لاجئ للمرة الثانية
حين أتيحت له الفرصة للعودة للدراسة، توقفت الدراسة في العالم كله، لكنه لم ييأس

- متوفر بـ:
- English
- العربية
أحمد (اسم غير حقيقي) هو صومالي فرّت عائلته من الحرب مرتين.
كانت المرة الأولى قبل ولادته، حيث لجأت الأسرة إلى اليمن هربًا من الحرب الأهلية في الصومال بحثًا عن حياة مستقرة وآمنة لأحمد وأخوته. لكن حين بلغ أحمد الـ14 عامًا، اضطرت العائلة للنزوح مرة أخرى من اليمن بسبب الحرب. ووجد الشاب المراهق نفسه في قلب القاهرة المزدحم عام 2018.
يقول أحمد: "اليمن مجتمع مغلق عن مصر، لما جينا قابلنا ناس من أجناس وديانات وثقافات مختلفة. مصر خلّتنا نتعرف أكتر على الناس."
كانت والدة أحمد قلقة بشكل كبير أحمد وعلى أخوته من المجتمع الجديد، ولزم أطفال العائلة البيت لشهور طويلة خوفًا عليهم كما يحكي أحمد قائلًا: "في الأول كنت خايف لأن كان بيتقال لنا إن مصر فيها عنصرية وناس كتير ممكن تتهجم أحمد علشان انتا أجنبي وأسمر. بس دي مطلعتش قاعدة عامة يعني.""
وفي أحد الأيام، نصحت إحدى الصديقات الأم بأن تسعى لإيجاد من يساعد أحمد في العودة للدراسة التي تخلف عنها سنتين كاملتين بسبب الحرب والنزوح.
يقول أحمد: "أنا سبت الدراسة وأنا في تانية إعدادي والمفروض دلوقتي أكون في تالتة ثانوي، ولما جيت مصر كان نفسي أرجع للدراسة تاني على طول."
العودة للدراسة للطلبة الأفارقة في مصر
في مصر، يُسمح للأطفال من الجنسيات الأفريقية المختلفة بدخول امتحانات الشهادة السودانية. لكن غير المصحوبين والمنفصلين عن ذويهم من هؤلاء الأطفال يواجهون الكثير من المصاعب في ذلك، فأغلبهم قد تركوا الدراسة بسبب الحرب في بلدهم لسنة أو أكثر ويحتاجون إلى الكثير من المساعدة والدعم في المذاكرة لكي يستطيعوا الالتحاق بالدراسة مرة أخرى.
لمساعدة الأطفال الأفارقة غير المصحوبين والمنفصلين عن ذويهم على الاستعداد لإعادة التسجيل في التعليم الرسمي في الصف المناسب للعمر والقدرات، تدعم يونيسف الشريك المنفذ خدمة الإغاثة الكاثوليكية (CRS) لتنفيذ برنامج التعلم السريع ومهارات الحياة في عدة مدارس مجتمعية للاجئين الأفارقة في مصر. على مدار سنتين، يتلقى الطلبة الأفارقة دعمًا تعليميًا وماديًا جنبًا إلى جنب مع الدعم النفسي والحماية قدر الإمكان. يمول هذا المشروع برنامج آفاق "PROSPECTS" – وهي شراكة بين سفارة هولندا، ومؤسسة التمويل الدولية، منظمة العمل الدولية، والمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين ويونيسف.
كان أحمد من أذكى الطلاب وأكثرهم التزامًا عندما التحق بالبرنامج، وحين اقترب البرنامج من نهايته كان في قمة حماسه للعودة للدراسة بعد زمن طويل من الانقطاع حتى حدث ما لم يكن يتوقعه على الإطلاق، ويصف ذلك بقول له: "لما قررت أرجع، العالم كله وقف."
الجائحة والامتحانات
جاء فيروس كورونا المستجد ليغلق كافة المنشئات التعليمية ويؤجل الامتحانات حتى إشعار آخر، بما فيها امتحانات الصف الثامن في نظام التعليم السوداني (ما يوازي الصف الثالث الإعدادي في مصر) التي كان أحمد يتأهب لدخولها بعد شهرين فقط.
التزم أحمد و58 طالبًا من زملائه في البرنامج بالبقاء في المنزل لخمسة شهور كاملة في أجواء من عدم اليقين بشأن مستقبلهم، بالإضافة إلى الأعباء الصحية والمالية والنفسية التي يواجهونها بشكل أكبر من غيرهم لنقص الدعم المجتمعي والعزلة.
في هذه الفترة، شجعت يونيسف جميع شركائها بما فيهم CRS على استخدام التكنولوجيا ومنصات الإنترنت المختلفة للاستمرار في تقديم الدعم للأطفال. فقامت CRS بتطوير مجموعة متنوعة من أساليب التخفيف والتحفيز لتشجيع الطلاب على مواصلة دراستهم وخلق شعور بالتضامن والمؤازرة.
ومن خلال مكالمات الإرشاد، تواصل المعلمون والميسرون بانتظام مع الطلاب ليبقوا على اطلاع دائم باحتياجاتهم وأي صعوبات مالية أو تعليمية تواجههم، وكان يتم تقييم احتياجاتهم الناشئة عن الوضع غير المسبوق وتزويدهم بجلسات مهارات حياتية ودعم نفسي واجتماعي عبر الإنترنت.
تقول جيني أيمن مسئولة برنامج التعليم في CRS: "الجلسات الأونلاين وقت الكورونا مكانش هدفها بس إننا نشجع اللأولاد على المذاكرة وإنهم ما يفقدوش الأمل في دخول الامتحان، لكن كمان نحسسهم إنهم مش لوحدهم وإن فيه حد بيدعمهم من خلال التفاعل المستمر والمناقشة معانا ومع زملائهم في الفصل."
يصف أحمد تلك الجلسات بأنها: "خلّتنا منحسش بالوقت الطويل اللي قعدناه في البيت."