لا يمكن تبرير عمل الأطفال أبدا
أرخت الأزمات المعقدة، المتفاقمة، التي مرّ بها لبنان خلال الأعوام الماضي، بثقلها مباشرة على الأطفال. وقد أجبر كثير منهم على ترك مدارسهم من أجل العمل وإعالة عائلاتهم. قصّة الطفل عبد الكريم واحدة من قصص الأمل وسط الظلام
- متوفر بـ:
- English
- العربية
"أشعر بسعادة كبيرة كلما فكرت بإمكانية عودتي الى المدرسة من جديد".
بهذه العبارة، المترافقة مع إبتسامته الجميلة، إستقبلنا عبد الكريم خلال زيارتنا الى برجا واللقاء به، برفقة شريك اليونيسف "أرض الإنسان- إيطاليا".
هي قصة لاجئ سوري، له من العمر 11 عاما، أجبر على التوجه الى العمل من أجل إعالة عائلته. يعمل عبد الكريم في البحث بين القمامة عن أي مواد قابلة لإعادة الإستخدام أو التدوير من أجل بيعها. هذا ليس كل شيء، فهو عمل في مصنع لإنتاج الأكياس في ضواحي بلدة برجا ويقول "إعتدتُ على جني 100,000 ليرة لبنانية أسبوعيا، وأحتاج أحيانا الى نحو شهر كامل لجمع هذا المبلغ، الذي أعطيه الى والدي لشراء الطعام والمستلزمات الأخرى".
عبد الكريم تحمّل باكرا جدا كثير من المسؤوليات.
هو إضطرّ الى تحمل مسؤولية من يكبرونه سنا وهو لا يزال طفلا. إضطرّ عبد الكريم الى إعالة أسرته خلال الأزمة الإقتصادية السائدة في البلاد. والده كان يعتقد أن عمل طفله المبكر سيساعد في صقل مهاراته وشخصيته.
يقول عبد كريم "كان والدي يعرب عن غضبه في كلِ مرة أطالب فيها بالعودة الى المدرسة".
بارقة أمل
اليوم، تبدل عبد الكريم كثيرا والإبتسامة عادت الى ثغره، ويقول "بكيتُ من الفرح لحظة عدتُ الى المدرسة".
والدته هي الداعمة الأولى له، ولها الفضل الكبير في انتشاله من حزنه. هي طلبت الدعم من مركز أرض الإنسان- إيطاليا، الذي عمل مع والد عبد الكريم، بشكل وثيق، وأشركه في جلسات مقدمي الرعاية لإقناعه بقيمة التعليم وحثّ طفله على العودة الى المدرسه وتسجيله فيها.
يُشكّل عمل الأطفال مخاطر شديدة على رفاهيتهم وصحتهم ونموهم. كما في كثير من المواقف، قد يشارك الأطفال في أنشطة خطرة تؤثر سلبا، في كثير من الأحيان، على نموهم البدني والعقلي والإجتماعي والتعليمي. ويقول عبد الكريم "لم أرغب في العمل. بكيتُ كثيرا. ووقعتُ في إحدى المرات على رأسي، ما تسبب بدخول قطعة حديدية فيه".
"كم انا سعيد للمساعدة التي قدمتموها لي للعودة الى المدرسة"
يحتاج الأطفال، بعمر عبد الكريم وظروفه، الى دعم شامل لا يستهدف الطفل وحسب، بل عائلته ومجتمعه الأوسع أيضا. تعمل يونيسف، من خلال شركائها، على الوصول الى المجتمعات المحلية من خلال جلسات تغيير السلوك الإجتماعي مثل المسرح وجلسات التوعية التي من شأنها، من خلال تبادل الحديث، رفع الوعي حول مخاطر عمل الأطفال والتأكيد على أهمية التعليم. وهذا النوع من الجلسات هو الذي مهّد الى عودة عبد الكريم الى المدرسة ويقول "كم انا سعيد للمساعدة التي قدمتموها لي للعودة الى المدرسة. صدقوني، مهما شكركتكم تبقى سعادتي أكبر وشكري غير كاف".
دفع الأطفال الى العمل قد يتسبب لهم بالأذى الجسدي والنفسي ويجعلهم يخسرون لاحقا كثير من الفرص على المدى الطويل.
من خلال دعم الإتحاد الأوروبي، تعمل اليونيسف على منع عمل الأطفال والإستجابة لهذه الظاهرة من خلال إدارة الحالات وخدمات الحماية الإجتماعية. يقدم البرنامج أيضا دروسا إنتقالية للأطفال الذين فاتهم التعليم لدعم عودتهم الى المدرسة.
اليوم، عاد عبد الكريم الى المدرسة. هو سعيد جدا أن ينضم مجددا الى أصدقائه ويحلمون معا بمستقبل مشرق ويقول "أريد أن أصبح طبيب قلب. أريد أن أساعد، حين أكبر، الفقراء في الحصول على الأدوية التي لا يستطيعون تحمل كلفتها. أريد أن أساهم بدوري في جعل هؤلاء سعداء".

تمّ إصدار هذه القصّة بدعمٍ من الإتحاد الاوروبي.
إن محتوى هذه القصّة يعبّر حصراً عن رأي اليونيسف وهو لا يعكس بالضرورة وجهة نظر الاتحاد الأوروبي.