تمكين الأطفال حتى يتفاعلوا مع العالم الرقمي
تحقيق إمكانات بلا حدود: التقنية تُمكِّن الأشخاص ذوي الإعاقة
كيف تبشّر التكنولوجيات الرقمية بمستقبل مشرق
رؤية للمستقبل: تأملات حول حقوق الطفل في العصر الرقمي
إن الأمر لمؤسفٌ حقًا، ألا تشاطرونني الرأي؟ لم نعد نثق بالآلات لتؤدي شيئًا ما فحسب بل فوّضناها بأن تقرّر أيضًا ما الذي علينا فعله ومتى.
ما انفكّت ثقتنا بالتكنولوجيا منذ أجيال تقتصر على كونها ستؤدّي حتمًا ما يُتوّقع منها فعله - فنحن نثق بأن الغسالة تنظّف ملابسنا أو بأن الصرّاف الآلي يسلّمنا نقودنا. ولكن، ما الذي سيحدث يا ترى لو ركبتُ سيارةً ذاتية التشغيل؟ لا بدّ إذًا من أن أفوّض إلى نظامها أن يقرّر إن كان عليه الانعطاف يسارًا أم يمينًا أو الالتفاف أو التوقّف. كثيرًا ما يُساق هذا المثال للتدليل على الكيفية التي تجعل بها التكنولوجيا الملايين من الأشخاص يُبدون ما أسمّيه "الثقة العمياء" عندما نخاطر ونقدِم على أمرٍ جديدٍ أو نؤدي شيئًا اعتياديًا بطريقةٍ مختلفةٍ تمامًا.
تطرح الثقة العمياء بالذكاء الاصطناعي، وما شابهها من أشياء، سؤالاً جديدًا وملحًّا، ألا وهو: حين يكون لآلةٍ ذلك الكمّ الهائل من السيطرة على حياة أبنائنا، فكيف لهم أن يبدؤوا بالوثوق بنواياها؟
سوف يكبر الجيل القادم في عصرٍ تتّخذ فيه أدوات ذاتية التشغيل القرارات بالنيابة عنهم في المنازل والمدارس والمشافي، بل حتّى فيما يخصّ حياتهم العاطفية. ولن يكون السؤال بالنسبة لهم هو "كيف نثق بالروبوتات؟"، بل "هل نثق بها أكثر من اللازم يا ترى؟" وفي خضمّ سعينا المحموم لرفض القديم وقبول كل ما هو جديد، ربما ينتهي الأمر بأطفالنا إلى وضع الكثير من الثقة وبكلّ سهولةٍ في مواضع خاطئة.
من التحدّيات الكبرى التي تواجهنا تقريرُ المكان والزمان المناسبين لتحويل الثقة إلى ضربٍ من ضروب الرموز الحاسوبية. وحريّ بنا أن نمدّ الأطفال بأدواتٍ للحكم على ما إذا كانت الآلات أهلاً للثقة (أو آمنةً) بما يكفي كي تتخذ القرارات. وعلاوةً على المخاوف الأمنية، فإن المسألة الأهم هي إن كان بوسعنا أن نثق بأن هذه الروبوتات ستتصرّف على نحوٍ أخلاقي. وبالتحديد، كيف لها أن "تتعلّم" ما الخطأ وما الصواب؟
إنّ لمن العار أن نجد أنفسنا وسط عالمٍ مؤتمتٍ جدًا لدرجةٍ تجعلنا نتّكل فقط على آلاتٍ وخوارزميات في اتخاذ قراراتٍ بشأن ما ينبغي علينا الوثوق به. إنه عالمٌ خالٍ من اللون والحركة المتولّدين عن النقص الذي جبل الله عليه ابن آدم، وإذا ما تركنا الحبل على الغارب، فلربّما نقع في أخطار لا تُحمد عقباها. إن البشر بما فيهم من نزواتٍ وطفراتٍ رائعة هم وحدهم من يجعل من الثقة أمرًا ممكنًا - وليس التكنولوجيا أو الرياضيات.
وإذا أردنا أن يستوعب الجيل القادم ذلك، فعلينا أن نراعي في التصميم إتاحة "وقفة ثقة"، وهي فاصلٌ زمنيٌ يسمح للأطفال بأن يتوقّفوا ويتفكّروا قبل أن يعمدوا تلقائيًا إلى النقر أو التحريك أو المشاركة أو القبول. وخيرٌ لهم أن يسألوا "هل أنت متأكد؟" قبل أن يُقدموا على فعل شيء. وحريٌ بنا أيضًا أن نمدّهم بالمعرفة والتعليم الذي يساعدهم في أن يقرّروا: هل هذا الشخص أو المعلومة أو الشيء أهل لثقتي؟