يشارك الشباب والشابات في لبنان في إنتاج الغذاء من خلال مشروع الدواجن المدعوم من اليونيسف
يتمتع كل من الشباب اللبناني والسوري، في مختلف أنحاء لبنان، بالمهارات الذاتية اللازمة التي تخولهم تربية الدواجن وإدارة إنتاجهم من البيض وبالتالي إعالة عائلاتهم، وذلك من خلال مشاركتهم في برنامج اليونيسف التدريبي ومدّهم بالدجاج

- متوفر بـ:
- English
- العربية
في سهل البقاع الزراعي الواسع، تعيش منال، البالغة من العمر 25 عاما، مع عائلتها في مساكن مؤقتة، أقيمت الى جانب البيوت الزراعية البلاستيكية الدفيئة في قرية سرعين. ومثلها مثل كثير من اللاجئين السوريين الذين فروا من أحداث سوريا الى لبنان، ويمنع عليهم بموجب القانون التملك، نراها تعتني بمحاصيل زراعية تملكها عائلات في البلدة مقابل سكن عائلتها في الأرض.
من أجل مساعدة منال- ومن هم مثل منال- قدّمت اليونيسف، بالشراكة مع AVSI، التدريب في مجال تربية الدواجن وإنتاج البيض، بالإضافة الى توفير مهارات العمل للشباب اللبنانيين والسوريين في مختلف أنحاء البلاد. والهدف الابعد من ذلك، السماح الى هؤلاء بتوليد الدخل وتعزيز مهاراتهم والأمن الغذائي وريادة الأعمال.
المهن التي يسمح الى اللاجئين السوريين في لبنان العمل فيها محدودة، والعمل الزراعي الذي يقوم به زوج منال يعود على العائلة بمدخول ضئيل جدا، لا يسمح له بتوفير ما تحتاج إليه أسرته، المكونة من خمسة افراد، من طعام.
"أكثر ما نحصده من الأرض هو البندورة. وإذا تمكّن زوجي من إيجاد عمل، فإننا نشتري بعض الطعام، وليس سرا على أحد الوضع الإقتصادي السيء هنا، لذلك إيجاد عمل يعتبر من سابع المستحيلات"- هذا ما قالته منال وهي تحتضن طفلتها.

تدهور وضع منال وعائلتها كثيرا مع تفاقم الأزمة الإقتصادية في لبنان وانخفاض الأجور وتراجع فرص العمل وارتفاع أسعار المواد الغذائية.
على أثر التدريب الذي شارك فيه 510 من الشباب اللبناني والسوري، تمّ توزيع 15 دجاجة بالإضافة الى العلف وكراتين البيض وغيرها من المواد الأخرى اللازمة مثل الأدوية ونشارة الخشب- لزوم مزارع الدجاج- الى 381 شخصا تتراوح أعمارهم بين 18 و25 عاما، تمكنوا من إنشاء مزارع الدواجن الخاصة بهم. كما تمّ تأمين العمل الى 30 شابا في 10 من مزارع الدواجن، وجرى تدريب 100 شاب وفتاة على جمع البيض وتوزيعه.
في المحصلة، يدعم برنامج اليونيسف لتنمية الشباب والمراهقين أكثر من 50,000 شاب وشابة تتراوح أعمارهم بين 14 و15 عاما، وقد زوّد اكثر من 10,800 من هؤلاء، بمجموعة من المهارات التي تعزز بناء القدرات بما فيها التوجيه المهني والمهارات الحياتية والتدريب ومحو الأمية والحساب.
كما إستفاد 4,221 شابا وشابة من خدمات دعم التوظيف لمدة ثلاثة أشهر على الأقل، وقد حصل 107 منهم على فرص عمل و/ أو فرص تحقيق الدخل.


منسّقة قطاع توفير سبل الحياة في AVSI مروى تقول "أثبتت تربية الدواجن أهميتها خلال هذه الأزمة التي نحن فيها، خصوصا أن البيض غني بالبروتيين ويمكن أن يُشكّل هذا النوع من المشاريع بداية سهلة الى كثيرين".
تدرك منال أنها قادرة اليوم على توفير الإستقرار المالي الى عائلتها، كما الى العائلتين الأخريين اللتين تعيشان مع أسرتها من إنتاج البيض أيضا.
"هو إحساس جميل جدا. أشعر أنني أصبحتُ قادرة على إعالة أسرتي وأطفالي وتوفير ما يكفيهم من قوت يومي يرتكز غالبا على تناول البيض" هذا ما قالته منال وتابعت "إذا تمكنتُ من الحصول على كميات إضافية من البيض فسأبدأ في بيع الإنتاج الإضافي. افكّر بذلك جديا".
جنى، إبنة منال الكبرى، التي تبلغ أعوامها الخمسة قريبا، تحب اللعب مع الدجاجات أيضا، تركض خلفها الى القنّ بلا خوف، تمسك بها، وتبحث بين نشارة الخشب عن بيض.
“الآن، لدينا الدجاج المنتج للبيض، الذي بات يُشكّل غذاء إضافيا لنا، ما يعني أنني سأتمكن من توفير ثمن شراء كرتونتي بيض شهريا”

في قرية النبي شيت القريبة، يعتني زكريا بدجاجه ودجاج قريبه في حظيرة كبيرة قريبة من منزل عائلة لبنانية تحوطها أشجار الجوز.
إضطرّ زكريا، البالغ من العمر 21 عاما، الذي يعيش في لبنان منذ اندلعت الحرب في سوريا، الى القيام بأعمالٍ يومية يطلبها الناس منه من أجل كسب المال وتأمين مستلزمات عائلته وتحديدا زوجته وطفله البالغ من العمر سبعة أشهر، لكن، على الرغم من كل جهوده اليومية، بالكاد يكسب دولارين يوميا.
"الآن، لدينا الدجاج المنتج للبيض، الذي بات يُشكّل غذاء إضافيا لنا، ما يعني أنني سأتمكن من توفير ثمن شراء كرتونتي بيض شهريا" هذا ما قاله زكريا.
في كل حال، هدف زكريا الأبعد هو بيع بعض إنتاج البيض لديه، من أجل كسب بعض المال لشراء علف الدجاج، وتأمين إستدامة دورة الإنتاج. ويقول زكريا بكثير من الكرم: "أولويتي حاليا هي إعالة أسرتي وأيّ بيض إضافي سأوزعه على الجيران".

نراه يمشي بتأنٍ داخل سياج شُيّد بدقة في فناء منزله. إنه مهدي، البالغ من العمر 18 عاما، الذي كان والده، على ما قال، يقيم حفلات زفاف في الحديقة غير أن الأزمة الإقتصادية أثّرت على عمله، ما اضطره الى ترك مدرسته.
إنضمّ مهدي الى برنامج التدريب مع اليونيسف وهو مدركٌ تماما أن عليه أن يعمل للمساعدة في إعالة والديه وشقيقيه الصغيرين.
قال مهدي وهو يفتح باب قنّ الدجاج، حيث كان يجلس الناس من قبل لتدخين النرجيلة "أدركت وجوب الإستفادة من هذه الأرض التي لدينا". وهذا ما كان.
تستفيد نحو 3000 عائلة من الأكثر ضعفاً في مختلف أنحاء لبنان من تربية الدجاج في مزارع يديرها الشباب، ويتم توزيع 50 في المئة من إنتاج البيض أسبوعيا.
مروى من AVSI تقول: "تنتظر الأسر أسبوعيا، بفارغ الصبر، توزيع البيض ما يثبت حجم الأزمة ومداها، وهم يعتمدون على تلك الخطوة في صمودهم".
من جهتها، تقول منال: "يسعدني جدا كوني قادرة حاليا على منح البيض الى جيراني وهذا ما يساعدهم على الحصول على الطعام. وأنا مدركة تماما مدى صعوبة تأمين ذلك في الوقت الحالي".

“يعجبني الجانب الإنساني من عملي ويسعدني جدا القيام بذلك”
علي، إبن بلدة النبي شيت، البالغ من العمر 22 عاما، هو أحد الشباب الذين يتقاضون رواتب مقابل جمع البيض من المزارع ومن ثم تسليمها الى العائلات في المنطقة. يقول: "كنت عاطلا عن العمل من قبل، ومن واجبي حاليا، في ظلِّ الأزمة الإقتصادية، مساعدة والديّ العاجزيّن عن العمل. أسعى جاهدا الى مساعدتهما".
باستخدامه المال الذي يجنيه من خلال برنامج اليونيسف النقد مقابل العمل، يستطيع علي حاليا شراء الطعام لعائلته.
ويقول مبتسما "يعجبني الجانب الإنساني من عملي ويسعدني جدا القيام بذلك. أشعر بفرحٍ كبير حين أرى الإبتسامة على وجوه الناس حين أوزع عليهم البيض".