
تعمل اليونيسف على إنشاء البنية التحتية للصرف الصحي، من أجل تغيير واقع حياة الأطفال وأسرهم
أثّر سوء البنية التحتية للمياه والصرف الصحي في منطقة الغبيري في بيروت بشكلٍ كبير على المواطنين، وتسبب بفيضانات، وأدى الى إغلاق الطرق خلال فصل الشتاء. تعمل اليونيسف من أجل تمكين الأسر والأطفال للوصول الى الصرف الصحي الآمن.
- متوفر بـ:
- English
- العربية
في ظلِّ وجود بنية تحتية غير متلائمة تفتقر الى الصيانة الدورية اللازمة، تتسبب الأمطار التي تتساقط غزيرة في البلاد بفيضانات تطال المنازل والمحلات وتؤدي الى إغلاق الطرق. هذا المشهد أصبح مألوفا في الآونة الأخيرة في بيروت وضواحيها في فصل الشتاء. ومن شأن ذلك تهديد سلامة الأسر وأطفالها.
يسكن مهدي منذ أكثر من ثلاثين عاما في منطقة الرحاب، التابعة إداريا لبلدية الغبيري. وهو أراد أن يشاركنا في الإضاءة على معاناة مواطني المنطقة على مرّ الأعوام. يقول مهدي "خلال فصل الشتاء تجتاح السيول شوارعنا ولا نعود قادرين على فتح متاجرنا". في إختصار، تتحوّل الشوارع في المنطقة الى أنهار وتُشلّ الحركة ويُستعصى المرور ويتعطل مسار الإقتصاد والأعمال. يحصل ذلك، في ظلّ الحالة الإقتصادية المزرية التي يعيشها السكان اليوم، ما يفاقم معاناتهم ويعيق أكثر فأكثر مصدر رزقهم. وهو أمرٌ ما عادوا قادرين على التسامح معه.
على أثر مناقشات حثيثة ومشاورات مع إتحاد بلديات الضاحية، عملت اليونيسف، بتمويلٍ من حكومة ألمانيا من خلال بنك التنمية الالماني KfW، على بناء شبكة لتصريف مياه الأمطار في منطقة الغبيري لفصل المتساقطات عن مياه الصرف الصحي والقضاء على وتيرة الفيضانات السنوية خلال فصل الشتاء.



يهدف المشروع الى فصل مياه الأمطار عن مياه الصرف الصحي، عبر إنشاء شبكة مستقلة لتصريف مياه الأمطار، وربط الشبكة المنشأة حديثا بشبكة مياه الأمطار الحالية. سيستفيد أكثر من 80 ألف مواطن، يسكنون في المنطقة، من تنفيذ المشروع.
أمينة، وهي مواطنة تسكن في منطقة الرحاب، تقول "مرّ الشتاء علينا هذه السنة بكرامة، على عكس الأعوام الماضية التي كان يعدّ كل شتاء فيها بمثابة كارثة تحلّ علينا. كانت مياه الصرف الصحي تصل الى منازلنا بروائحها الفظيعة المنبعثة التي تخترق الروايا وتعبث بصحتنا. اليوم، بفضل اليونيسف، أصبحتُ أشعر في منزلي بأمان". هذا ليس كل شيء، فالناس كان يفترض بهم أن يبقوا حذرين خشية أن يتعرضوا الى صعقة كهربائية بسبب مرورهم الى جانب الأعمدة الكهربائية المشبّعة بمياه الفيضانات.
يشمل المشروع إنشاء خطوط رئيسية وشبكة تصريف مياه الأمطار التي ستمتد من منطقة الرحاب الى تقاطع شارع صبرا، وربطها بقنوات لتفريغ المياه تحت الأرض، موصولة بالتمديدات بالقرب من طريق مطار بيروت القديم. في هذا الإطار قال حسين، وهو مواطن فقد سيارته في أحد الفيضانات السابقة "لاحظنا جميعا الفرق، بمجرد فصل مياه الأمطار عن شبكة الصرف الصحي، وعادت الحياة الى طبيعتها".


لم يقتصر المشروع على معالجة الفيضانات التي كانت تتسبب فيما مضى بأضرارٍ عديدة في المنطقة، بل تجاوز ذلك الى توفير فرص عمل الى أكثر من 189 شابا وشابة، تمكنوا من الحصول على الدخل من خلال برنامج توفير فرص العمل التابع لليونيسف. ميرنا، وهي واحدة من الشابات اللواتي وجدنّ فرصة عمل، تتحدث عن عدد الأسر التي اعتمدت على الدخل الذي وفّره العمل في هذا المشروع من أجل شراء الحاجيات وتقول "بسبب الأزمة الإقتصادية التي تضرب البلاد، أصبح صعبا جدا عليّ الإعتماد على والدي لسداد رسوم جامعتي وتوفير حاجياتي اليومية خصوصا تلك التي أعوزها كأنثى" أضافت "كان هذا المشروع أشبه بحبل خلاص لي".
تشارك الشباب والشابات معا، على اختلاف جنسياتهم وخبراتهم وخلفياتهم، لتنفيذ المشروع، ما أوجد تماسكا وروحا تعاونية من خلال العمل الجماعي. وقد إكتسب هؤلاء مهارات جديدة تتعلق بمجالهم الدراسي وتعلموا كيفية التعاون والتواصل المجتمعي. علاء، أحد الشبان المشاركين في المشروع، قال "أن أكون طالبا لهو أمرٌ غاية في الأهمية، لكن، يبقى الأهم، أن أتمكن من جعل النظريات التي تعلمتها موضع التنفيذ. وهذا ما حققته".
طالما أثّرت الفيضانات بشدة على المنطقة طوال عقود، ما تسبب في مشاكل صحية وبيئية بالإضافة الى أضرار طالت ممتلكات السكان وسياراتهم. بعد تنفيذ المشروع، تمكن الشباب والشابات من مشاهدة نظرات الشكر والإمتنان في عيون الناس. إنّ بناء بنية تحتية آمنة ومستدامة هو حاجة ماسة وأمر أساسي لا بُدّ منه.