: "اعتقدتُ أنني سأفقد ابنتي!"
التجربة التي عاشتها البنت وقد أوشكت على الموت، حوّلت الأم إلى مدافعة عن مناهضة تشويه الأعضاء التناسلية الأنثوية

- متوفر بـ:
- English
- العربية
تتذكر سلوى جعفر اليوم الذي جاءت فيه قابلة إلى بيتها لإجراء عملية تشويه للأعضاء التناسلية الأنثوية لابنتها.
كان ذلك اليوم يومًا حزينًا، فقد أوشكت سلوى أن تفقد ابنتها بسبب هذه الممارسة الضارة.
وصفت الأم لسبعة أطفال التي تعيش في أبو شوك، وهو مخيم للنازحين في الفاشر في ولاية شمال دارفور منذ عام 2003، حالتها في ذلك اليوم قائلة: "أتذكر نفسي وأنا أجري من مكان إلى آخر وأشعر بأن رأسي ثقيلًا. لم أكن أعرف ماذا أفعل. أردتُ أن أذهب إلى مركز الشرطة لكي أسلّم نفسي. أردت أن أخبرهم أن ابنتي تحتضر وأن الخطأ كان خطأي. ولم أهتم إن كانوا سيسجنونني".
منذ ذلك اليوم ، أقسمت سلوى على عدم إخضاع أي من بناتها الأخريات لهذه الممارسة الشنيعة.
أصبحت سلوى جعفر اليوم مناصرة ضد هذه الممارسة الضارة التي كادت أن تقتل ابنتها، وقد حصلت على هذه المكانة بعد مشاركتها في تدريب تدعمه اليونيسف كجزء من مبادرة "سليمة".
كانت مبادرة سليمة قد أُطلقَت في عام 2008 من قِبَل المجلس القومي لرعاية الطفولة واليونيسف، وهي مبادرة تدعم حماية الفتيات من التعرّض لتشويه الأعضاء التناسلية الأنثوية (FGM)، مع التركيز بشكل خاص على تشجيع التخلي الجماعي عن هذه الممارسة على مستوى المجتمع المحلّي.
شاركتنا سلوى جعفر تجربتها قائلة:
"اعتقدتُ أنني سأفقد ابنتي! كنت أعلم يومها أن تشويه الأعضاء التناسلية الأنثوية خطأً، لكن التدريبات ساعدتني على فهم تأثير هذه الممارسة بشكل أفضل. أدرك الآن أن هذه الممارسة تشكّل سببًا رئيسيًّا وراء الصعوبات التي نعاني منها أثناء الإنجاب وأنها تسبب ناسور الولادة. وهي السبب لكثير من المشاكل الصحية التي لدينا".
شعرت سلوى جعفر بالحزن بشكل خاص عندما أدركت حقيقة العلاقة القوية بين تشويه الأعضاء التناسلية الأنثوية ووفيات الأمهات. وكلما ازداد اطلاعها وتنوّرها بشأن مخاطر الممارسات الضارة، كلما ازدادت مناصرتها لمناهضة هذه الممارسة قوّة وصلابة.
تشعر سلوى اليوم بأنها ممتنة لأن ابنتها نجت من الموت، وتستمر في نشر أفكارها في مجتمعها المحليّ وحث الناس على التخلي عن هذه الممارسة التي كادت أن تودي بحياة ابنتها الصغيرة.

تعمل سلوى جعفر بشكل وثيق مع هندية صالح وحليمة عثمان، وهما أيضًا من سكان المخيم نفسه، لضمان إيصال الرسائل ضد ممارسة تشويه الأعضاء التناسلية الأنثوية إلى كل مكان. هؤلاء النساء الثلاث أصبحنَ ميسّرات معتمدات للمجتمع المحليّ بعد الانتهاء من إجراء التدريب الذي تدعمه اليونيسف.
تقيم الميّسرات المجتمعيّات حوارات مجتمعية للتأثير على المجتمع المحليّ لقبول معيار جديد؛ ألا وهو الحفاظ على الفتاة سليمة، ونشر رسالة مفادها أن كلّ فتاة تولد سليمة؛ وأنه يجب أن نَدَع كل فتاة تنمو سليمة.
"سليمة" تعني باللغة العربية "كاملة، سليمة جسدًا وعقلًا، لم يمسّها أذى، نقيّة، وفي حالة التمام والكمال كما خلقها الله".
سجلت النساء الثلاث على مر السنين مكاسب نتيجة جهودهن. وهنَّ يؤكّدنَ أن هذه الممارسة التي يغذّيها الزواج بين قبائل مختلفة لم تعُد شائعة كما كانت في السابق، ويواصلنَ استخدام جميع السبل المتاحة لهنَّ لتوعية المجتمعات المحلية ضد هذه الممارسات الضارة وتبادل مسارات الإبلاغ عنها.
قالت هندية صالح: "لدينا عدة فتيات في المدرسة الثانوية والجامعة ممن لم يتعرّضن للختان".
اكتسبت النساء الثلاث سمعة طيبة في المجتمع المحليّ بسبب العمل الرائع الذي يقُمنَ به، كما أن المجتمع المحليّ يقدّر جهودهن لمراقبة فتياتهن والحفاظ عليهنّ.
تؤكد النساء أنهنّ يقُمن في الواقع بمراقبة وضع الفتيات بعناية ويجرينَ تحقيقات للتأكد من أن الفتيات في أمان.
وأكدت هندية صالح قائلة: "لا نريد أن يحدث تشويه الأعضاء التناسلية الأنثوية ضمن إطار مراقبتنا وبعد أن أصبح القانون ساريًا. ونحن نستخدمه الآن ونبلغ القابلات والعائلات بأن القانون يعاقب بشدة كل من يقوم بتشويه الأعضاء التناسلية الأنثوية".
أصدرت الحكومة في تموز/يوليو 2020 قانونًا يُجَرِّم ختان الإناث في السودان ويعاقب مرتكبيه بالسجن لمدة ثلاث سنوات. أرسى الإصلاح القانوني جزءًا من التخلي عن هذه الممارسة، وتواصل اليونيسف الدعوة إلى إنفاذ القانون على مستوى الدولة.
قالت سلوى جعفر: "سوف يأتي الوقت سريعًا جدًّا وتختفي هذه الممارسة من مجتمعاتنا المحلية. أعتقد أنها ستصبح عاجلًا جزءًا من تاريخنا". واختتمت سلوى حديثها قائلة: "كل ما علينا أن نفعله هو مواصلة العمل ونشر الوعي".