أب ضد التيار
قصة أب شجاع حمى ابنته من ختان الإناث بسبب حبه لها والوعي الديني الصحيح

- متوفر بـ:
- English
- العربية
شيماء عبد الحميد تبلغ من العمر 31 عامًا، ولدت ودرست في أسيوط، وهي تعمل حاليًا بجمعية الطفولة والتنمية بأسيوط كأخصائية حماية بخط نجدة الطفل 16000 الذي يديره المجلس القومي للطفولة والأمومة.
تقول شيماء التي ستناقش رسالة الدكتوراة خلال أشهر: "أنا البنت الوحيدة في عيلة أبويا كلها وعيلة أمي كلها اللي دخلت جامعة.. مهما سمع كلام من العيلة، أبويا كان مؤمن بيا."
بجانب إصراره على تعليم ابنته، كان لوالد شيماء موقف حاسم آخر.
تدخل في الوقت المناسب
عادة ما يحدث ختان الإناث في الصعيد بشكل جماعي، حيث تتفق الأمهات من نفس العائلة أو المنطقة على ختان بناتهن في نفس اليوم، ولم تكن والدة شيماء استثناءً، لكن لحسن الحظ عرف أبوها في الوقت المناسب.
تقول شيماء: "أنا كنت صغيرة في ابتدائي ومكنتش مدركة بيتخانقوا على إيه، بعدها بكذا سنة حصلت ضجة كبيرة على بدور البنت اللي ماتت بسبب الختان، من وقتها كل الأحداث اللي كانت مدفونة ظهرت."
بدأت شيماء تدرك أن ختان الفتيات أمر شائع، وأن ما فعله أبوها كان الاستثناء: "كنت بشوف دكاترة جامعة وناس متعلمة وعقولها متفتحة شايفين الموضوع ده عادي وصح للبنت، أنا كان نفسي أفهم طب إزاي أبويا الراجل البسيط اللي مش متعلم كان رافض إني يتعمل فيا حاجة زي دي؟"

السر القديم
تشجعت شيماء وذهبت لسؤال أبيها عن سبب رفضه لختان الفتيات، فأخبرها أنه عندما كان يبلغ من العمر 15 عامًا في مطلع الستينات، كان هناك أحد المشايخ في بلدته منفلوط يتناول هذه القضية مرارًا في خطب الجمعة. كان الشيخ يؤكد أن ختان البنات لا دليل عليه في الدين وينهى الناس عن القيام به.
تعلق شيماء: "دور رجال الدين هو الدور الأول والأقوى قبل أي ندوات أو توعية، تأثير كلام الشيخ كان قوي وكان فيه رجالة كتيرة بتقتنع بيتكوّن عند الأطفال اللي كانوا في سن أبويا وقتها، بس كانت بتيجي ستات يعملوا كدة في بناتهم من ورا رجالتهم."

تهديد مستمر
على الرغم من انخفاض معدل انتشار هذه الممارسة في الفئة العمرية 15-17 عامًا بأكثر من 13 في المائة من عام 2008 إلى عام 2014 (وفق المسح السكاني الصحي - مصر 2014)، لا تزال بعض التحديات قائمة. تعد مصر أعلى دولة في معدلات ختان الإناث الطبي، حيث يتم ختان 8 فتيات من بين كل 10 فتيات على أيدي أطباء أو ممرضين.
لا يهدد الختان الفتيات الصغيرات فحسب، إنما يمتد خطره أحيانًا إلى ما بعد الزواج. تحكي شيماء عن أحد القصص المؤسفة التي سمعتها خلال الندوات التوعوية عن فتاة اكتشف زوجها أنها غير مختنة يوم الزفاف وقام بأخذها عنوة للطبيب ليجري لها "العملية". تشعر شيماء بالأسف أنها سمعت هذه القصة قبل أن تعمل في خط نجدة الطفل 16000 (وإلا كانت اتخذت إجراءً ضد هذا الزوج)، وتقول: "لما بسمع التفاصيل اللي زي دي جسمي بيقشعر، وبقول إزاي البنت اللي اتحطت في الموقف ده عرفت تستحمله؟!"

جهود وطنية وعالمية
تقوم يونيسف - بالتعاون مع الحكومة المصرية واللجنة الوطنية للقضاء على ختان الإناث والمجتمع المدني – بالقيام وتيسير العديد من المبادرات للتثقيف وتصحيح المفاهيم الخاطئة حول ختان الإناث. تعمل المنظمة على التصدي والحماية من ختان الإناث على عدة مستويات، بما في ذلك تعزيز الأنظمة الوطنية لحماية الطفل مثل خط نجدة الطفل 16000. كذلك، تولي عناية خاصة للتعاون مع الأزهر الشريف والكنيسة القبطية المصرية ووزارة الأوقاف (أهم القيادات الدينية في الدولة) لتدريب الأئمة والقساوسة على نشر الوعي بشأن القضية وعدم ربطها بالدين.
منذ 2008، تعمل يونيسف بالتعاون مع صندوق الأمم المتحدة للسكان لتطبيق "البرنامج المشترك للقضاء على تشويه الأعضاء التناسلية للإناث" في 17 دولة. يربط البرنامج التحول في الأعراف الاجتماعية والچندرية - والتي غالبًا ما تؤدي إلى ختان الإناث - بالقوانين التي تحظر الممارسة، بالإضافة لدعم وصول الفتيات والسيدات المعرضات أو اللاتي تعرضن بالفعل لختان الإناث إلى خدمات حماية الطفل والصحة الجنسية. تشمل قائمة الداعمين لهذا البرنامج حاليًا الاتحاد الأوروبي وحكومات النمسا وآيسلندا وإيطاليا ولوكسمبورغ والنرويج وإسبانيا والسويد والمملكة المتحدة.
بالإضافة إلى ذلك ، تقيم يونيسف شراكات مستمرة مع الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية من خلال مشروع "تهيئة بيئة داعمة للنشء في مصر" من 2018 إلى 2021، والذي يتناول القضايا المتعلقة بختان الإناث وتمكين الفتيات المعرضات للخطر.
في عام 2013، قام الأزهر الشريف بالتعاون مع يونيسف بنشر كتاب "ختان الإناث: بين المغلوط علميًا والملتبس فقهيًا". تبع ذلك - في 2016 - إطلاق سلسلة إصدارات تحت عنوان "السلام. المحبة. التسامح. رسائل أساسية من الإسلام والمسيحية لحماية الأطفال من العنف والممارسات الضارة"، وهي إصدارات مشتركة بين الأزهر الشريف وجامعته والكنيسة القبطية تتطرق لـ11 نوعًا من أنواع العنف ضد الأطفال من بينهما ختان الإناث.
في 14 يونيو 2019 - اليوم الوطني للقضاء على ختان الإناث - تم إنشاء اللجنة الوطنية للقضاء على ختان الإناث برئاسة المجلس القومي للمرأة والمجلس القومي للطفولة والأمومة، بالتعاون مع الوزارات المعنية والمجالس القومية المتخصصة والأزهر والكنيسة والمجتمع المدني. بدعم من يونيسف وصندوق الأمم المتحدة للسكان، أطلقت تلك اللجنة أول حملة قومية من نوعها لمواجهة ختان الإناث تحت شعار #احميها_من_الختان.