يجب إتخاذ إجراءات عاجلة لمنعِ الفقر الغذائي لدى الأطفال من أن يرخي بظلالِهِ القاتمة على مستقبل الأطفال في لبنان

بقلم الدكتور فراس أبيض، وزير الصحّة العامّة اللبنانية وإدوارد بيغبيدير، ممثّل اليونيسف في لبنان

09 حزيران / يونيو 2023
UNICEF LOGO AR
UNICEF

مضت أكثر من أربعة أعوام على بداية الأزمة الاقتصادية الحادة التي ضربت لبنان، جاعلةً أكثرية الأسر في لبنان تكافح بكلِ قواها من أجل توفير سبل البقاء، مع ما يترتب على ذلك من آثارٍ كارثية على تغذية الأطفال وأنظمتهم الغذائية، والأضرار الناتجة عن ذلك في رفاههم ونموّهم وبقائهم على قيد الحياة.

التغذية السليمة بالغة الأهمية، خصوصاً في مرحلة الطفولة المبكرة، لأن ما يتناوله الأطفال من غذاء يحدد امكانية بقائهم أحياء، ويُشكّل نموّهم وقدرتهم على التعلّم والتطور لبقية حياتهم. ومما لا شك فيه أن الأطفال الذين تتوافر لهم التغذية الجيدة هم أكثر مرونة وقدرة على النمو والتعلّم واللعب والمشاركة بفعالية في مجتمعاتهم. ويحتاج الأطفال، لتغذية أدمغتهم وضمان نموهم بشكلٍ صحيح، الى تناول كميات كافية ومتنوعة من الغذاء، وتتضمن المجموعات الغذائية الثمانية التالية: حليب الأم والخضار والفاكهة والحبوب والبيض واللحوم والبقول ومنتجات الألبان، وذلك بحسب مقياس درجة التنوع الغذائي للأطفال في مرحلة الطفولة المبكرة الذي تعتمده منظمتي اليونيسف والصحة العالمية. ويحتاج الأطفال الى تناول وجبات تحتوي على خمس مجموعات من الأطعمة على الأقل، من أصل المجموعات الغذائية الثماني الموصى بها، لتلبية الحدّ الأدنى من التنوع الغذائي.

على الصعيد العالمي، يعاني 90 في المائة من الأطفال الذين يعيشون في فقرغذائي مدقع من الهزال الشديد والتقزّم، واللذين يعدان من أخطر نتائج نقص التغذية التي تهدد الحياة في مرحلة الطفولة المبكرة. وتجدر الإشارة أيضاً إلى أن الفقر الغذائي يزيد من نسب خطر وفيات الأطفال نحو 12 مرّة، ويُضعف قدرتهم على التطور وتحقيق كامل إمكاناتهم.

 

وفي لبنان، يفتقر آلاف الأطفال، ومن بينهم اللاجئون السوريون والفلسطينيون، الى أنظمة غذائية صحية وبدرجة كافية، وخصوصاً أولئك الأصغر سناً، والفتيات، والذين ينتمون الى الفئات المهمشة والأكثر فقراً. وبحسب نتائج مسح أجري حول "التغذية في لبنان" بين العامين 2021- 2022، تبين أن 3 من كل 4 أطفال، دون سنّ الخامسة، يعانون من الفقر الغذائي، ما يعني أن وجباتهم الغذائية غير صحية، إذ تضمنت نصف المجموعات الغذائية الموصى بها. والأمر المثير للقلق، أن واحداً من كل أربعة أطفال في لبنان، دون سنّ الخامسة، يعيش حالياً حالة فقر غذائي مدقع. هذا يعني، أن 85 ألف طفل، لبنانيين وغير لبنانيين مقيمين على الأراضي اللبنانية، يتناولون وجبات غذائية تفتقر للحد الأدنى من التنوع الغذائي، فهي بالكاد تشتمل على مجموعتين غذائيتين، فمثلاً قد تقتصر الوجبة الوحيدة المتاحة للطفل على بضعة ملاعق من حساء النشاء (أو ما يعرف بالمهلبيه)، وكوب صغير من الحليب، مما يجعلهم عرضة بشكل كبير للتقزم والهزال الشديد الذين يشكلان خطراً على حياتهم.  

ويعدّ الفقر السبب الرئيسي لنقص التغذية لدى الأطفال في لبنان، ومنهم أطفال اللاجئين السوريين والفلسطينيين، إضافة الى الهشاشة الاقتصادية، ونقص المعرفة والوعي حول ممارسات التغذية الصحيّة والسليمة. وما يزيد الأمر سوءاً هو نظام الحماية الإجتماعيّة في لبنان الذي يجب أن يكون أكثر استجابة لإحتياجات الأطفال، لا سيما في ما يتعلق بالتغذية.

هكذا، يبدو جلياً أن هناك حاجة ماسة وملحّة الى إتخاذ إجراءات جريئة ومنسّقة لإنهاء الفقر الغذائي الفادح في لبنان، مع التركيز على تحسين النظم الغذائية، وممارسات التغذية، والخدمات المقدمة لجميع الأطفال والنساء، وتوسيع شبكة الحماية الاجتماعية واستدامتها.

وبما أن أُسر اللبنانيين واللاجئين السوريين والفلسطينيين، غير قادرة، وحدها، على تأمين الأطعمة المغذية لأطفالها، من أجل نموهم وإبعاد شبح الموت، فهي بحاجة الى خدمات يَسهُل الوصول إليها، والى أطعمة مغذية وغيرمكلفة، الى جانب التأكد من حصول أطفالها على الرعاية والاستجابة اللازمة.

وإستجابة لهذه المشكلة الصحية الملحة، وضعت وزارة الصحة العامة، بالشراكة مع اليونيسف وقطاع التغذية في لبنان، استراتيجية واضحة حول كيفية معالجة الأعباء العديدة المترتّبة على سوء التغذية في لبنان، وتعمل في الوقت عينه على تنفيذ تلك الاستراتيجية المرتكزة على خمسة محاور:

أولاً، تعزيز حوكمة التغذية متعددة القطاعات.

ثانياً، استخدام النظم الصحية التي توفر تغطية شاملة لخدمات التغذية الأساسية.

ثالثًا، وضع أنظمة غذائية مرنة ومستدامة، تُحفز إنتاج وتوزيع وبيع الأطعمة المغذية للأطفال.

رابعاً، التوعية على أهمية إنشاء بيئة آمنة وداعمة للتغذية الصحّية للأطفال من الأعمار كافة.

خامساً، جعل أنظمة الحماية الاجتماعية أكثر مراعاةً لمكامن الضعف التغذوي.

غير أنّ النجاح في تنفيذ هذه الاستراتيجية يتطلّب التزامًا قويًا وإستثماراً من جميع أصحاب الشأن في القطاعات المختلفة.

ويعَدّ الإستثمار في تصحيح سوء التغذية لدى الأطفال، وسيلة فعالة للوقاية من نتائج الفقر، ويؤمن لهم فرص عيش حياة أكثر صحة وإنتاجية. فكل دولار يستثمر في الوقاية من سوء التغذية، يُغني عن إنفاق ما لا يقل عن ثمانية دولارات على العلاج في ما بعد.

بإختصار، هو إستثمار ذكي في التنمية الإجتماعية والإقتصادية في لبنان.

بيانات الاتصال بالفريق الإعلامي

كريستوف بوليراك
منظمة الأمم المتحدة للطفولة لبنان
بلانش باز
منظمة الأمم المتحدة للطفولة لبنان

حول اليونيسف

تعمل اليونيسف على تعزيز حقوق ورفاه كل طفل، في كل ما نقوم به. نعمل جنباً إلى جنب مع شركائنا في 190 بلداً وإقليماً لترجمة هذا الالتزام إلى إجراءات عملية، مع تركيز جهودنا بشكل خاص للوصول إلى الأطفال الأكثر ضعفاً واستبعادا، لصالح جميع الأطفال في كل مكان.

لمزيد من المعلومات حول اليونيسف وعملها للأطفال، الرجاء زيارة الموقع الالكتروني: https://www.unicef.org/lebanon/ar

تابعوا اليونيسف في لبنان على  Facebook، Twitter، Instagram، LinkedIn ، YouTube و TikTok.