
يعتلي شباب وشابات لبنان خشبة المسرح ويلهمون التغيير الإجتماعي
مع الأدوار التي أداها المراهقون في زحلة، إعتلى شباب وشابات المدينة خشبة المسرح وقدموا سيناريوهات واقعية عزّزت الوعي حول القضايا المتعلقة بالعنف ضدّ النساء والأطفال
- متوفر بـ:
- English
- العربية
يؤكد الشاب بهاء جانبين، البالغ من العمر 19 عاما، "أن الكثير من الرجال والنساء والأطفال في لبنان لديهم قصّة ما، يمكنهم سردها، حول العنف الأسري" يضيف "آن الأوان لزيادة الوعي حول القضايا المحيطة بنا، وأتت مبادرة مسرح "قدوة" المجتمعي، بدعم من منظمة اليونيسف، لتدفعنا الى الذهاب مباشرة الى قلب القضية".
تحت مظلة إستراتيجية مبادرة "قدوة"، وبتنظيم الشريك المنفذ طويل الأمد لليونيسف أنيرا، جرى تنسيق نشاط مسرحي مجتمعي تفاعلي خلال شهر آذار/ مارس في مدينة زحلة، ثالث أكبر المدن في منطقة البقاع.
يعمل برنامج قدوة، التابع لليونيسف، على تمكين شباب وشابات لبنان وتزويدهم بالمهارات الأساسية المطلوبة ليصبحوا عناصر تغيير فاعلة في مجتمعهم، للتصدي للعنف ضدّ الأطفال والنساء. يساهم البرنامج في تحفيز الحوار والتواصل في المجتمع المحلي وخلق بيئة حامية ومشجعة للسلوكيات الصحية السليمة، وحلّ المشاكل واحترام التنوع وتعزيز تمكين الشباب والشابات ليكونوا دعاة لضمان بيئة حامية للنساء والأطفال. تسعى منصة المسرح المجتمعي الخاصة بقدوة الى زيادة الوعي حول عمل الأطفال وزواج الأطفال وجميع أشكال العنف تجاه الفتيات والفتيان والنساء من خلال إشراك المجتمعات في النقاشات حول تلك المواضيع، ما يسمح لهم باستطلاع الحلول المجتمعية واستنباطها بشكلٍ جماعي لمنع مثل هذه السلوكيات.
من خلال نصوص تركّز على الشباب، وبأدوارٍ يلعبها المراهقون والمراهقات المحليون، يعتلي شباب وشابات زحلة المسرح ويقدمون سيناريوهات درامية من الحياة الواقعية، تحفّز على التفكير وزيادة الوعي العميق. وفي نهاية العرض المسرحي تدور نقاشات مفتوحة بين الممثلين الشباب وجمهورهم.
أظهر فريق قدوة، المكوّن بالكامل من شبان وشابات محليين متمكنين، أن فئة الشباب هي اليوم محرك التغيير الإجتماعي.
بهاء جانبين، هو احد الشباب المشاركين من جيل يزداد ثقافة في لبنان. اليوم، هو يتطلع الى الفرص، وبينها المسرح المجتمعي التفاعلي الذي تنظمه قدوة، على أنه وسيلة مثالية وأساسية لمشاركة الرسائل الإيجابية في المجتمع.

“لم يكن سهلا لعب هذه الشخصية, ليس سهلا تقمص حياة شخص آخر يعيش في مثل ظروف الشخصية التي لعبتها”
نصغي الى بهاء وهو يتذكر قائلا "لعبتُ دور صبي يبلغ من العمر عشر سنوات يحمل سكينا. صحيح أن شخصيتي الحقيقية مختلفة تماما عن الشخصية التي أؤديها، إلا أنني نجحت في التعرف على مكامن تلك الشخصية التي أراها أينما ذهبت وتوجهت. إنها شخصية واقعية يمكنني رؤيتها في الحياة اليومية".
يتابع بهاء "لم يكن سهلا لعب هذه الشخصية, ليس سهلا تقمص حياة شخص آخر يعيش في مثل ظروف الشخصية التي لعبتها. هي شخصية صعبة لكن أدائي شكّل تجربة ذات قيمة. تعلمتُ كيف تطرح مثل هذه المشاكل نفسها وأنها، بالنسبة الى البعض، موجودة يوميا".
من جهتها، لعبت أليكسا دباس دور والدة بهاء في المسرحية. تبلغ أليكسا عامها السادس عشر، وهي، في الحياة الواقعية، تمتلك الثقة ونصيرة صوت الشباب وداعمة لقيّم قدوة التي تتمحور حول رفاهية الأطفال والنساء وكرامتهم وحمايتهم من الممارسات السيئة التي تضرّ بهم. من أجل ترجمة ما تقتنع به، لعبت دور إمرأة أكبر سناً، قبلت السكوت عن الوضع الراهن للعنف في مجتمعها.
تقول أليكسا عن دورها "كان دورا قوياً فليس سهلا رؤية الأم تتغاضى عن سلوكيات زوجها وإبنها ، وهو ما يجعلها متواطئة في إستمرار عدم المساواة في المجتمع" أضافت "برأيي، نجحت بنسبة لم تتجاوز واحد في المئة في التعبير عن خوف المرأة وارتبإكها لكني إستطعت أن اجعل الجمهور يشعر ببعض ما كانت تشعر به".
تلقى الشباب المشاركون تدريبا على المسرح، تحت إشراف اليونيسف، واكتسبوا المعرفة والمهارات، ومكّن النص القوي شباب وشابات المدينة من أداء الأدوار الصعبة ولعب شخصيات تتجاوز تجارب حياتهم الشخصية.

بياتريس صفير، 20 عاما، فتاة أخرى من جيل اليوم تحرص على تمكين دور المرأة ورؤيتها تتحدى الأعراف والتعبير بحرية عن آرائها. لعبت بياتريس دور مريم، المرأة المتزوجة التي تتعرض لسوء المعاملة لكنها خائفة من إخبار والديها عما تعيشه أو حتى التحدث عن ذلك الى أصدقائها. ذكّرت بياتريس بالنساء اللواتي هنّ في دائرتها الإجتماعية ممن رفضنّ دعوتها الى منازلهن خوفا من إفتضاخ ما يتعرضنّ له من سوء المعاملة وتقول "إنهن يخشينّ أن أرى بالعين المجردة كيف يتم التعامل معهن في بيوتهن. إنهن يفضلنّ الإختبار خلف أبوابهن".
كانت إبنة مريم مصدر القوّة الوحيد في عائلتها. ففي حين، تبرر الأم سلوكيات زوجها المهينة دائما، تعلم الإبنة أنها سلوكيات غير مقبولة إجتماعيا، وتقول بياتريس "من خلال أدائي شخصية مريم الضعيفة، تمكنتُ من تسليط الضوء أمام الجمهور على أن عدم القيام بأي شيء، للحؤول دون ما تتعرض له النساء، لم يعد خيارا".
مهى أبو زيد، 22 عاما، إعتلت بدورها خشبة المسرح مؤدية شخصية تتعرض لسوء المعاملة وتلجأ الى والدتها طالبة المساعدة. وردّ الوالدة المهين كان وجوب إلتزام إبنتها الصمت خوفا من أن يلومها المجتمع. تقول مهى "الأجيال السابقة لم تقم بما يكفي لتوفير السلامة والمساواة بين الجنسين".
بعد إنتهاء العمل المسرحي، قالت مسؤولة تنمية الشباب والمراهقين في يونيسف لبنان حنين عوده "لهو أمرٌ رائع إشراك شباب وشابات لبنان وجعلهم جزءا من التغيير من خلال قدوة" أضافت: "يهدف العمل المسرحي الى إغناء حياة المراهقين من خلال مساعدتهم على إكتساب المهارات التي ستعزز فيهم حس الشعور بالآخرين وتحولهم، بشكلٍ إيجابي، الى صانعي التغيير ودعاة من أجل القضاء على العنف ضدّ الأطفال والنساء. وطالما أن الجمهور يشارك في لعب الأدوار المسرحية واجتراح الحلول للقضايا من وجهة نظر المجتمع بشكلٍ مبسط ومسلٍ، تصبح مبادرة قدوة منصة أساسية للدعوة المجتمعية حول هذه المواضيع".
"وهل هناك أفضل من المسرح ليساهم الشباب والشابات في التغيير المجتمعي داخل المجتمع؟". سؤالٌ إختتمت حنين به كلامها وأتبعته بإجابة "المسرح المجتمعي التفاعلي من الأدوات الأساسية لنشر الوعي الإجتماعي".