرها من غزة، وتقول إنها استمتعت بالحديث والاستماع والتعلم منهم، خاصةً آ آية البالغة من العمر ستة عشر١٦ عاماً.

"نظراً لأن الفتيات في القدس يذهبن إلى مدارس التعليم المختلط، فقد ظننت دائماً أنهن يتصرفن بشكل أكثر انفتاحاً، مثل الأشخاص الذين يعيشون في الغرب،"تقول آية من غزة، وتضيف: "من خلال التحدث إليهن، وعلى عكس ما كنا نظن، اكتشفنا أنهن يتمتعن بالقيم الثقافية الفلسطينية الراسخة."

كما عبرت إحدى قريناتها في القدس عن شعور مماثل: "اعتقدت أن الفتيات المراهقات في غزة محافظات للغاية، وخجولات وغير راغبات في التواصل مع الآخرين،" تقول نوال من القدس وتضيف "لكن أعجبنا بأفكارهن، وتجاربهن الحياتية، وتعرفنا على التحديات اليومية التي تواجههن".

يستطيع المراهقون من خلال "المجلس الافتراضي" تحديد أوجه الشبه والاختلاف بين غزة والقدس.

تقول دانا البالغة من العمر خمسة عشر عاماً: "جميعنا لدينا شغف للحياة والعيش بسلام؛ لكن هناك أيضاً اختلافات وأبرزها اختلاف اللهجات التي نتحدث بها".

وفي أثناء حوارالمشاركين حول نماذج المثل الأعلى، أدركوا أن أقرانهم في قطاع غزة تأثروا بشدة بشخصيات عامة، مثل الشاعر الفلسطيني الراحل محمود درويش، بينما تأثر المراهقون في القدس مثل دانا ونوال بأشخاص كانوا على اتصال يومي معهم.

قول دانا: "لقد ألهمتني مؤسسة مدرستي، السيدة هند الحسيني، حيث جعلتني أدرك أن لا شيء مستحيل، وإنه لا شيء يمكن أن يمنعني من أن أصبح عالمة فلك."

وتقول نوال إن والدتها هي مثلها الأعلى وهي متطوعة في مدرستها، إنها تشجعني باستمرار على أن أكون متعاونة ونشيطة وسلمية. وتضيف: "إنها تشجعني على مواصلة تعليمي، وتحقيق أحلامي في أن أصبح خطاطة ناجحة."

ويطمح المشاركون في كلتا المنطقتين إلى زيارة مدن بعضهم البعض، والتي تبعد مسافة أقل من مائة ١٠٠ كيلومتر؛ ولكن بالنظر إلى القيود المفروضة على الحركة، وجدوا أن "المجلس الافتراضي" هو أفضل بديل للوصول إلى أقرانهم في الوضع الحالي.

ولقد سمحت لنا المجالس الافتراضية بأن نتحد ونكون يداً واحدة مع الطلبة، من القدس ونابلس." وتقول سمر في غزة، وتضيف: "لقد استمتعنا بالتجربة جداً وتعلمنا الكثير".

وتقول دانا من القدس: "من حسن حظنا أن تتاح لنا هذه الفرصة، وما زلنا نحلم جميعاً باليوم الذي نستطيع فيه زيارة بعضنا البعض واللقاء بشكل شخصي".