المساعدة في إجراء تصليحات المياه اللازمة يحافظ الإتحاد الأوروبي واليونيسف على وصول المياه الى الاسر
بعدما أثرّت الأزمة الإقتصادية في لبنان على قدرة مؤسسات المياه في إجراء الصيانة والتصليحات المكلفة المطلوبة، دعمت اليونيسف، بتمويل من الإتحاد الأوروبي، وصول المياه الى الأسر في البلاد

- متوفر بـ:
- English
- العربية
مع إنتصاف فصل الصيف، وفي ظلّ حرّ شديد، بدا عدم وصول المياه الى منازل كثيرة بمثابة كابوس لأسر عديدة بينها أسرة نورا، التي لديها أربعة أولاد وتعتني بثلاثة أحفاد أيضا.
"العيش بدون مياه كارثي. لا يمكننا غسل أيّ شيء ولا تنظيف المنزل. وهذا أمرٌ فظيع"- تتذكر نورا ذلك وتضيف "حتى الأطفال ما عادوا قادرين على الإستحمام. كنت أساعدهم على فعل ذلك بسكب المياه من الابريق عليهم. هو أمرٌ بالفعل رهيب".
منزل نورا هو واحد من بين أكثر من 1000 منزل في منطقة نهر الموت، شمال العاصمة بيروت، التي تأثرت في الفترة الأخيرة بانهيار مضخة المياه في بئر مجاورة.
لكن، مع تحرك مؤسسة مياه بيروت وجبل لبنان السريع، وإنجاز الإتحاد الأوروبي وشريكه- اليونيسف، تمّ تصليح بئر نهر الموت في غضون أسبوع.
منذ بداية الأزمة الإقتصادية التي ضربت لبنان ومؤسساته منذ تشرين الاول عام 2019، تضرر قطاع المياه بشدة، كما واجهت الأسر في جميع أنحاء البلاد إنقطاعا في إمدادات المياه.
عندما تنقطع المياه عن المنازل، تضطّر الأسر الى شراء المياه عبر الصهاريج لتعبئة خزاناتها، وهو امر مكلف للغاية بالنسبة للعائلات في لبنان نظرا للتضخم الذي أصاب البلاد.
عند إنقطاع المياه عن منطقة نهر الموت، أصبح لزاما على إبنة نورا أن تنفق على شراء المياه مبلغ 500 ألف ليرة لبنانية كل ثلاثة أيام.
“حين أنجزت تصليحات المياه اللازمة، شعرتُ بالسعادة لأننا أصبحنا قادرين على اللعب من جديد والإستحمام”


وبما ان المشكلة طالت المنطقة بأسرها، أصبحت لائحة إنتظار وصول صهريج المياه طويلة وبات على المواطنين إنتظار وصول مياه الصهاريج ثلاثة أيام على الأقل، ما يعني أنهم إضطروا خلال هذا الوقت لاستخدام مياه الشرب لتوفير الإستحمام الى أطفالهم.
"لم أعد أستخدم المياه إلا نادرا، "بالقطارة"، وساعدني ذلك على توفير ما لدينا من مياه مدة ثلاثة أيام على الأقل" هذا ما قالته: "أراد الأطفال اللعب لكني لم أسمح لهم بذلك... لم أستطع أن أشرح لهم أن الأجواء حارة جدا ولن يتمكنوا من اللعب لأنهم سيضطرون الى الإستحمام وذلك، مع فقدان المياه، غير ممكن".
تراجعت قدرة أربع مؤسسات للمياه تنتشر في مختلف أنحاء لبنان عن العمل بسبب إنخفاض قيمة العملة المحلية بنسبة تزيد عن 90%، وهذا ما خفّض من قدرة تلك المؤسسات على شراء الوقود، الذي ارتفعت أسعاره كثيرا، ولم يعد بمقدورها تشغيل المولدات تعويضا عن نقص كهرباء الدولة. قطع الغيار اللازمة لإجراء التصليحات المستمرة والصيانة إرتفعت أسعارها أيضا كثيرا.
منذ كانون الثاني/ يناير 2022، يعمل الإتحاد الأوروبي، بالشراكة مع اليونيسف، الى جانب مؤسسات المياه في لبنان لمعالجة قضايا المياه في البلاد، ومواصلة توفير إمدادات المياه قدر الإمكان، في بلدٍ يواجه أزمات كثيرة بينها الأزمة الإقتصادية.
بدعمٍ من الإتحاد الأوروبي، أمنّت اليونيسف تكاليف تصليح وصيانة 400 محطة ومواقع ضخّ مياه عديدة ووفّرت أكثر من 76 طنا من الكلور وكلوريد الحديد، ما أدى الى إيصال ما لا يقل عن ساعة واحدة إضافية من المياه يوميا، الى 500,000 شخص تقريبا كل شهر.

في هذا الإطار، أعرب المهندس في مؤسسة مياه بيروت وجبل لبنان أنطوان الزغبي عن سروره في تمكّن المؤسسة من الإستمرار في توفير المياه حاليا الى الأسر.
وقال الزغبي "بفضل هذا المشروع والأموال الممنوحة من الإتحاد الأوروبي، تمكّن قطاع المياه من الصمود والبقاء والإزدهار" أضاف "إستطعنا أيضا معالجة المياه، من خلال إستخدام الكلور الذي تمّ شراؤه ضمن هذا المشروع".
ثمة تعاون وثيق بين مؤسسات المياه وفرق المراقبة الميدانية التابعة لليونيسف من أجل تنسيق إنجاز الصيانة وكافة التصليحات.
المهندسة رنا الحاج هي جزءٌ من فريق الرصد الميداني في اليونيسف الذي يعمل مع مؤسسة مياه بيروت وجبل لبنان، تقول "كلما اقتضى إجراء تصليحات ما ننزل الى الأرض، نراقب ميدانيا ونرى بالعين المجردة سير العمل للتأكد من ان كلّ شيء يجري بسلاسة".
“كنت أشعر بالحزن الشديد في كل مرة أفتح فيها الحنفية ولا أتمكن من غسل يديّ لعدم توافر المياه”

من جهتها، أعربت الحفيدة نورا - 7 أعوام- (التي سّميّت على إسم جدّتها نورا) عن عدم قدرتها على فعل أيّ شيء في غياب المياه، بما في ذلك غسل اليدين وتنظيف الأسنان أو حتى اللعب بسبب الحرّ الشديد وعدم قدرتها على الإستحمام. وتشرح مبتسمة: "كنت أتسمر في مكاني من دون فعل أيّ شيء أما الآن، بعدما تمّ تصليح المياه، أستطيع الإستمتاع من جديد بوقتي واللعب والإستحمام".
تُلازم الطفل علي، البالغ من العمر 9 أعوام، نفس مشاعر شقيقته نورا ويقول "كنت أشعر بالحزن الشديد في كل مرة أفتح فيها الحنفية ولا أتمكن من غسل يديّ لعدم توافر المياه".
"الآن، بعدما توافرت المياه من جديد، اشعر بالسعادة لأنه أصبح بإمكاني الإستحمام حين أشاء بمياه باردة أو ساخنة"- أضاف علي.
نورا الجدّة تشعر هي أيضا بالسعادة لأن أسرتها أصبحت قادرة على توفير المال الذي كانت تنفقه على شراء المياه وتقول "نحن نمرّ بظروف سيئة جدا وبحاجة، في هذه الايام بالتحديد، الى توفير المال لشراء أشياء أساسية أخرى" أضافت "حاليا، بعد أن تمّ تصليح الأعطال وعادت إلينا المياه، بدأنا نرقص ونؤدي "الدبكة اللبنانية" التقليدية وعادت الحياة الى طبيعتها في منزلنا".