تمكين كل من الآباء ومقدمي الرعاية لدعمِ مجتمعاتهم

 مع دنو إكتمال الفترة التدريبية التي شاركت فيها عشرون أماً، من المجتمع المحلي- ومدتها ثلاثة أشهر- ها هن الأمهات يتحضرنّ من خلال "قدوة"، ضمن إستراتيجية اليونيسف، ليُصبحنّ مناصرات للأطفال. إنها إستراتيجية رائدة، تهدف الى معالجة الأعراف والسلوكيات الإجتماعية التي تؤدي الى ممارسات ضارة، تؤذي الأطفال والنساء.

بالشراكة مع الإتحاد الأوروبي، تسعى "قدوة" الى معالجة المشاكل المتأتية من التوقعات الإجتماعية التي تضغط على مقدمي الرعاية لتبني الممارسات المؤذية ضدّ الأطفال.

نجوى واحدة من النساء اللواتي شاركن في الفترة التدريبية، وهي أم لأربعة أطفال تعيش في عرسال، تقول "بفضلِ ما تعلمتهُ أخيرا أصبحتُ نموذجا في مجتمعي". تبدو نجوى متحمسة للمشاركة في تلك المبادرة ومساعدة العائلات في المدينة.

"لديّ الثقة والإيمان بضرورة شرح ذلك للأهالي وتشجيعهم على دعم أطفالهم"

شعورا منها بالتمكين من خلال مجموعة أدوات مقدمي الرعاية- التي جرى تطويرها ضمن نطاق إستراتيجية "قدوة" لتعزيز ممارسات الوالدية الإيجابية وإلهام مقدمي الرعاية لقيادة التغيير للأطفال في بيئاتهم- تعكس نجوى التحوّل الإيجابي الذي حدث فيها من خلال قولها "لديّ الثقة والإيمان بضرورة شرح ذلك للأهالي وتشجيعهم على دعم أطفالهم".

بالشراكة مع الإتحاد الأوروبي، ومن خلال مجموعة الأدوات، تعمل اليونيسف على إشراك مقدمي الرعاية في جلسات الوالدية التي تركز على حماية الطفل، من خلال الإستفادة من المصلحة الجماعية المشتركة، من أجل الحدّ من العنف في المجتمع والتركيز على الآثار الضارة لزواج الأطفال وعمل الأطفال والعنف القائم تجاه الفتيات والفتيان والنساء. يتعلم مقدمو الرعاية كيفية إدراك التعقيدات التي ترافق كل من إحتياجات الأطفال ومهاراتهم ومشاعرهم ونقاط ضعفهم منذ الولادة حتى سنّ البلوغ. يدعم الإحساس المتزايد بالمسؤولية المشتركة مستوى جديد من التوقعات الإجتماعية، في ما يتعلق بالسلوكيات التي تشكل مدار برنامج قدوة، ويساعد ذلك أيضا في تقليل الخوف من العقوبات الإجتماعية التي قد تلاحق من يقومون بممارسات ضارة بعد أن يدركوا فداحة ما فعلوه سابقا ويعودون عن خطئهم.

"قدوة"، هي من الناس، للناس، وملك الناس، والهدف منها تمكين كل من الرجال والنساء والمراهقين وقادة المجتمع، الذين شهدوا تحولا إيجابيا وابتعاداًعن الممارسات والأعراف المؤذية، لقيادة التغيير المستدام في مجتمعاتهم.

العنف شائع جدا في المجتمع، ويؤدي غالبا الى العقاب. في هذا الإطار، تشرح نور كيف إنخرط إبن واحدة من صديقاتها، المقربات جدا منها، في شجار حصل في الحيّ الذي يسكنون فيه. ضُرب الفتى بشدة ما استدعى نقله الى المستشفى وتقول نور: "في النهاية، لا أحد يربح من الشجار. فنحن، حين غادرنا المستشفى، اقنعت الفتى بأهمية الذهاب الى منزل من هاجمه. جلسنا كلنا معا، وتحدثنا بوضوح عن كل القضايا التي دفعت الى الشجار والهجوم، وقمنا بتسوية الوضع بينهما.  

من جهتها، تتذكر هلا التغيير الإيجابي الذي أحدثته قدوة فيها. وهي تتطلع قدما من أجل أن تساهم بدورها في إحداث التغيير في نفوس الأطفال في مجتمعها.

تقول هلا وهي تضحك: "قبل مشاركتي في هذه الجلسات كنتُ أشعر بالخجل الشديد. لم أكن أحلم أن أساهم في تقديم أي نصيحة أو مشورة الى إنسان لتغيير حياته. لكن، ها أنا الآن أمامك. أنظر إليّ. لقد تغيرتُ كثيرا".

على مدى الأشهر الثلاثة الماضية، شاركت هلا- ومقدمو رعاية آخرون- في إكتساب الأدوات والمهارات الجديدة، وها قد أصبحت جاهزة الآن لنقل المعرفة التي اكتسبتها الى مجتمعها، والمساهمة في إلهام الآخرين، من مقدمي الرعاية، لتبني ممارسات أفضل لصالح الأطفال في مجتمعاتهم.

"أصبح صندوق إكتساب الأدوات والمهارات الجديدة toolbox بمثابة إناء مليء بالإكتشافات بالنسبة إلينا" هذا ما علّقت به هويدا، التي شاركت هي أيضا بصفتها مقدمة رعاية، في الجلسات وأضافت "كنا، في الأسابيع الأولى من مشاركتنا، نكتشف شيئا جديدا في كل مرة نفتح فيه الصندوق".

تدريجيا، أصبحت العناصر مألوفة بالنسبة الى مقدمي الرعاية الذين باتوا يعون تماما، بعد كل الدروس التي اكتسبوها، الطريقة التي يفترض أن تجري فيها الأمور. وبذلك، ستكون المجموعة مجهزة تماما، قريبا جدا، لتقديم الدعم- ورسائل قدوة الأساسية- داخل المجتمع. 

"إنه لأمر رائع حقا أن أكون جزءا من التغيير" هذا ما قالته نور وختمت بسؤال: "أليس من الأفضل رؤية تطور التغيير المجتمعي يحدث من داخل المجتمع نفسه؟".