
تؤكد اليونيسف أن أزمة ندرة المياه لم تعد تُشكل عقبة أمام سكان سعدنايل
في ظلّ الأزمة الإقتصادية المتمادية في البلاد، يواجه اللبنانيون أزمة ندرة توافر المياه في العديد من المناطق اللبنانية. تعمل اليونيسف على ضمان حصول المواطنين على المياه النظيفة، وهذا حقّ أساسي من حقوق الإنسان
- متوفر بـ:
- English
- العربية
ثمة مقولة قديمة مضمونها أن "المياه هي الحياة". في المقابل، طوال عقود مضت سبقت إندلاع الأزمات المتتالية في البلاد، كانت ندرة المياه في لبنان حقيقة مرّة. ومع بداية الأزمة التي تطوّرت الى أزمات، واجهت مناطق عديدة نقصا حادا في المياه الصالحة للشرب- ووصلت في بعضها الى حدّ إنقطاعها بشكلٍ كامل، ما أثّر غالبا على الأطفال والأسر الضعيفة. سعدنايل، البلدة الواقعة في سهل البقاع في قضاء زحلة في لبنان، هي واحدة من البلدات اللبنانية التي عانت الأمرين جراء ذلك.
في حال قمتم بجولة في أحياء سعدنايل، ستسمعون من سكانها معاناتهم مع نقص المياه وتأثير ذلك على حياتهم اليومية. في هذا الإطار قالت نور، وهي مواطنة تسكن في سعدنايل "حين إنقطعت المياه عنا شعرنا بانقطاع الحياة. شعرنا بأنفسنا نعيش على هامش الحياة" أضافت "لم نعد نتمكن من طهي الطعام والتنظيف ولا غسل الملابس أو حتى الإستحمام". إزاء الحاجة الدؤوبة الى المياه المقطوعة لجأ السكان الى بدائل بينها مصادر المياه غير الرسمية عبر شراء مياه الصهاريج مع ما يترتب جراء ذلك من تكلفة عالية تكبدوها.
بتمويل من الحكومة الألمانية، من خلال بنك التنمية الألماني KfW، قامت اليونيسف في سعدنايل ببناء خزان دائري جديد، سعته 1000 متر مكعب، يستفيد منه أكثر من 40,000 مواطن. تأثير بناء الخزان كان كبيرا وعزّز قدرة البلدة على تخزين مياه الشرب. وبعد تنفيذ المشروع، أصبحت مؤسسة مياه البقاع قادرة على تخزين ما يكفي من المياه من المزود الإقليمي ومن النبع المحلي في البلدة وتوزيعها على المشتركين. في هذا الإطار قالت نور، وهي مواطنة من سعدنايل "أن المياه عادت الى طبيعتها ولم يعد هناك داع لإنفاق مزيد من الأموال الباهظة لشراء المياه".



تطلّب تنفيذ بناء الخزان الجديد مشاركة أيدي عاملة، قوامها 32 شابا وشابة، ساعدوا وتساعدوا في تعلّم مهارات جديدة جعلتهم يعززون إبتكاراتهم ويطورون أعمالهم. الشاب بشار، البالغ من العمر 23 عاما، عمل في المشروع واستفاد من الدخل الذي كسبه في إعالة أسرته وتأمين إحتياجاته الشخصية الأساسية. من جهتها، شعرت عبير، التي شاركت في المشروع، بكثير من الإرتياح وبالمساواة بين الجنسين خلال تنفيذ هذا المشروع وتقول: "كفتيات، تعلمنا طلاء الحديد وكيفية صبّ الأرضيات الخرسانية وحتى قيادة جرافات Bobcat.
في وقتٍ تبدو فيها المرأة في مناطق كثيرة أقل قيمة وحضورا من الرجل، وفي حين تُنتهك حقوق المرأة في أجزاءٍ كثيرة من العالم، يبرز تمكين المرأة في مشروع سعدنايل، كأحد الإستراتيجيات الرئيسيّة في اتجاه دفع المرأة في رِكاب التنمية. تقول لمى، وهي إحدى العاملات الشابات "كنت متحمسة جدا للمشاركة في هذا المشروع الذي يتطلب بعض المهارات التي لم تكن تتوافر لي في السابق" أضافت "عزّز الدعم الذي تلقيناه كنساء الثقة لدينا بأن المجتمعات اليوم باتت أكثر تكيفاً واستيعابا لضرورة تطبيق المساواة بين الرجال والنساء".


الى كل ذلك، دعم المشروع تعزيز التنوّع والشمولية في مكان العمل. مازن، هو شاب من سعدنايل عاطل عن العمل، أو بالأصح كان عاطلا هن العمل، قبل أن يتمّ قبوله كحارس مستودع. يقول مازن "إكتسبتُ تجربة رائعة وأشعر أن فرصا جديدة ستكون متاحة أمامي من الآن وصاعدا كنت أعتقد أنها شبه مستحيلة". يعدّ التنوّع والتضمين من المسائل الأساسيّة ليشعر الناس بالتقدير والترحيب والإحترام والشمول.
مازن بدا متحمسا للغاية لتقديم أفضل ما لديه ويقول "السلوك الذي اعتمد معي بدا مختلفا. شعرتُ بكثير من الترحيب، وبأن مهاراتي مطلوبة، مثلي مثل أي عامل آخر في المشروع".
من جهتها، أثبتت روى أن وجودها على كرسي متحرك لن يحدّ من نشاطها، كما لن يمنعها من أن تكون شخصا فعالاً في المجتمع، ويجب أن لا تتعرض الى أي نوع من التمييز. وهذا ما ترجمته في هذا المشروع من خلال الإنتاجية الكبيرة التي أعطتها، وعبر القرارات التي اتخذتها، وقدرتها الرائعة على الإبتكار. وظيفة روى كانت إدارية. وأعربت، في سياق الحديث، عن إمتنانها الكبير لدعم بلدتها سعدنايل بهذا المشروع الإستثماري وتوجهت الى الفتيات اللواتي يعانينّ من إعاقات بالقول: "كوني قوية ولا تستسلمي أبدا. إرادتك هي الأمل الذي تتحلين به ويجعلك أقوى. إعملي بجدّ وجهد لتحقيق كل ما تحلمين به".