ضمان حقّ "مرح" في التعليم
مرح، أكثر حظا من فتياتٍ أخرياتٍ كثيرات، فهي تكبر في عائلة منفتحة ووجدت دعما من يونيسف، وتكفلت كاريتاس لبنان بتسجيلها في مدرسة عامة محلية... في الوقت الحالي، على الأقل...

- English
- العربية
مرح (13 عاما)، فتاة سورية نضجُها أكبر من عمرها. نزحت من سوريا الى لبنان وتعيشُ برفقة والدتها في مخيمٍ غير رسميّ خارج المدينة الصناعية وهي تناقش أهمية التعليم المستمر للفتيات أمثالها، على الرغم من المعاناة التي قد يختبرنها في الوصول الى ذلك.
مرح، أكثر حظا من فتياتٍ أخرياتٍ كثيرات، فهي تكبر في عائلة منفتحة ووجدت دعما من يونيسف، وتكفلت كاريتاس لبنان بتسجيلها في مدرسة عامة محلية... في الوقت الحالي، على الأقل...
تقول مرح "تحتاج كل فتاة الى أن تفهم أهمية تلقي التعليم. عندما بدأتُ الذهاب الى المدرسة، تغيّرت حياتي".
لولا الشراكة المستمرة بين يونيسف وكاريتاس وتمويل المانحين الدوليين لكان ضمان إستمرار وصول مرح الى التعليم موضع شكّ. كاريتاس لبنان تعمل من أجل تذليل الحواجز التي تمنع الأطفال من الإلتحاق بالمدارس العامة، وهي تساعد على تعزيز عدد المسجلين من خلال ضمان حصول مقدمي الرعاية على المعلومات والدعم اللازميّن لاتخاذ الخطوات الحيوية لإتمام عمليات التسجيل- هدفهم هو جعل التعليم في متناول كُلّ طفل.

ليست خطوات سهلة دائما، حتى فودا، والدة مرح، تقرّ بوجود بعض الممانعة من داخل الأسرة. وتقول: "في البداية، اعتبر والد مرح أنه يفترض بها، كفتاة بلغت الثالثة عشرة من العمر، إلتزام البيت. لم تعجبني هذه الفكرة على الإطلاق وأخبرته أننا سنؤثر سلبا على مستقبل مرح إذا منعناها من الذهاب الى المدرسة، وضروريٌ جدا أن تتعلم. كانت ترى يوميا صديقاتها يذهبنّ الى المدرسة بينما تبقى هي في البيت. كانت تشعر باليأس وتتمنى أن تكون معهنّ تتعلّم في المدرسة.
من خلالِ دعمِ يونيسف أنشأت كاريتاس لبنان شبكة من العاملين في مجالِ التوعية، يتمتع أفرادها بالمهارة والحماسة للوصول الى الفتيات المستضعفات المعرضات الى خطر الإنقطاع عن التعليم. نجحت هذع الشبكة، بإصرارٍ وصبر، في جعلِ والد مرح يعيد النظر بقرارِهِ. مرح عادت تتعلم.
"تحتاج كل فتاة الى فهم أهمية تلقي التعليم" تضيف مرح "عندما بدأت الذهاب الى المدرسة تغيرت حياتي"

بصرفِ النظر عن تعدد الآراء داخل العائلة الواحدة، برزت إعتبارات عملية إجرائية أساسية أيضا. في هذا الإطار، لعبت كاريتاس دورا مساعدا حيويا من خلال شبكة ثانية عززت فيها الإتصال مع مختلف الجهات المعنية والمراجع العامة والخاصة وقادة المجتمع. فريق كاريتاس لبنان قادر على تذليل كثير من العراقيل والمطبات التي تعيق طريق عودة الطفل الى التعليم. تتابع فودا: وضعنا غير سهل، وإرسال أطفالنا جميعا، مرح وأخوتها الستة الى المدرسة، يُكبدنا عبئا ماليا نعجز عن تسديده. زارتنا كاريتاس وأخبرتنا أنها ستساعدنا في تسجيلِ مرح. أوضحوا لنا أن التعليم مجاني.
"أريد أن أكون معلمة ذات يوم. بعد ذلك، سأكون قادرة على تعليم الأطفال المسربين. أريد مساعدتهم على أن يتلقوا التعليم مثلي"
"بعد إقتناع زوجي، إلتحقت مرح بالمدرسة. وتوافر مجانيّة تعليمها (حاليا) ساعدنا كثيرا. أصبحت أنام مطمئنة أن أطفالي يتعلمون".
حماسة الطفل الطبيعية للتعلّم قوية ولا تضاهيها الى مرح حماسة. تقول: "في سوريا، كنتُ قد أنهيتُ الصفوف الأولى ثم جئتُ الى لبنان حيث لم التحقّ في البداية بالمدرسة. أجبرت على الإبتعادِ عنها مدة عام كامل. أحب الدراسة. شعرتُ بضيقٍ شديد. وأدركتُ في هذه الفترة أنني لستُ قادرة على التخلي عن دراستي. تمكنت، بمساعدةِ كاريتاس، من الإنضمام الى مدرسة جديدة. وها أنا سعيدة من جديد".

إقتناع ُ مرح بأهمية التعليم عميق. وتقول "أريد أن أصبح ذات يوم معلمة. وبعد ذلك، سأكون قادرة على تعليم الأطفال غير القادرين على التعلم. أريد أن أساعدهم على أن يتعلموا مثلي".
قصصٌ كثيرة مألوفة مثل قصة مرح. أوجدت التقاليد المتعارف عليها مجتمعا يعتبر أن إخراج الفتاة من المدرسة في سنٍّ معيّن هو أمر عاديّ. وحين نرى مرح وهي تلعب مع زميلاتها في المدرسة لا يعود ممكنا الإستخفاف بأهمية التغيير الإجتماعي الذي تعمل كُلّ من يونيسف وكاريتاس لبنان على تحقيقه. هناك، في المخيمات غير الرسمية في لبنان، دلائل كافية على أنه يُمكن التغلب على التمييز في التعليم على أساس الجنس من خلال الإلتزام والصبر والنزاهة وحماسة الصغار.
مرح هي واحدة من أطفالٍ كثيرين مسجلين في المدارس اليوم بفضلِ التمويل المقدم من الإتحاد الأوروبي وألمانيا وكندا وأستراليا والوكالة الأميركية للتنمية الدولية ووزاة التنمية الدولية البريطانية.