الطريق الطويل للأمان في صربيا

الطريق الطويل للأمان في صربيا

إعداد مكتب اليونيسف في صربيا
أسر لاجئة ومهاجرة تمشي بجانب السكة على الطريق من جمهورية مقدونيا اليوغسلافية سابقا إلى صربيا.
UNICEF/UNI196291/Georgiev
13 حزيران / يونيو 2016

باهر هو من بين عشرات الآلاف من الأطفال غير المصحوبين بذويهم الذين عبروا البحر المتوسط منذ بداية سنة 2015 بحثا عن الأمان والحماية في أوروبا. يعيش باهر اليوم في بيتروفيكس، مع أسرة بديلة في صربيا، في انتظار أن يلتم شمله بأسرته.
 

صربيا، 13 حزيران 2016 – يذرع فتى صغير يرتدي قبعة كرة المضرب الساحة الأمامية من منزل بيتير وبيترا بيتروفيكس* في بلدة صغيرة في صربيا جيئة وذهابا. كان يرتدي سماعات في أذنيه ويغني بهدوء وهو يستمع لموسيقى الراب.

باهر هو أجدد عضو في أسرة بيتروفيك*، وهو فتى في الـ16 من العمر، أُودع مؤخرا لدى هذه الأسرة البديلة. فبعد أن هرب من أفغانستان قبل بضعة أشهر، قطع رحلة مضنية مر خلالها بأفغانستان، وتركيا، واليونان وجمهورية مقدونيا اليوغسلافية سابقا حتى وصل أخيرا إلى صربيا.
 

يسافر وحيدا عبر أوروبا

لدى وصوله إلى الحدود الصربية، لاحظ المسؤولون أن باهر يسافر وحيدا، ووضح للشرطة أن والداه قدما طلبا للجوء في أوروبا الغربية، ولذا تم تعريفه بشكل رسمي على أنه طفل غير مصحوب بذويه. أودعت الخدمات الاجتماعية الصربية باهر لدى أسرة بديلة حتى يتم لم شمله مع أسرته.

يقول باهر مبتسما وهو يشرح كيف تم قبوله لدى الأسرة البديلة الجديدة: "استغرقتني الرحلة إلى صربيا أربعة أشهر. بيترا امرأة لطيفة جدا، عندما وصلت إلى منزلهم كان وزني 64 كيلوغرام والآن أصبح وزني 72 كيلوغرام".

وفرت أسرة بيتروفيك لباهر الرعاية والدعم اللذان كان بحاجة لهما، فهو أحد القلائل المحظوظين، لأن معظم الأطفال غير المصحوبين بذويهم يفتقرون لشبكات الدعم في أوروبا، ويعاني الكثير منهم من الصدمة النفسية، وتعرض بعضهم للنزاع والعنف والأذى. انقطع اتصال العديد من هؤلاء الفتيان والفتيات مع أهلهم الذين بقوا في ديارهم، أو انفصلوا عن أسرهم خلال الرحلة لأوروبا.

باهر هو واحد من عشرات الآلاف من الأطفال الذين عبروا البحر المتوسط دون أن يكونوا مصحوبين بذويهم منذ بداية سنة 2015 بحثا عن الأمن والحماية في أوروبا. فخلال هذه الفترة شرع أكثر من مليون شخص – معظمهم من سوريا، وأفغانستان والعراق – في رحلة مضنية عبروا فيها البحر، هربا من النزاع والمشقة الاقتصادية. وكانت هذه من دون شك أكبر أزمة للاجئين تواجهها أوروبا منذ نهاية الحرب العالمية الثانية. وفي حزيران 2015، كان 1 من كل 10 واصلين طفل، وفي بداية حزيران 2016 أصبحت نسبة الأطفال من ضمن الواصلين إلى أوروبا هي 35%.
 

بيئة أسرية آمنة للأطفال غير المصحوبين بذويهم

تعد البيئة الأسرية الآمنة ضرورية لنمو وسلامة كل طفل، بغض النظر عن وضعهم. وإضافة إلى باهر، تم إيداع ثلاثة أطفال آخرين لم يبلغوا سن المدرسة بعد لدى أسرة بيتروفيك. وخلال العشرة سنوات الماضية، تم إيداع 15 طفل في رعاية هذه الأسرة، منهم 6 لاجئين ومهاجرين. العمل كأسرة بديلة يجلب سعادة بالغة لبيترا، ولكنها ترى أن هذه المهمة هي مسؤولية كبيرة أيضا.

تقول بيترا: "إنه أمر رائع بالنسبة لي، لا أستطيع أن أجد الكلمات المناسبة لأصف الأمر لك. فأحيانا يكون عليك أن ترعاهم أكثر مما ترعى أطفالك الحقيقيين، لأن مسؤوليتك اتجاههم أكثر".

أما بيتير بيروفيك فيقول والأطفال الثلاثة الذين عادوا من الروضة يركضون حوله: "كانت هناك فترة أربع شهور لم يكن لدينا فيها أي طفل. كان منزلنا فارغا، ولكن عندما بدأنا نتوقع وصول الأطفال شعرنا بفرح شديد. وطالما نتمتع بصحة جيدة ونستطيع القيام بذلك، نحبذ أن نوفر الرعاية البديلة للمزيد من الأطفال".

UNICEF/UNI196290/Georgiev

طفل يحمل أغراضه في كيس قماشي كبير ويمشي بجانب السكة ليعبر من جمهورية مقدونيا اليوغسلافية سابقا إلى صربيا.

ويضيف بيتير قائلا: "من المهم لهم أن يفهموا معنى العائلة، وأن يعرفوا عن كثب معنى أن تنمو وسط أسرة، وكيف تقضي الأسرة أيامها، ماذا يفعل أفرادها عندما يستيقظون من النوم، متى يتناولون الغداء والعشاء، كيف يشاهدون التلفاز سويا، ويمضون الوقت سويا وهم يلعبون".

تعلم باهر قدرا يسيرا من اللغة الصربية في منزل عائلة بيتروفيك. ويريد أن يتعلم كيفية إدارة المنزل من بيتر، لأنه لا يعرف كم من الوقت سيبقى في صربيا. ويقول باهر أنه حتى عندما يعود لأحضان أسرته فإنه لن ينسى أسرة بيتروفيك أبدا.

تستمر اليونيسف في العمل مع وزارة العمل والتوظيف والمتقاعدين والشؤون الاجتماعية لتعزيز نظام الرعاية الأسرية البديلة في البلاد. فبعد عقود من الإصلاح، حققت الحكومة تقدما كبيرا في توفير الرعاية البديلة للأطفال الذين لا يعيشون مع أسرهم البيولوجية، بما في ذلك إيداع الأطفال بشكل طارئ لدى أسر بديلة من قبل الأخصائيين الاجتماعيين.

أثبت هذا النهج نجاحه خلال الاستجابة لأزمة اللاجئين والمهاجرين – حيث توفر الخدمات الاجتماعية الحماية والأماكن لدى الأسر البديلة للاجئين والمهاجرين غير المصحوبين بذويهم في صربيا. فللأطفال كباهر هذا أفضل بكثير من البقاء في مؤسسة أو من الحبس.
 

مناصرة مصلحة الأطفال غير المصحوبين بذويهم

لا نعرف تحديدا عدد الأطفال المنفصلين عن أهلهم أو غير المصحوبين بذويهم الذين قطعوا أوروبا منذ بداية 2015. تشير آخر الأرقام المتوفرة إلى أن حوالي 96,500 طفل غير مصحوبين بذويهم قدموا طلبا للالتماس اللجوء إلى أوروبا سنة 2015 – أي 20% من عدد الأطفال الكلي الذين تقدموا بطلبات لجوء.

تناصر اليونيسف منذ بداية الأزمة إيجاد بدائل لاحتجاز الأطفال غير المصحوبين بذويهم ليتمكنوا من الوصول للخدمات في جميع الأوقات، ولخدمات لم شمل الأسرة في أوروبا. ناصرت اليونيسف أيضا إيجاد إجراءات التماس لجوء فاعلة للأطفال، إضافة للعمل بشكل ممنهج لضمان مصلحة هؤلاء الأطفال عند اتخاذ القرارات المتعلقة بالأطفال. ومن خلال شبكة مكاتب المنظمة القطرية واللجان الوطنية، حشدت اليونيسف وشركاؤها الدعم وكسبت تأييد الحكومات لإتاحة أنظمة رفاه الأطفال الوطنية لأطفال اللاجئين والمهاجرين بحيث تتوفر لهم المزيد من الفرص للحصول على الرعاية الأسرية كما هي حال أطفال البلد.

أصبحت استجابة اليونيسف في صربيا لأزمة اللاجئين والمهاجرين ممكنة بفضل الجهات المانحة، والشركاء، وحكومة جمهورية صربيا.

*تم تغيير الأسماء لحماية هوية أصحابها.