جسر بين القارات: يونيسف مصر ويونيسف إنوتشنتي Innocenti يمهدان الطريق للقيادات الشبابية نحو المستقبل

نظرة شخصية على كيف يونيسف تشجع قادة الغد

دينا حسنين
نظرة شخصية على كيف يونيسف تشجع قادة الغد
يونيسف/مصر2024/رحاب الدليل
22 أيلول / سبتمبر 2024

في صيف 2023، كانت روان البنداري، 23 عام، والتي تخرجت مؤخرًا من إحدى الكليات المتخصصة في مجال الاقتصاد والإدارة، تتصفح موقع "لينكد إن LinkedIn" بحثًا عن فرص جديدة ومبتكرة. وقبل ثلاثة أيام فقط من الموعد النهائي للتقديم، لفتت انتباهها زمالة "إنوتشنتي للتوقعات والرؤى المستقبلية"  the Innocenti Foresight Fellowship. ترددت روان في البداية، ولم تكن واثقة من قدرتها على اجتياز المرحلة الأولى من الاختيار. ولكن المفاجأة كانت أنها تم اختيارها للزمالة، لتنضم إلى 11 زميلًا آخر من مختلف أنحاء العالم.

وتهدف زمالة "إنوتشنتي" the Innocenti Foresight Fellowship، التي يقودها مكتب إنوتشنتي العالمي للأبحاث والتوقعات المستقبلية التابع لليونيسف UNICEF Innocenti – Global Office of Research and Foresight، إلى تزويد الشباب بالمهارات اللازمة التي تساعدهم على التفكير النقدي في المستقبل، وفهم القضايا العالمية، وتيسير تعاونهم مع مكاتب يونيسف في بلدانهم لقيادة المشاريع المتعلقة بالتوقعات والرؤى المستقبلية.

أمضى المشاركون الجزء الأول من البرنامج في تنمية مهاراتهم المتعلقة بالتوقعات المستقبلية، وتعلم التفكير في المستقبل، وكيف يمكن أن يصبحوا صنّاع التغيير في المجتمع. بعد ذلك، قاموا، بالتعاون مع مكاتب يونيسف في بلدانهم، بتصميم وتنفيذ مشاريع ترتبط بالرؤية المستقبلية وتسهم في توجيه البرامج ذات المجالات المختلفة. وقد تواصلت روان مع غادة نادي، مسؤولة إدارة المعرفة في مكتب يونيسف بمصر، للتعرف على الأولويات الوطنية واختيار موضوع مشروعها. كان واضحًا: مستقبل العمل.

وفقًا لتقرير يونيسف حول "فهم تطلعات الشباب في مصر" الصادر في 2022، يواجه الشباب المصري، خاصة في الصعيد والدلتا، صعوبات في العثور على وظائف جيدة، مما يدفعهم للبحث عن تدريب إضافي لتحسين مؤهلاتهم. وأشار التقرير إلى أن أهم العوامل التي يبحث عنها الشباب عند التوظيف هي الراتب، ومكان العمل، وساعاته. وتهتم النساء أكثر بمكان وساعات العمل مقارنة بالرجال. إن هناك رغبة قوية في إحداث التغيير، خاصة بين الفئات ذات الدخل المنخفض.

وتعد البطالة بين الشباب في مصر قضية ملحة وتمثل مصدر قلق حقيقي، حيث ترتفع معدلات البطالة بين الشباب المتعلم، خاصة بين النساء. فمعدل البطالة بين الشابات في مصر أعلى بنحو 2.5 مرة مقارنة بالشباب الذكور، مما يؤدي إلى بقاء العديد من الشابات المؤهلات والطموحات عاطلات عن العمل، ويحرم المجتمع من طاقات كبيرة وكفاءات عالية.

نظرة شخصية على كيف يونيسف تشجع قادة الغد
يونيسف/مصر2024/رحاب الدليل

"إن زمالة "إنوتشنتي للتوقعات والرؤى المستقبلية" الموجه للشباب والشابات هي وسيلة مبتكرة لإشراكهم بشكل فعّال في تحليل القضايا الناشئة التي قد تشكل مستقبلهم"، هكذا قالت غادة نادي. "وبدعم من شريك يونيسف في مصر، مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار التابع لمجلس الوزراء المصري، طبقت روان الوسائل التي تعلمتها في الزمالة لخلق مساحة للشباب المشاركين لتحليل السيناريوهات المستقبلية المحتملة المتعلقة بمستقبل العمل. وكان من المدهش حقًا أن نسمع كيف يرون المستقبل وما الذي يهمهم فعلاً، مما وفر لنا رؤى مهمة للبرامج والأبحاث."

وقد أثمرت هذه الخطوة عن تنظيم ورشة عمل طموحة حول استشراف المستقبل في مركز المعلومات والتقنية التابع لمجلس الوزراء المصري، حيث جمعت الورشة خمسة وعشرين باحثاً مصرياً شاباً وواعداً، وقادتهم روان في رحلة استكشافية لمدة يومين لتحديد معالم سوق العمل المستقبلية في مصر، و تميزت الورشة باندماج الأفكار حيث خاض المشاركون تجربة عملية للتخطيط للمستقبل وتوقع ملامحه.

وعن هذه التجربة تقول روان: "إذا سألتني هل كان سهل؟ سأقول نعم ولا... كان من الأمور التي شغلتني هو تقديم عملية توقع المستقبل والتخطيط له لمجموعة من الشباب لأول مرة. هل سيهتمون؟ هل سيقتنعون بشخص في مثل عمرهم ليكون ميسرًا ومدربًا لهم؟" هكذا كانت تفكر روان في الأمر.

إحدى المشاركات قالت: "أحببت أن الميسرة كانت في مثل عمري"، كان ذلك في إشارة منها إلى أحد الجوانب التي استحسنتها في الورشة.

أدركت روان خلال رحلتها أن "الشباب لديهم رغبة كبيرة في التعلم من بعضهم البعض."

وأوضحت روان أيضًا أن جميع المشاركين في الورشة شاركوا أفكارهم بحرية دون خوف من الحكم عليهم. كانوا يتطلعون إلى بيئات عمل عادلة، داعمة، وحديثة، ويتمنون الحصول على وظائف تشجع الأفكار الجديدة وتحترم حقوق الجميع. كما وضعوا تصورات لمناهج دراسية تعمل على تطوير مهارات الطلاب الشخصية وتعدهم لسوق العمل في وقت مبكر، مع تشجيع التفكير النقدي لديهم.

نظرة شخصية على كيف يونيسف تشجع قادة الغد
يونيسف/مصر2024/رحاب الدليل

عبد الله محمد، 24 عام من سوهاج، وأحد المشاركين في الورشة، قال عارضًا وجهة نظره ورؤيته: "أعمل في مكتب للدراسات المستقبلية.  وأرى إن هناك الكثير من الوظائف، مثل خدمة العملاء، سوف تعتمد على الآلة في المستقبل، ولكن هناك مجالات أخرى مثل الطب تواجه تحديات أخلاقية تجعل من الصعب اعتمادها على الآلة بشكل كامل. وهناك إمكانات كبيرة تتيح الجمع بين الإنسان والذكاء الاصطناعي. وأرى أن دوري هو استخدام الذكاء الاصطناعي لبناء نماذج تمكن من توقع المستقبل بشكل أكثر دقة."

نظرة شخصية على كيف يونيسف تشجع قادة الغد
يونيسف/مصر2024/رحاب الدليل

وتستمر الرحلة، مع الاستفادة بالرؤى المستخلصة من ورشة العمل في توجيه السياسات والتدخلات المستقبلية.

هذه القصة هي شهادة على التأثير الذي يمكن أن تحدثه برامج التعاون مع يونيسف على حياة الشباب، حتى وإن فصلت بينهم القارات. دعونا نواصل الاستثمار في تمكين الشباب مثل روان ليصبحوا عناصر فعّالة ودافعة للتغيير الإيجابي وبناء عالم أكثر قوة وعدالة.