بحثًا عن حياة آمنة

قصة مراهق من إريتريا نزح إلى مصر لفرضه أن يصبح طفلًا مجندًا

داليا يونس
قصة مراهق من إريتريا نزح إلى مصر لفرضه أن يصبح طفلًا مجندًا
يونيسف/مصر2021/محمد رجاء
20 حزيران / يونيو 2021

"في إريتريا - عندما تكون في مثل عمري- إما أنك طالب أو جندي. لم أستطع البقاء في المدرسة لأنني اضطررت إلى العمل لإعالة أسرتي، لكن لم أستطع تخيل نفسي كجندي، لذا قررت الهرب ".

جون (اسم غير حقيقي) فرّ من وطنه عندما كان في الخامسة عشرة من عمره "ليعيش في سلام وحرية وأمان" كما يصف. رغم ذلك، لم يجد ما كان يبحث عنه  في وجهته الأولى (السودان) التي كانت في حالة اضطراب سياسي حينها. مما سمعه هناك، بدت مصر مكانًا أفضل لطلب اللجوء حيث كان هناك الكثير من المنظمات التي تساعد الأطفال اللاجئين في القاهرة. لذلك قرر أن يبدأ رحلة أخرى محفوفة بالمخاطر إلى مصر.

يقول جون: "لقد كانت رحلة مليئة بالصعوبات والخوف، كنت قلقًا لأنني كنت ذاهبًا إلى مكان لا أعرف فيه أحدًا، لكنني الآن ممتن".

بعد وقت قصير من وصوله، علم أن هناك فرصة ذهبية: برنامج التعلم السريع الذي يمكن أن يعيده إلى المدرسة.

العودة للدراسة للطلبة الأفارقة في مصر

في مصر، يُسمح للأطفال من الجنسيات الأفريقية المختلفة بدخول امتحانات الشهادة السودانية. لكن غير المصحوبين والمنفصلين عن ذويهم من هؤلاء الأطفال يواجهون الكثير من المصاعب في ذلك، فأغلبهم قد تركوا الدراسة بسبب الحرب في بلدهم لسنة أو أكثر ويحتاجون إلى الكثير من المساعدة والدعم في المذاكرة لكي يستطيعوا الالتحاق بالدراسة مرة أخرى.

لمساعدة الأطفال الأفارقة غير المصحوبين والمنفصلين عن ذويهم على الاستعداد لإعادة التسجيل في التعليم الرسمي وفي الصفوف المناسبة لقدراتهم، وضعت يونيسيف وخدمة الإغاثة الكاثوليكية -الشريك المنفذ- برنامج التعلم السريع والمهارات الحياتية للاجئين الأفارقة في مصر، وهو برنامج ناجح مدعوم بسخاء في إطار برنامج آفاق "PROSPECTS" – وهي شراكة بين سفارة هولندا، ومؤسسة التمويل الدولية، منظمة العمل الدولية، والمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين ويونيسف.

 على مدار سنتين، يتلقى الطلبة الأفارقة دعمًا تعليميًا وماديًا جنبًا إلى جنب مع الدعم النفسي والحماية قدر الإمكان. 

العلاج بالفن هو أحد جوانب البرنامج لمساعدة الأطفال على التعامل مع الصدمات والمشقة التي مروا بها. يقول جون: "أشعر بالأمان عندما أرسم. عندما تتجسد فكرة في عقلك على الورق، تشعر أنها منطقيًا أكثر وتشعر أنك بحالة جيدة. لهذا السبب أحب الرسم."

الجائحة والامتحانات

جاء فيروس كورونا المستجد ليغلق كافة المنشئات التعليمية ويؤجل الامتحانات حتى إشعار آخر، بما فيها امتحانات الصف الثامن في نظام التعليم السوداني (ما يوازي الصف الثالث الإعدادي في مصر) التي كان جون يتأهب لدخولها بعد شهرين فقط.

التزم 58 طالبًا في البرنامج بالبقاء في المنزل لخمسة شهور كاملة في أجواء من عدم اليقين بشأن مستقبلهم، بالإضافة إلى الأعباء الصحية والمالية والنفسية التي يواجهونها بشكل أكبر من غيرهم لنقص الدعم المجتمعي والعزلة.

في هذه الفترة، شجعت يونيسف جميع شركائها بما فيهم CRS على استخدام التكنولوجيا ومنصات الإنترنت المختلفة للاستمرار في تقديم الدعم للأطفال. فقامت CRS بتطوير مجموعة متنوعة من أساليب التخفيف والتحفيز لتشجيع الطلاب على مواصلة دراستهم وخلق شعور بالتضامن والمؤازرة.

قصة مراهق من إريتريا نزح إلى مصر لفرضه أن يصبح طفلًا مجندًا
يونيسف/مصر2021/محمد رجاء
"أشعر بالأمان عندما أرسم. عندما تتجسد فكرة في عقلك على الورق، تشعر أنها منطقيًا أكثر وتشعر أنك بحالة جيدة. لهذا السبب أحب الرسم."

التحول إلى بيئة افتراضية

 حولت CRS فصول المراجعة لطلاب الصف الثامن إلى البيئة الافتراضية باستخدام منصات مختلفة، وقامت بإنشاء مجموعة واتساب لطلاب الصف الثامن والمعلمين لمشاركة مواد المراجعة ومقاطع الفيديو التعليمية، ومجموعة أخرى للتوعية ومشاركة أحدث المعلومات والاحتياطات المتعلقة بفيروس كورونا المستجد وأي تحديثات ذات صلة من مؤسسات أخرى تدعم اللاجئين.

 ولضمان عدم مواجهة الطلاب لصعوبات في الوصول إلى المواد التعليمية عبر الإنترنت، تم توفير دعم مادي إضافي للمصروف الشهري للطلاب للاشتراك في باقات الإنترنت.

أعلنت السفارة أخيرًا أن الاختبارات ستستأنف في غضون شهر وتمكن جون من النجاح بدرجات جيدة. يقول: "أتيت إلى مصر بحثًا عن السلام والفرص، ووجدت ما توقعت."

بالنسبة لجون، لم يكن البرنامج مجرد خطوة تقربه أكثر من حلمه في أن يصبح صيدلانيًا، لكن فرصة عظيمة للاختلاط بالأفارقة من جنسيات مختلفة بما في ذلك المصريين.