فى تركيا، أماكن متنقلة ملائمة للأطفال تردم الفجوة بين الأطفال السوريين والأتراك

بالتعاون مع جمعية الهلال الأحمر التركي، تدعم اليونيسف الأماكن المتنقلة الملائمة للأطفال بتمويل من عدة أطراف مانحة.

بقلم دوناتيلا لورتش
يشبك الأطفال أيديهم على شكل حلقة أمام شاحنة كبيرة.
UNICEF Turkey/2017/Lorch
24 تموز / يوليو 2017

إزمير، تركيا، 24 تموز/يوليه 2017 - لن تسمح رغد لأي شخص بأن يوقفها. استيقظت اللاجئة السورية ذات الاثني عشر عامًا في الساعة السادسة صباحا، وارتدت ملابسها وحضرت الإفطار لشقيقيها الأصغر منها. والآن يقف ثلاثتهم، وهم يرتدون معاطفهم، وأوشحتهم ملفوفة حول أعناقهم، على الباب مبتسمين وهم يطلبون من أمهم بأن تُسرع.

 " أنا لن أذهب،" تقول أمهم خولة " إنها تُمطر. والجو بارد. لا أستطيع أن آخذكم. اذهبوا وحدكم."

ولكن الأطفال ينتصرون في نهاية المطاف ويتوجه الأربعة في رحلة تستغرق ساعة واحدة بالحافلة الى وجهتهم: موقف سيارات مدرستهم. تحول المطر الى رذاذ لكن أمطار الليل الغزيرة خلقت بركًا كبيرة. الأخوة لا يعيرون أي اهتمام لذلك. فهم مفتونون بمقطورة طويلة، مرسوم عليها سور أبيض وأطفال يرقصون بالأحمر والأزرق والأصفر والأخضر.

والمقطورة من الداخل أكثر ترحيبًا. في غرفة نشاط واحدة مساحتها 45 مترا مربعا، بالونات تتدلى من السقف، وفرش ملونة تغطى الأرض وأرائك حديثة مصغرة مرصوصة على الجدران.

"هذا المكان جميل جدا" تهمس رغد. "وهو دافئ كذلك."

UNICEF Turkey/2017/Lorch

ويركز موظفو الشباب من الهلال الأحمر التركي على التواصل، وأنشطة إزالة الحواجز، وكذلك تقديم المناقشة المنظمة بشأن حقوق الطفل والصحة والتنمر وغيرها من الموضوعات. موضوع اليوم يركز على قواعد المرور.

الشاحنة التي تديرها جمعية الهلال الأحمر التركية بالاشتراك مع اليونيسف، هي إحدى المكانين الملائمين المتنقلين للأطفال في تركيا. مثلها مثل 28 مكانًا ملائمًا للأطفال والتي تعمل في مراكز حول تركيا، تُقدم الشاحنتان مكانا آمنًا للأطفال اللاجئين السوريين يمكنهم فيه اللعب والتعلم والحصول على الدعم النفسي الإجتماعي. وتعمل الشاحنة الثانية خارج سانليورفا في جنوب شرق تركيا.

تركيا موطن لأكثر من 3 ملايين لاجئ سوري أكثر من نصفهم من الأطفال. الأماكن المتنقلة الملائمة للأطفال تستقبل أيضا الأطفال الأتراك من المجتمعات المحلية وتعمل كهمزة وصل لتسهيل التماسك الإجتماعي.

تظل شاحنات الأماكن الملائمة للأطفال مصفوفة لما يقارب الشهرين بالقرب من المدارس التركية التي تضم أعدادا كبيرة من الطلبة السوريين. وتقدر اليونيسف أن 400 طالب تقريبًا يحضرون الى الأماكن المتنقلة الملائمة للأطفال شهريًا. وبالإضافة الى أنشطة اللعب، يركز موظفو الشباب في الهلال الأحمر التركي على التواصل الجماعي، وأنشطة إزالة الحواجز فضلا عن تقديم مناقشات منظمة بشأن حقوق الطفل والصحة والتنمر وغيرها من الموضوعات. جلسة اليوم الصباحية مخصصة لمن هم في عمر 8 الى 11.

وصلت الشاحنة في اليوم السابق، في اليوم الاخير من الفصل الدراسي التركي. قدم موظفو الشباب في الهلال الأحمر التركي أنفسهم للأسر والمعلمين وشرحوا كيفية عملهم. وفى صباح اليوم التالي، يجلس 20 طفلا على الفُرش معًا.

UNICEF Turkey/2017/Lorch

طفل يرسم على قطعة من الورق. فُرش ملونة تغطي أرضية غرفة نشاط مساحتها 45 متر مربع وأرائك حديثة مصغرة مرصوصة على الجدران.

" لدينا اليوم مجموعة مختلطة من الاطفال السوريين والاتراك" توضح هلال (30 عاما) وهي موظفة شباب في الهلال الأحمر التركي. "دعونا العائلات للانضمام الينا ايضا. فالآباء مهمين جدا. ونحن نريدهم أن يكونوا مدركين ومرتاحين تماما الى ترك أطفالهم".

مثل العديد من المدارس الحكومية التركية والتي تقبل اللاجئين السوريين، فإن هذه المدرسة مكتظة ويتلقى فيها الطلبة الدروس بالتناوب. تعتبر الشاحنة متعة خاصة. تعرف هلال وزملاؤها كيف يجعلون التعلم ممتعًا.

يركز موضوع اليوم على زيادة الوعي بقواعد المرور. توزع دفاتر الرسم وأقلام التلوين في حين يشرح أحد موظفي الشباب من الهلال الأحمر التركي إشارات المرور وأرقام الطوارئ وإشارات الشوارع. وتمتلئ الغرفة تدريجيا، بالثرثرة والضحك.

"أحب الرسم،" , تقول رغد هامسة وهى منحنية على دفترها بالقرب من شقيقيها. "نحن نرسم في المنزل طوال الوقت".

يتكون الدرس النهائي من وضع علامات الطريق على خارطة طريق كبيرة جدًا. يرفع شقيقي رغد ايديهما بحماس، وهم يقفزون من على كراسيهم للفت نظر موظفي الشباب.

وتجلس بالقرب أمهم خولة، والتي كانت مُعلمة جغرافيا في موطنهم، وهي سعيدة بتكوين أطفالها لصداقات. فلقد أمضت الاسرة في تركيا أربعة أشهر فقط، وترى خولة بالفعل أن الأطفال وهم من المبتدئين يخلطون الإنجليزية والتركية. تدرس رغد وإخوتها ست ساعات من اللغة التركية فى الأسبوع. وبحلول السنة القادمة، سوف يقومون بدراسة 15 ساعة في الأسبوع. فهم يحتاجون الى الوصول الى مستوى من الطلاقة قبل الانضمام الى الفصول المنتظمة.

كان التأقلم على الحياة في تركيا أصعب بكثير على خولة وزوجها. فهي لا تعمل، وزوجها الذي كان يعمل أيضًا كمدرس، يعمل حاليا في فريق تمهيد الطرق. حيث يجني 70 ليرة تركية ( 19$ دولار أمريكي) في اليوم. وتحن خولة للأيام التي عملت فيها كمُدرسة.

ولكن فرحة اطفالها الظاهرة تقلل من قلقها بشكل ملحوظ. وتبتسم وهي تنحني على رسم ولدها محمود. "إنه منزل،" يعلن بفخر.

وينتهي الاجتماع، ويجتمع الطلبة في الخارج، غير راغبين في العودة الى المنزل. فتاتان، واحدة تركية، وواحدة سورية تسيران يدًا بيد. وهناك احتضان أخير لهلال، موظفة الشباب مع الهلال الأحمر التركي.

UNICEF Turkey/2017/Lorch

الأطفال يرفعون أيديهم بحماس داخل المكان الملائم للأطفال في حين تراقب الأمهات. تتم دعوة الأسر الى هذه الأماكن للمشاهدة او المشاركة في الأنشطة.


الشراكة من أجل الأطفال

بالتعاون مع جمعية الهلال الأحمر التركي، تدعم اليونيسف الأماكن المتنقلة الملائمة للأطفال بتمويل من حكومة ألمانيا (بنك التنمية الألماني)، وحكومة اليابان والاتحاد الأوروبي (الصندوق الإستئمانى). يصل كل منها الى ما لا يقل عن 400 طفل شهريا. وهم يعملون على نحو وثيق مع الادارة الإقليمية للتعليم الوطني والسلطات المحلية من أجل اختيار المدارس التي سيتم وضع الأماكن فيها. ويستفيد كل من الأطفال الأتراك وغير الأتراك من هذه الأماكن.